رفقًا بالقوارير؛ فالقوارير مكانها فوق الرؤوس وليس شربها بالفؤوس.
رفقًا بالقارورة غادة والي.
ماذا فعلت القارورة اللامعة؛ حتى تثير غضبكم بهذا الشكل؟ مهلاً مهلاً.
رفقًا بأعصابكم المطحونة، وقلوبكم التالفة. إن تسرق القارورة، فقد سرقت قوارير أخرى من قبل.
وإن تنحت القارورة فقد نحتت قوارير أخرى من قبل. النحت في بلاد العرب ليس جريمة، والنسخ عندهم ليس ذنبًا عظيمًا.
نحن في زمن المسخ! استأسدتم جميعًا على الكتكوتة مكسورة الجناح، وتجاهلتم كتاكيت أخرى صنعت صنيعها دون أن يمسهم سوء، ودون أن تتأثر مسيراتهم وسيراتهم بشيء.
المجد دائمًا للناسخين، والنصر دائمًا للناحتين، والبقاء دائمًا في بلادنا لأصحاب نظرية: “أنتش وأجري” إلى يوم الدين! أشفقتُ على القارورة الفاتنة عندما حاصرها عمرو أديب -على غير عادته- في برنامجه، ومارس عليها مهنية تخلى عنها منذ زمن طويل بإرادته، وكأنه أراد أن يفتك بها، أو يُذكِّر نفسه بمهنيته التي كانت!
رفقًا بالقارورة يا “عمور”، واعلم -إن لم تكن تعلم وأراك تعلم- أنه لم يكن بوسعك أن تصنع بها ما صنعت، لولا أنك لم تتلقَ فرمانًا علويًا بالرفق بها. افرض مثلاً مثلاً مثلاً يا “عمور” -بصوت “حكيم”- أن كفيلك الخليجي
قرر يومًا أن يستضيفها ويقيم لأعمالها المنقولة متحفًا..فهل سوف تبقى على شراستك مع السنيورة، أم إن تلك الشراسة سوف تتحول تلقائيًا ضد الرسام الروسي، وتطالب بمحاكمته كمجرم حرب ؟ لقد تعلمنا منك يا “أبو العمامير” أن المصالح تتصالح، وأن المال أهم من المبدأ ومن القيمة ومن كل شيء!
أمام التوجيهات المحلية أو السعودية..يبقى “عمرو أديب” وديعًا “لا يهش ولا ينش”، يسأل ضيفه ويجيب في آن واحد، يفتح له دروبًا وأنفاقًا ليخرج منها سالمًا، وينفذ منها آمنًا.
ولكن في ظل عدم وجود هذه التوجيهات.. كاد “عمرو” أن يلتهم فريسته المستأنسة الوديعة..أنا بضيع يا وديع! التمسوا للقارورة سبعين عذرًا، أو سبعمائة، أو سبعة آلاف؛ فالقارورة لم تقترف ما يستوجب كل هذا التجريس و”الألش” السخيف. هي معذورة قولاً وفعلاً.
أما أنتم أيها الغاضبون فاخسأوا فيها ولا تُكلمونِ. القارورة -رغم سنها الصغيرة- فقد خبرت الأمور جيدًا، وعرفت “الفولة”، وعلمت من أين تؤكل الكتف ويُلتهم الصدر و”الورك” أيضًا، وأتقنت اللعبة أيَّما إتقان، وطبَّقت النظرية البرجماتية الخالدة: “الغاية القذرة تبررها وسائل قذرة”! القارورة الثلاثينية لم تعاصر ناحتًا عوقب، ولا ناسخًا اختفى من المشهد، ولا ماسخًا ذهب مع الريح، ولكنها أدركت أن الناحتين والناسخين والماسخين خيرٌ وأبقى.
من المؤكد..أن القارورة عاصرت الشاعر الهويس الذي تمت إدانته بحكم قضائي نهائي بالسطو على أشعار غيره وضمها في دواوينه، ورأت كيف تمت استضافته في برامج متلفزة واسعة الانتشار؛ ليس للحديث عن واقعة السرقة المؤكدة، ولكنه بهدف “الغلوشة والتعمية” وغسل سمعته..ومؤخرًا تمت الاستعانة به لأول مرة ممثلاً!!
ومن المؤكد أن القارورة تابعت واقعة سرقة أحد أغاني المطرب الكبير محمد منير، وكيف أن مؤلفها سرقها من شاعر صعيدي مُعتبر، ولم تتم معاقبته من قريب أو بعيد، بل تم فتح جميع الأبواب والبرامج أمامه : كاتبًا ومطربًا وممثلاً..”سبع صنايع والبخت عمره ما كان ضايع”!
ومن المؤكد أنه تناهي إلى سمع القارورة واقعة الأكاديمي الكبير، وكيف تمت إدانته بحكم قضائي نهائي بالسطو على بعض فصول من كتاب أحد تلاميذه، ورغم ذلك بقى اسمه مرشحًا لمنصب وزاري،
ولما تقدمت به السن، تمت الاستعانة به مستشارًا لأحد الوزراء..وقس على ذلك وقائع تستعصي على العدِّ والحصر، ليس أدناها لجان أبناء الأكابر في الثانوية العامة وغيرها من الوقائع ذات الصلة! هذه الوقائع وغيرها كثير جدًا عاصرتها القارورة واستوعبتها جيدًا، وعلمت أن أبطالها خرجوا منها أكثر شهرة وانتشارًا ومجدًا، فالتزمت دربهم، ومَن سار على الدرب وصل
وها هي قد وصلت، رغم أنوفكم وأنوفنا.. أيتها القارورة الجميلة، أكملي طريق النحت والنسخ والمسخ، ولا تلقي بالاً بمعدومي المواهب وقليلي الحيلة أمثالنا، وأعرضي عن الجاهلين، وكوني كالأشجار المثمرة، يقذها الناس بالطوب والحجارة، فتلقي أطيب اللوحات المضروبة والرسومات المنقولة، والتصميمات المدفوعة بمئات الآلاف من الجنيهات..