ندوة الآثورين ودورهم .. عبر موقع المجلس الثقافي العراقي
بعد الانتهاء من المشاهد المحزنة للحرب الضروس وبالاسلحة الثقيلة والخفيفة ، بين العشائر في الناصرية والعمارة، وبعد سماع أخبار الفساد وجفاف الأنهار والتصحر والكوارث في الصناعة والزراعة والممتدة الى نخاع الجسد العراقي.
كان لا بد من البحث عن موقع او فيديو ينقل رأي المثقف العراقي الباحث عن الحل ، فكان الدخول في موقع المجلس الثقافي العراقي .. حيث وجدنا أنفسنا وسط أجواءاً من الرتابة والخطوط النمطية المملة تشبه خط القلب الضعيف المتهالك في شاشات أجهزة القلب في العناية المركزة.
وجدنا أفكاراً تعاني من الموت السريري! وكأنها لم تستفد من تجارب الماضي، ولم تجاري التحديث في اطوار الحياة.
تستخدم الشهادة الجامعية لاظهار مواقف يقينية مستمدة من مصادر المنتصرين، من أجل الترويج لكم هائل من المعلومات المتراكمة كجواز مرور فوق عقولنا المتعبة، والتي تسعى دون كلل بضرب التعددية الاثنية والثقافية، ذلك التنوع الذي كان على مدى قرون وقرون مصدراً للاثراء والاغناء للبناء الوطني العراقي في بين النهرين
(بيت نهرين- ميسوبيتاميا) وهذا لا يليق بمن يبحث عن الامانة. وبات واضحاً بان السادة المتحدثين في الندوة لا زالوا يغترفون من الأفكار والمواقف القديمة التي عفى عنها الزمن، فمواقفها اتجاه الآثوريين هي محاولة لتمزيق النسيج الوطني العراقي المهترئ أساساً!، وعقلية (النُخب)هذه، كانت ولا تزال هي المشكلة والعائق وحجر عثرة في طريق التقدم ، اذ لا يمكن للافكار الشمولية –السطحية والسرابية ان تروي ظمأ العطشى وتنقذ سفينة العراق المتجهة نحو منحدرات المجهول .
في هذا العصر لا يمكن إخفاء الحقائق، ونحن بحاجة الى التجرد من المواقف المُسبقة.
ولكن ولحسن حظنا نشاهد الارتقاء في وعي الجيل الجديد المتجرد من العُقد السابقة، أي من الانتماءات الجزئية كالعشائرية والمذهبية والعنصرية نحو فضاءات عراقية حضارية مترابطة وواسعة كالسومرية والبابلية والآشورية.
تتمثل أزمة المثقف العراقي بصورة عامة بفقدانه للبوصلة الوطنية والمشاعر الوطنية الحقيقية، نتيجة الوسط الموبوء بالروائح العفنة و بالعواصف والزلازل السياسية والاقتصادية، وباتت نفوس مُدعي الثقافة وباجتهاداتهم الكمية والتراكمية الأنشائية ، ضحية الازدواجية المتأرجحة بين بقايا مشاعر البداوة والتعصب والحقد من جهة، ومن عبارات كمالية ( اكسسوارات) وكليشهات التحضر من جهة اخرى ( كما شرحها الدكتور علي الوردي)، وأسيرة التناقض بين ماهو واقع فعلاً في الماضي القريب وبين الامنيات التفتيتية الضيقة.
والجميع يزعم بنبذ العشائرية والمذهبية والفساد لكنه يسقط فيها في اول فرصة وأول امتحان. اما الحديث عن التعايش السلمي والاقرار بحق الآخر في الحياة، فهي مجرد شعارات وزخارف ممنقة تلائم موضة العصر، يستر فيها عورة الجهل وعشق التشفي والتنكيل، ويعتقد بنفسه البطولة والانتصار، ولا يدرك بانه غارق في الخيبة والفشل والهزيمة.
