الإثنين , ديسمبر 23 2024
نقابة الصحفيين
محمود كامل

احتفالًا بالأربعين.. “كسرت العداد” !

من قال إن العجز أصعب متاعب الحياة، فلا أقسى من أن تصل إلى محطة الأربعين من عمرك،

فلست شابًا في مقتبل حياته يزهو بشبابه ولا أنت عجوز زهد الدنيا وما فيها، لحظة ترى فيها قطار عمرك يمضي سريعًا، مثل من يرقص على السلم لا صعد مع من صعدوا وارتاحوا ولا بقي في الأسفل يلعب ويلهو مع من يلعبون.

هي مرحلة سخيفة بين من كانوا ينادونه يا ” كابتن” ومن سينادونه قريبًا يا ” عم الحاج”، مرحلة ” عمو” السخيفة.

مرحلة ما بين البينين، فلم تعد تملك وقتًا ولا طاقة ولا طموحًا لتحقيق أحلامك، ولم تصل بعد لمحطة الزهد والترفع.

حنين إلى الطفولة وحنين إلى المراهقة، بل حنين إلى شباب ما قبل الأربعين، أربعون عامًا ضاع أكثر من ربعها في لمح البصر ، فمنذ اثني عشر عاما وأربعة أشهر طالت أعناقنا السماء قبل أن نهوي على الأرض دون أن تتحطم أعناقنا ولكن صابها ما صابها، لندخل الأربعين محملين بأمراض العصر.

عقائديًا بالنسبة لليهودية والمسيحية والإسلام فإن الرقم (أربعين ) هو عدد تكاملي تام يكون بعده إما عذاب أو رحمة.

نزل الوحي على سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-في سن الأربعين، وورد الرقم أربعين في القرآن الكريم أربع مرات، ثلاثة منها في قصة موسى -عليه السلام-، واثنتان منهما في وعد الله تعالى له، والثالثة في مدة التيه، أما الرابعة، فهي في بلوغ الإنسان أشده.

وفي العهد القديم، عندما دمَّر الله الأرض بالماء، جعل السماء تمطر أربعين يومًا وأربعين ليلة، وفي العهد القديم كان موسى على جبل سيناء مدة أربعين يومًا وأربعين ليلة، وتاه شعب إسرائيل في البرية 40 سنة.

وفي العهد الجديد الفترة ما بين قيامة المسيح وصعوده أربعون يومًا.وفي نصوص التوراة فإن الله لم يعط لموسى الشريعة إلا بعد (أربعين) يومًا أتمها صائمًا قائمًا على جبل حوريب كما في سفر الخروج.

وتقول الرواية الحاخاميّة : إنّ إبراهيم، في طريقه إلى جبل حوريب لكي يضحّي لله بابنه، لم يأكل ولم يشرب طوال أربعين يومًا.

مفهوم الأربعين لم يختلف عند كل الفلاسفة من الغرب ومن اليونان ومن بلاد الصين والهند إلى بلاد العرب.

كما أن العادة لا تفرق بين كل الناس بمختلف الديانات فيحزنون على ميتهم أربعين يومًا.

تقول الأمثال يخلق من الشبه (أربعين)، ومن عاشر القوم (أربعين) يومًا صار منهم، ويقول صديقي أحمد من شرب الخمر لا تقبل له صلاة (أربعين) يومًا، بينما يقول صديقي مايكل من كذب على الكاهن لا تقبل له صلاة (أربعين) ليلة.

ويقولون من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبـل له صلاة (أربعين) ليلة .

أرى من سبقوني بسنوات يضحكون على هذه الكلمات وبعضهم يسخر والآخر يمتعض ولسان حالهم يقول “أربعين إيه يا أبو أربعين وإحنا نعمل إيه بقى ده أنت لسه عيل”.لستم “عواجيز” ولست “عيل”، مررتم بما أمر به الآن ولكن النسيان نعمة وهو رهاني الذي أقامر عليه علني أنسى ما فات ولا أتذكر ماهو آت.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.