بقلم / مايكل عزيز البشموري
هناك أربع حركات قبطية ظهرت في المائة عام الأخيرة كان لها تأثير واضح في تاريخ الاقباط و الكنيسة الحديث . الحركه الاولي : مدارس الاحد وبدأت سنة 1908 (درس بعد القداس) ثم تطورت وبدأت الحركة نشرها فى الثلاثينيات (حوالى 1935 م.).
الحركة الثانية : جماعة الأمة القبطية وتأسست سنة 1952 علي يد المحامي القبطي ابراهيم فهمي هلال .
الحركة الثالثة : حركة شباب ماسبيرو ومؤسسها القمص متياس نصر والقس فيلوباتير عزيز
الحركة الرابعة : حماة الايمان الارثوذكس وهو تنظيم قبطي مكون من اساقفة وخدام تابعين لهم.
لدينا أربع حركات قبطية مختلفة التوجهات بمعدل ٣٠ سنة لكل حركة جديدة وكل حركة لديها أيدلوجية وفكر خاص بها .
الشيئ العجيب والأمر الذي لم يلاحظه البعض ان الحراك القبطي في تلك التنظيمات جاء معظمها كردة فعل في المكان والزمان المحيط به ، فمدارس الأحد القبطية جاءت كرد فعل موازي للارساليات المسيحية الذي كان مستحدث لديها نظام تدريس مدارس الاحد .
وجماعة الأمة القبطية كان بمثابة تنظيم مسيحي موازي ضد جماعة الاخوان المسلمين .
وحركة شباب ماسبيرو ولدت من رحم الموجات الشبابية الثورية ضد نظام مبارك والمجلس العسكري الحاكم وقتئذ وقد مات التنظيم قبل أن يولد فيما يُعرف إعلاميا بمذبحة الاقباط بماسبيرو عام 2011 .
وأخيراً جاء الختام بحركة حماة الايمان الارثوذكسية المتطرفة كرد فعل علي إصلاحات البابا تواضروس الثاني وخطواته نحو الوحدة مع الكنائس وهو الامر الذي لا يتماشى مع تنظيم الحماة المتشددين ضد الطوائف والمعادين لاصحاب المدارس التنويرية الارثوذكسية ، ويرفض اتباع هذا التنظيم أي خطاب إصلاحي داخل الكنيسة المصرية .
وبالنسبة الي صمود التنظيم حتى يومنا هذا لا يرجع الي قوة أتباعه ولا يعني بالضرورة قوة تعاليمهم الروحية واللاهوتية ،
فهؤلاء المتطرفين بالأساس أشخاص جُهلاء لا يحمل الفقيه منهم أي شهادة لاهوتية معتمدة وليس لدى أحدهم دراسات عليا ( ماجستير ودكتواره في علم اللاهوت ) من أجل إعتباره علامة أو مدافعا عن الايمان الارثوذكسي القويم ، غالبيتهم ممولين وحنجورين من أصحاب الاجندات ، وبعيدين كل البعد عن الايمان المسيحي وأغلب خطاباتهم مليئة بالبغضة والكراهية وتكفير الاخر .
وهنا السؤال: كيف سمحت الدولة المصرية بظهور تلك الجماعة المسيحية المتطرفة داخل المشهد القبطي ؟!
الإجابة: طالما تلك الجماعات أو غيرها غير طامعة بالسلطة ولا تعادي النظام السياسي القائم فوجودها مثل عدمه بالنسبة لاصحاب السلطة ، بل بالعكس وجود مثل تلك الحركات القبطية تقدم خدمة كبيرة للمحدقين بالاقباط ويقدمون لنا نظرية جديدة بعنوان : ( اعداء الاقباط الاقباط انفسهم )
وبالفعل نجحت تلك الجماعة المتطرفة بتقسيم المشهد القبطي والكنسي الي كيانات وجماعات متحاربة فيما بينها وهنا أتذكر مقولة استاذنا الكبير نجيب محفوظ :
أتحدي أن تفعل بنا إسرائيل مثلما فعلنا بأنفسنا .
لقد أصبح أعداء الاقباط اليوم هم الأقباط أنفسهم ومشاكلهم أصبحت تتلخص في عدم إدراكهم للواقع الزمني الذي يعيشون فيه ، فهم كما ذكرنا عالية مجرد رد فعل ، وليسوا بفاعلين ، وهو الامر الذي جعل احد اساقفتهم يعترف قائلا : ستون بالمائة من مشاكل الاقباط اليوم سببها الاقباط أنفسهم .
ظاهرة المتطرفين الارثوذكس المعروفين إعلاميا بحماة الايمان هو المسمار الاخير في نعش الطائفية المصرية بعد المشروع الاسلامي ( الاخواني ) وشوكة بظهر الاقباط وكنيستهم ، وستظل إشكاليتهم قائمة لأنه لا يوجد إرادة حقيقية (كنسية ، شعبية ، سياسية)
لمواجهة تلك الجماعة وفضح ممارستها لدي البسطاء والعموم ، وبدء العلاج للقضاء علي هذا الحراك سيحتاج الي سنوات عديدة من الان ، ومن وجهة نظري سوف يحدث ذلك بعد فوات الأوان .