نبذة عن ما ورد من أفكار ( سايكوباتية عدائية ) في الندوة التي أقامها المجلس الثقافي العراقي في موقعه الالكتروني والردود عليها :-
– الادعاء بان الآثوريين غرباء عن العراق، وجاءوا الى مناطق نفوذ ( الدولة الفارسية) خلال انقسام الكنائس في الغرب. ومن مناطق هكاري الى العراق.
وجود الآثوريين( الآشوريين) كان مستقراً وآمناً الى حد ما في حكاري ( أكارا- فلاح) قبل قيام المجازر ومذابح التطهير العرقي الشوفيني التي مارسته تركيا العثمانية وبمساعدة بعض العشائر الكردية.
وتزامنت هجرتهم من أراضيهم مع انطلاق عصر نهوض الفكر القومي في اوربا أواسط القرن التاسع عشر ونشوء عمليات التطهير العرقي، فتم استعارة هذه السياسات من قبل ( تركيا الفتاة) ومارستها ضد من أعتبرتهم ألأعداء الكفار الغرباء! والمشركين النجس! من المسيحيين الآثوريين والأرمن واليونانيين.
وأعادت مفهوم الفتح والغزو والقتل والنهب من غياهب التاريخ، وأعادت لشكيل صياغتها والاستيلاء على الأراضي والنساء والمغانم، وعلى دربهم سارت العسكرتاريا العراقية المتخرجة من المدارس العسكرية في الاستانة ومنهم المجرم بكر صدقي ورشيد عالي الگيلاني.
وآمن الكثير منهم بالطورانية وانعكاساتها على العروبة المطُعمة شعبوياً بالإسلام السياسي المكبوت في الدواخل العميقة للشخصية .
عن موقع ويكيبيديا نقتبس : ((مجازر بدرخان بيك كانت عدة مجازر قام بها أميرا حكاري وبوهتان، نور الله وبدر خان، بسكان منطقة حكاري و تياري و تخوما من الآشوريين في النصف الأول من أربعينيات القرن التاسع عشر، ولقي أكثر من 10000 مسيحي حتفهم خلال المجازر. كانت المذابح مقدمة للغارات العثمانية اللاحقة التي أنهت الوضع شبه المستقل الذي كانت تتمتع به القبائل الآشورية في المناطق الجبلية، وكذلك الوضع الذي كان يتمتع به الاكراد.
رأى العثمانيون في الصراع الطائفي فرصة للإطاحة بالإمارات الكردية شبه المستقلة في عام 1847، وإقامة سيطرة مباشرة على المنطقة بأكملها. أدت هذه العمليات التي حصلت على يد القوات العثمانية وبعض القبائل الكردية، إلى مقتل مئات الآلاف من الآشوريين/السريان/الكلدان كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران.
اُعتبرت عمليات ترحيل وذبح المسيحيين في الأراضي العثمانية والمناطق المجاورة من بلاد فارس بمثابة إبادة جماعية من قبل العديد من العلماء والباحثين، وحدثت بالتزامن مع الإبادة الجماعية للأرمن واليونانين.))
انتهى الاقتباس.
واستمرت فتاوى الجهاد تصدر ضد ( المسيحيين الكفرة !) منذ 1847 وعام 1895 في منطقة هكاري وماردين والقرى المحيطة، والى المذابح التي سميت بـ ( سيفو- سيف) 1915 والى سميل 1933 .
ومن المعتقد ان التبرير او الغطاء الديني كان أساسه السرقة والنهب والتغيير الديمغرافي والاستيلاء على الأراضي، فلولا السرقة ما كانت هناك حاجة للقتل !.
وتكونت تركيا من مساحات شاسعة تعود لليونانيين في الغرب والارمن في الشمال الشرقي ومن الآثوريين- السوريان في الجنوب الشرقي.
ولا زالت جذوة المطالب تركيا مستمرة ( بعد لوزان) باراضي أخرى مثل الموصل وكركوك واربيل وحلب، وقبرص والقرم!.
