الإثنين , ديسمبر 23 2024
صلاح عبد السميع
دكتور صلاح عبد السميع عبد الرازق

البعد الغائب في تربية الشباب

الدكتور : صلاح عبد السميع


نعم أنها القدوة والتي تعد عاملا مهما في توجيه ورعاية الشباب، حيث يحتاج الشباب إلى النماذج الحية الملهمة التي يمكنهم الاستفادة منها والتعلم منها، وذلك لتحقيق التطور والنمو الشخصي والاجتماعي والمهني.

ويمكن للأسرة والمدرسة والمجتمع بشكل عام توفير القدوات المناسبة للشباب، وتحفيزهم وتشجيعهم على الاستفادة من هذه النماذج، وذلك من خلال تعزيز القيم والأخلاق الحميدة وتحفيزهم على التعلم المستمر والتطوير الشخصي والاجتماعي


هذا ويعتبر القدوة من أهم العوامل التي تساعد في توجيه ورعاية الشباب، ويجب على الأسرة والمدرسة والمجتمع بشكل عام توفير القدوات المناسبة للشباب، والعمل على ترسيخ القيم والأخلاق الحميدة فيهم، وذلك من خلال توجيههم وتحفيزهم وتشجيعهم على التعلم والنمو الشخصي والاجتماعي
مواصفات القدوة؟


نموذج الشخصية القدوة هو شخص يتميز بالصفات الحسنة والقيم الحميدة التي يحتذى بها من قبل الآخرين، ويمكن لهذا الشخص أن يكون مثال يحتذى به في مختلف المجالات، سواء كان ذلك في الحياة الشخصية أو العملية أو الدينية أو الثقافية أو غيرها


وتتميز شخصية القدوة بعدة صفات، منها:


1- الصدق والأمانة : فالشخصية القدوة تتميز بالصدق والأمانة في كل تعاملاتها، سواء كان ذلك في الحياة الشخصية أو العملية


2- العدل والإنصاف: فالشخصية القدوة تتميز بالعدل والإنصاف في تعاملاتها، وتتجنب التحيز والاستضعاف


3- الرحمة والتعاطف: فالشخصية القدوة تتميز بالرحمة والتعاطف مع الآخرين، وتسعى دائما لمساعدة الآخرين وتخفيف معاناتهم


4- الحكمة والصبر: فالشخصية القدوة تتميز بالحكمة والصبر في مواجهة التحديات والصعاب، وتتصرف بحكمة وتدبر في جميع أمورها


5- الاحترام والتقدير: فالشخصية القدوة تتميز بالاحترام والتقدير للآخرين، وتعاملهم بأدب واحترام، سواء كانوا أصدقاء أو غرباء


وعلينا أول أن نستعرض باختصار أسباب غياب القدوة كنموذج للشباب

نعم إن من أكثر المشكلات التي تواجه المجتمعات في الوقت الحالي غياب القدوة بمعناه الحقيقي والتربوي

ولعل تأثير الإعلام وغياب الوعي الديني المبنى، وغياب الوالدين عن أداء دورهما الحقيقي في تربية ورعاية الأبناء انفعاليا ووجدانيا وأخلاقيا، وغياب دور المدرسة عن أداء دورها التربوي، عندما غاب النشاط الموجه إلى تربية المتعلم، وعندما غاب الدعم المادي والمعنوي للمعلم، وغابت المحاسبية للجميع داخل المؤسسة التعليمية، ومن

أسباب غياب القدوة أيضا ما يلي:


التغييرات الاجتماعية
: يمر المجتمع بتغييرات اجتماعية مستمرة، مما يؤدي إلى تحول مفهوم القدوة والمثل الحيوية، والتخلي عن التقاليد والقيم الأساسية


ضعف الأدوار الاجتماعية: يمكن أن تؤدي التغييرات الاجتماعية إلى ضعف الأدوار الاجتماعية المختلفة، بما في ذلك دور القدوة، وهذا يعود لعدم الالتزام بالقيم والأخلاق الحميدة، وتضاؤل الثقة في الرموز الحية


التغيرات الاقتصادية: يمكن أن تؤدي التغيرات الاقتصادية إلى اهتمام الشباب بالنجاح المادي والاهتمام بالشهرة والثراء، وهذا يؤدي إلى تجاهل القيم والأخلاق الحميدة


ومن المهم أن نشير إلى ضرورة التأكيد على أن المجتمع عليه أن يعيد النظر في طريقة وأسلوب التعامل مع الشباب، أنهم في حاجة إلى من يحتويهم لا إلى من يلومهم، في حاجة إلى من يشجعهم ويحفزهم ويوظف طاقاتهم المهدرة، أنهم في حاجة إلى من يأخذ بأيديهم إلى إدارة حقيقية للحياة وللوقت، أنهم في حاجة إلى من يضعهم على

طريق العطاء والإنتاج، تلك الطاقة المعطلة يجب أن توظف بشكل فعال في خدمة نفسها وخدمة مجتمعها، ولكي تحقق ذلك على الجميع أن يدرك طبيعة الدور المنوط به تجاه تربية الأبناء على القيم ،من خلال القدوة، ومن خلال النماذج التي يجب على الإعلام أن يسعى لتربيتها في نفوس ووجدان هذا الجيل ،الذي عاش مع متغيرات كثيرة أثرت سلبا على نفسيته ووجدانه، عاش سنوات مع جائحة فيروس كورونا