وتم توثيق العديد من المجازر والاحداث بدقة بالتواريخ والمناطق والأشخاص في كتاب ( القصارى في نكبات النصارى ) بقلم شاهد عيان العلامة الاب إسحق أرملة، عدا عشرات الكتب والمصادر المتعلقة بتلك الاحداث من شهود عيان.
رغم إبادة ونزوح اكثر من نصف مليون انسان آشوري، ومليون ونصف ارمني ويوناني، ورغم مشاهد القتل والصلب والتمثيل بالجثث الموثقة من قبل المصورين الالمان ، الا ان الاتراك ينكرون تلك العمليات المشينة التي تركت جروحاً دامية في نفوس احفاد الضحايا!.
ولكن الساحة السياسية والدبلوماسية والإنسانية شهدت أعتراف العديد من الدول بهذه المجازر بما في ذلك الولايات المتحدة .. ولكن في ندوة المجلس الثقافي العراقي يدعي السيد الونداوي بان الاثوريين هم من قتل الاتراك والاكراد بمساعدة الروس، هكذا بدون تقديم أية وثيقة او دليل!.
وينظم اليه السيد سيار متبرعاً على تأييد فكرة ان قوات الليفي الآثورية الغرباء! عن العراق مارست اعمال هولاكو!!! ومن سياق النقاش ( ذو الاتجاه الواحد) كان من المتوقع في نهاية الندوة، ان يطالب الحاضرون من الاتراك والاكراد تقديم طلب التعويضات بسبب الأراضي وعلى الجواري والعبيد والضحايا والخسائر الأخرى التي اغتصبها الاثوريين والأرمن واليونانيين!، من الاتراك والاكراد .!!!
واستمرت عمليات التطهير العرقي من قبل الطبقة السياسية والعسكرية الحاكمة بعد قيام الدولة العراقية والتي كانت من نتاج الدولة العثمانية، بمعنى استمرار السياسات الفاشية منذ فترة السلاطين والتطهير العرقي وصولاً الى مذبحة سميل في سياق متصل متسلسل، مع غض نظر بريطاني الممتعضة من الاستقالات الجماعية والخروج من الليفي الآشوري.
وارادت بريطانيا وضع قوات الليفي في الفخ من جهة، والتاكيد على حاجة العراق الى الانتداب البريطاني بسبب الاحداث الداخلية المروعة. فان كان البعض لا يفهم ويهظم عمليات التهجير والتجاوز على القرى والمدن الآشورية، فان التاريخ يعيد نفسه في الوقت الراهن حيث نشهد عمليات التجاوز على بيوت المسيحيين ومصالحهم والتغير الديمغرافي في انحاء العراق خصوصاً في مناطق سهل نينوى، وإلغاء دورهم وتمثيلهم الحزبي والاجتماعي والتشريعي والتنفيذي الحقيقي.
*- الحديث عن إنكار الأصول الآشورية للآثورين مفضّلين
اطلاق كلمة مسيحيين او نساطرة أو أريوسية أو تيارية عليهم.
الاشوريون هم اصل العراق، وينحدرون من سكان بلاد ما بين النهرين العليا قبل الإسلام. واُعُتمدت اللغة الآرامية القديمة او السُريانية من قبل سكان الإمبراطورية الآشورية الحديثة، حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، وظلت هذه اللهجات الشرقية مستخدمة على نطاق واسع في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين العليا خلال الفترتين الفارسية والرومانية حتى اليوم.
خلال الفترة الآشورية، سُميت دهوك بيت نوهادرا، واستقلت شبه استقلال خلال الحكم الفرثي الساساني في آشور (من 160 قبل الميلاد إلى 250 م).
وأمتدت الممالك الآشورية بعد سقوط الدولة ودخول المسيحية الشرقية وانتشارها، على طول جغرافية العراق
( بيت نهرين)، وشملت أربيل (أربأيلو- حدياب) وبيت جارماي( كركوك) والحيرة والمدائن والكوفة وميشان
( ميسان) والى البصرة والاحواز، وأمتد الوجود الآشوري المسيحي داخل ما تسمُى حاليا تركيا والى منابع نهري دجلة والفرات وصولا الى جبل ارارات في أرمينيا.
لو كتبنا اسم ( آثور) مقابل ( آشور) ومقابل ( آسور) ستنتج كلمات تتناغم لفظياً، وعملية ترادف الأحرف (الثاء والشين والسين) في الأسماء ظاهرة معاشة ومشاعة عند المقارنه والمقاربة ما بين السوريانية والعربية، فالشمس هي شمشا وسومر تلفظ شومر والاسم سوسن هو شوشن وكلمة سلام هو شلاما وهكذا. والسوريانية بحسب التراث الإسلامي، هي لغة آدم و لغة الجنة ومصدر الخط الكوفي والمدلول الحقيقي الدقيق لمعاني العديد من الالفاظ في القرآن.
ولتبسيط الموضوع بالعربية نستعير كلمة تعال. فهي بالسورياني-الآرامي – الآشوري تتغير تبعاً الى اللهجات المتداولة في المدن والقرى: من (ثا) واحيانا عند البعض الآخر (شـا)، وعند البعض الآخر (سـا).
لذا لا توجد لدينا أية عقدة من استخدام جميع هذه الالفاظ، سواءاً أكانت (آثورية أو آشورية أو سوريانية)، فمهما تغيرت العناوين والاسماء، فالمحتوى واحد، والمدلول واحد ان كان يؤكد الهوية والوجود وينصب في الإقرار بمشروعية الحقوق الوطنية والمساواة في المشاركة السياسية والتي هي تماماً الحقوق القومية ( فالاشورية كحضارة تندمج وتنغمس تماماً في الأمة العراقية).
ولما كانت المؤسسات والمنابر الدولية والحكومات تستخدم اللغة الانگليزية، وتستعمل Assyrian كما استعملتها الحكومة العراقية في مراسلاتها في العهود السابقة، فمن المفيد وضع هذه الكلمة في البحث.
Assyrian according to Google Translate : اسم (اسريان) بحسب موقع گوگل:
العربي :آشوري/ – العبري: آشوري/ فارسي: آشوري/ تركي: Asur وتُلفظ آسوش./ ويلفظ الأخوة في سوريا كلمة آشوري بانسيابية ودون تردد.
وقد كتب احد أشهر المؤرخين اليونانيين عن اسم الآشورين بانهم اطلقوا عليهم أسريان لعدم وجود حرف الشين في لغتهم. أما أطلاق اسم الجزء وهي العشيرة ( التيارية) على الكل! او اسم ( الأريوسية) او النساطرة بدلاً من الآشورية!، فحاله مثل الذي يطلق على أعضاء نادي الصيد بالصياديين!. والمفروض ان نكون اكبر من هذه الركاكات والهزالة، فالمسؤولية كبيرة.
اما الادعاء بان المبشرين إخترعوا اسم الآثوريين!. فحقائق التاريخ والدين والمنطق تنفي هذا الأدعاء. فعلى سبيل المثال وخلال فترة المجازر التركية ورغم اضطرار الاثوريين المهددين بالقتل طلب مساعدة روسيا، لم تنظم الكنيسة الاشورية الى الأرثذوكسية، ولم تنظم الكنيسة أيضاً الى كنيسة المبشريين الإنكليز رغم الحاجة الماسة اليهم من أجل الخلاص.
فمن غير المعقول ان يختاروا اسم الآثوري المقدم منهم! ويرفضون الانظمام الى كنائسهم الجميلة وبمغرياتها!. وعبارة ( ارض اثور) مكررة بكثرة في كتب كتاب التاريخ من المسلمين، وفي التاريخ الكنسي لابن العبري وميخائيل الكبير واسد رستم. واليوم يتربع الدكتور سيمو بربولا وتلامذته على رأس من قرأوا وأنصفوا الهوية القومية للآشوريين.
*- اعتبار قوات الليفي قوة من المرتزقة تمارس أساليب هولاكو!. وتقتل الأبرياء!.