وعاش مع متغيرات فرضت عليه أن يبقى في المنزل دون تواصل حقيقي مع المجتمع، عاش وما زال مع العالم الافتراضي بكل ما فيه من انفلات قيمي وأخلاقي، عاش وما زال مع مدرسة لم يعد لها أي وجود حقيقي إلا أن يذهب إليها لكي يؤدى الاختبار الذي يقيس تحصيلا لا معنى له ولا قيمة في تربية الفكر والوجدان لدى جيل نراهن عليه في بناء الوطن والدفاع عنه في مواجهة التحديات، علينا أن نراجع منظومة القيم وأوليات الاهتمام

علينا أن نراجع مناهج دراسية لكي تبنى القيم وتبنى الإنسان وتراعى فقه الواقع وتتعامل مع مجتمع له خصوصية وله قيم يجب أن تحترم وتجسد، مناهج عليها ألا تكون مقلدا لمجتمعات أخرى تملى ثقافتها علينا، مناهج دراسية يجب أن تتضمن مفاهيم وقيما تساهم في ترسيخ الانتماء بمعناه الحقيقي

وليس مجرد كلمات تسطر في كتاب مدرسي يفقد دوره كأحد عناصر المنهج، عندما يغيب عنه النشاط، وتغيب عنه الأهداف، ويغيب عنه معلم واع بأدواره الحقيقية تجاه الأبناء، ويغيب عنه تقويم لا يسعى إلى قياس المعرفة والمهاري والوجداني لدى المتعلمين.

وفي ظل هيمنة الكتاب الخارجي وإزاحة الكتاب المدرسي شكلا وموضوعا عن واقع التدريس الذي أضحى خارج أسوار المدرسة فيما يعرف بمراكز الدروس الخصوصية، التي تؤدى دورا بديلا عن المدرسة، ولكنه دور القائم على تدريب المتعلم على التحصيل، تبقى المشكلة ويبقى انعدام الثقة بين المدرسة والمنزل

وبالتالي انعدام الثقة بين الأبناء والمؤسسة التعليمية، وقد يصول الأمر في ظل التحديات التي تفرض نفسها إلى انعدام الثقة بين الأبناء وأولياء الأمور، نعم أنها دائرة متكاملة سلبا وإيجابا، تؤثر وتتأثر عناصر المنظومة ببعضها البعض، لا يمكن أن نحمل الأسرة مسئولية البناء في ظل غياب دور المدرسة والإعلام والمجتمع

الكل يجب أن يعمل وفق رؤية واضحة، شعارها نعمل معا، وشعارها نحن، والجميع يمثل القدوة في مكانه ومجاله، حتى لا تضيع البوصلة، ويضيع أجمل ما في المجتمع وهم الشباب


ونحن نسعى إلى استعادة مفهوم القدوة علينا أن نعى بأن القدوة يمكن أن تكون الوالدين أو المربين أو المعلمين أو الأصدقاء أو المشاهير أو الرموز الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الرياضية ومن أهم دور القدوة في توجيه ورعاية الشباب:


توجيه الشباب: يعتبر القدوة مثالا للشباب في الحياة، ويساعد الشباب على تحديد الأهداف والتوجيه نحو تحقيقها، ويساعد الشباب على اتخاذ القرارات الصحيحة وتحقيق النجاح في حياتهم


تربية الشباب: يمكن للقدوة أن تعزز قيم الأخلاق والتربية الحميدة في الشباب، وتساعد الشباب على تعلم الأخلاق والقيم الإسلامية وتطبيقها في حياتهم


الإلهام: يمكن للقدوة أن تلهم الشباب وتشجعهم على تحقيق النجاح والإبداع، وتشجع الشباب على التعلم والتطور والتحدى


الحماية: يمكن للقدوة أن تحمي الشباب من الأفكار السلبية والخاطئة، وتساعد الشباب على تجنب الأخطاء والمخاطر في الحياة


ومن المهم أن يعي الجميع أن تحويل النفس إلى شخصية قدوة يتطلب العمل الجاد والمستمر على تطوير الذات وتحسين الصفات الشخصية والمهارات اللازمة لتحقيق ذلك. ومن بين الخطوات اللازمة لتكون شخصية قدوة:


تحسين الصفات الشخصية: يجب العمل على تحسين الصفات الشخصية الحميدة، مثل الصدق والأمانة والعدل والإنصاف والرحمة والتعاطف والصبر والاحترام والتقدير وغيرها


تعلم المهارات اللازمة: يجب تعلم المهارات اللازمة لتحقيق النجاح في المجالات المختلفة، مثل المهارات الاجتماعية والاتصالية والقيادية والتحليلية والإبداعية وغيرها


المثابرة والتحدي: يجب العمل بجد ومثابرة وتحمل التحديات والصعوبات، والتعلم من الأخطاء والاستمرار في التطور والنمو


توفير النموذج الحي: يجب البحث عن النماذج الحية الملهمة والتعلم منها، والعمل على توفير النموذج الحي الذي يمكن للآخرين الاستفادة منه والتعلم منه


التفاني في خدمة الآخرين: يجب التفاني في خدمة الآخرين ومساعدتهم وتقديم المساعدة والنصح والإرشاد، وتحقيق الخير للمجتمع بشكل عام


الالتزام بالأخلاق الحميدة: يجب الالتزام بالأخلاق الحميدة والقيم الإنسانية الرفيعة، وتحفيز الآخرين على الالتزام بها أيضا


ويجب العمل على تطبيق هذه الخطوات بشكل مستمر والالتزام بالنمط الحياتي الذي يتميز بالصفات الحميدة والأخلاق الحسنة والقيم الإنسانية الرفيعة، وبذل الجهود لتحقيق النجاح في المجالات المختلفة وتحقيق الخير للمجتمع بشكل عام إذا أردنا أن نستعيد البعد الغائب في تربية الشباب

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.