نسأل المتحدثين في المجلس الثقافي العراقي: ماذا تنتظرون من ضحايا المجازر والمذابح بعد خسارة أراضيهم وممتلكاتهم وأُسُرهم، غير قبول طوق النجاة من أي كان.
لذا وفي ارض بعيداً عن مناطق سكناهم، قبلوا التجنيد مضطرين في قوات الليفي على أمل الرجوع الى قراهم وممتلكاتهم التي فقدوها.
لكننا لم نسمع شيئاً في الندوة عن العرب والاكراد الذين انظموا الى الليفي أيضاً لان التاريخ يكتبه الاقوياء، وتبقى الحاجة الملحة أكبر عند الأشوريين اللذين لا ظهير لهم ولا سند.
ومن غير الانصاف ان توصف بعض المشاحنات التي حدثت في الاسواق بين الليفي والسكان والضحايا الذين لا يتعدون أصابع اليد في او مع عشيرة أو عشيرتين بانها اعمال المغول وهولاكو!.
فهل خلُصت نوايا المتحدثين؟، وهل يمكنهم اجراء مقارنه بين الاحداث التي جرت وتجري بين العشائر العربية في الوسط والجنوب ( والتي بدأنا بذكرها في بداية المقال) او العشائر الكردية في الشمال في تلك السنوات وبين ما جرى مع قوات الليفي من (مشاجرات)؟.
المطلوب من المتحدثين في الندوة تقديم أسماء القرى والضحايا في المناطق الكردية والتركية التي هجرها الليفي الآثوري( حسب زعمهم) ليتم دفع التعويضات لهم!!
وبالمقابل يتم تقديم اسماء البلدات والقرى الآثورية المنكوبة مع الصور الموثقة للاحداث، منذ مذابح بدرخان وسيفو وسميل، ليتم تدويل الجرائم في الجنائية الدولية والأمم المتحدة والحكومات جميعها لاقرار ما هو ضروري لضمان الحماية والحياة الحرة الكريمة .
باعتبار الآثوريين من المواطنين أو السكان الأصليين، وليتم ضمان وحماية حقوقهم وأراضيهم المتجاوز عليها، دستورياً.
ومن ابرز ما قامت قوات الليفي هو محاربة وافشال حركة المسؤول عن مذبحة سميل رئيس الوزراء رشيد عالي الگيلاني ذو الميول النازية والذي انتهى به المطاف باللجوء الى برلين، والذي كلف الفريق بكر صدقي ذو الميول الطورانية في القيام بمجزرة سميل.
فان كان البعض يبارك تحركات صدقي ضد الأشوريين، فعليهم ان يباركوا أيضاً تحركاته وقمعه ضد العشائر العراقية في الفرات الأوسط وفق مبدأ العدالة والمساواة!!.
وباختصار كانت مشاعر الانتماء والهوية العراقية مفقودة بين الاتجاه البريطاني المتمثل بحكم المملكة والاتجاه التركي المتساوق المانياً، وبعدها بالقومية العربية العفلقية او الناصرية مع ملحقات ضعيفة خارجة عن التحّضر، والمتمثلة بالعشيرة والمتعصبين مذهبياً، والاقطاع المستغِل والفلاح المُستغَل!.
*- زيارة المار أيشا شمعون الى العراق. والاندهاش من الاستقبال الحار له!.
لما رأى الآثوريون عدم مصداقية السياسة البريطانية في حماية الوجود المسيحي الاثوري، قرر أتباع المار شمعون والمجندين في الليفي تقديم استقالاتهم، والتحول الى قوات تتمركز في المنطقة الواقعة بين مدينتي دهوك والعمادية.
ورفضت الأغلبية الاستجابة لدعوة الإنكليز بالعودة، فاضطرت السلطات البريطانية إلى جلب الفوج الأول من مصر ليحل محل المستقيلين.
وطالب قداسة المار شمعون بعد التشاور مع قادة آشوريين في العمادية من الحكومة العراقية وعصبة الأمم! الاعتراف بالآشوريين كقومية (ملـّـة) وطائفة لها خصوصية دينية، وإعادة ترسيم الحدود مع تركيا ، تظّم منطقة حكاري والعمادية وزاخـو ودهوك والموصل ، وكانت للمطالب هذه تأثيراً مهماً في تكوين وترسيم حدود العراق الشمالية.
خرج وزير الداخلية سعدون غيدان مستقبلاً الجماهير الآثورية الغفيرة في استقبال قداسة المار ايشا شمعون قائلاً في مستهل كلمته : يا احفاد آشور وبابل.. واستمعت الجماهير للخطاب الذي بُث من الإذاعة والتلفزيون ونُشر في الصفحة الأولى من جريدة الثورة، وسمعها وقرأها الألوف بل الملايين، ولكن الوحيد الذي لم يسمع ولم يقرأ كان المتحدث في المجلس الثقافي العراقي السيد الونداوي! الذي ابدى يقينه التام بعدم سماعه لكلمة اثوريين او آشوريين تنطق من الحكومة!.
ونحيله الى قرار مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتاريخ 16/4/1972 بمنح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين باللغة السريانية من الاثوريين والكلدان والسريان.
كما ابدى استغرابه من زيارة المار شمعون وأستقباله في مكان من محيط القصر الرئاسي لا يدخله الا ( المبشرين بالجنة)، كونه ضابط أو عنصر في أمن الكرخ وقريب من مصادر القرار بشكل او بآخر!. ونقول للسيد الونداوي، الم تكن تعلم وانت في وسط المعمة بان ثورتكم، ثورة البعث كانت فتية ورسمت سياسة التقارب مع الجميع وتحسين الصورة بدون إستثناء؟ وان المسيحيين لا خوف منهم او عليهم ولا هم يحزنون؟ وان حكومة البكر تثق بهم لانهم لا ينون السيطرة والانقلاب على الحكم وليس مثل العديد من العراقيين الاخرين الذين لن يتركوا فرصه الا ويتم استغلالها للقضاء على الحكم بدافع مذهبي او عشائري او بتحريض خارجي.
كما ان المسيرات كانت منظمة بأسلوب راقي ومهذب وسلمي ولم تحدث فيها أي مشكلة او عائق يستحق الذكر. ولعلمك سيد الونداوي فان المطلب الرئيسي لحكومة البعث كانت هي المطالبة من قداسته تشجيع تأسيس جيش او قوات من الآثوريين لمناوئة الاكراد مستقبلاً في المنطقة الشمالية، فرفضها المار أيشاي شمعون باعتباره رجل دين وسلام!.
وتم قبول الفكرة من البعض من تنظيمات المهجر وتبرعوا بتنفيذها، ولكن لم تلق الفكرة أصداءاً أيجابية من الأغلبية ووضعت القضية على الرف .
*- مشكلة إسكان المهجرين الآشوريين في مناطق متفرقة في العراق.
في ندوة المجلس الثقافي العراقي، تمت الإشارة الى نشوء مشكلة واجهها نوري السعيد وهي إسكان الاثوريين،
ومن قناة الغمز واللمز، تم انتقاد تواجد الآشوريين في الدورة والحبانية وكركوك والبصرة وبعض مناطق بغداد، وبعض مناطق سهل نينوى. والتجربة أثبتت ان الجيل الأول والثاني المهاجر الى هذا المناطق، كانوا من قوات الليفي وأتباع المار شمعون وأغا بطرس والمالك ياقو، وسرعان ما اثبتوا الكفاءة والاتقان والأمانة والأخلاص في جميع المهن المتوفرة حينذاك إضافة الى الفن والرياضة، بعد ان تمتعوا بالأمان والاستقرار.
ونشأت علاقات مثالية بين الآشوريين في بيئتهم الجديدة مع العرب والاكراد، هذه العلاقات إنقرضت في العراق الحالي، وتحول العراق الى صحراء كبيرة وفيها واحات متناثرة أُنُشئت على أسس مذهبية وطائفية وعشائرية مرتعبة وقلقه على مصيرها.