تابعت جلسة الإعلان عن انطلاق “الحوار الوطنى” بهدوء شديد.. أخذتنى الدهشة من حديث الذى نصبوه “منسق الحوار” وفقدت التركيز عندما تكلم “الأمين العام للحوار” لأسباب كثيرة!! حتى تحدث “عمرو موسى” فوجدتنى منتبها, ثم استجمعت كل قدراتى على التركيز.. ولما تحدث “حسام بدراوى” رأيته يلعب الدور نفسه, الذى لعبه فى “أيام مبارك الأخيرة” وقد يتذكره بعضنا!! وأدهشنى “فريد زهران” بمضمون كلامه وطريقة عرضه.. أما “عبد السند يمامة” فقد حاول أن يكون رئيسا لحزب “الوفد” وهو أضعف الإيمان.. واعتقادى أن باقى المتحدثين لم يلفتوا النظر, لأنهم قالوا “كلام ساكت” كما يصف أشقاؤنا فى السودان الذى يتكلم دون أن يسمعه أحد!!
أتوقف بانتباه أمام عدم قدرة “مصطفى مدبولى” على تحمل ما قاله “عمرو موسى” ثم “حسام بدراوى” فقام “منسق الحوار” بالاستئذان له لارتباطه بمواعيد.. وهنا يجب أن أسأل.. هل حضر رئيس الوزراء للمجاملة باعتبار أن الحدث هامشى؟! أم أنه ظهر خلال مشاركته ما يفرض عليه المغادرة؟!
هنا قد تتعدد الإجابات, وتتضارب التفسيرات.. وهذا حق لكل من تابع الموقف.. لكن مسألة اقتصار البث التليفزيونى بعد انصرافه على قناتين فقط.. فهى تفرض علامات استفهام كثيرة مع علامات تعجب ملونة !!
مضى على إطلاق فكرة “الحوار الوطنى” أكثر من عام, شهد تحويله إلى “لغز” لا يفهمه الذين يشاركون فيه.. كما لا يفهمه الذين تابعوه بأمل, ولا الذين اعتبروه “مناورة” أو مجرد محاولة لكسب الوقت!! وما يهمنا هو أن “الكواليس” شهدت شدا وجذبا.. مدا وجزرا.. كشفه كلام “على الدين هلال” الذى تجاهل ما علمنا إياه فى محاضراته وقت أن كان أستاذنا!! وأكدت ذلك محاولات “أحمد جلال” لتبسيط ما يصعب – أو يستحيل – تبسيطه..
أما “خالد عبد العزيز” فهو يذكرنى برئيس وزراء قبل ثورة يوليو كانو يقولون عنه “شالوه.. فاتشال.. وحطوه.. فاتحط”!! وباقى حضور جلسة الإعلان عن انطلاق هذا “الحوار الوطنى” كشفتهم كاميرات النقل التليفزيونى.. بعضهم خجلان.. آخرون يحاولون افتعال التركيز.. وفئة أخرى مندهشة.. بينما الأغلبية تبدو على وجوههم علامات الذهول.. وبقيت أقلية لا تفهم ما يدور حولها!!
جاء حديث “عمرو موسى” من “دبلوماسى بارع” يجيد قول ما يريد, وهو فى الوقت نفسه “سياسى يحبو” لأنه يرفض أن يكون صاحب موقف واضح.. لذلك قال ما أراده على طريقة الأمير “عبد الله الفيصل” فى قصيدته التى غناها “عبد الحليم حافظ” وفيها يسأل.. “الرفاق حائرون.. يتساءلون.. حبيبتى من تكون”؟!
وهذا المنهج اعتمده “الدبلوماسى ونصف السياسى عمرو موسى” حين قال أن الناس يتكلمون.. يسألون.. وبعدها طرح بعضا من هموم الناس.. تجاهل أن المواطن البسيط مهموم بمسألة “الجنيه” الذى تتكرر جريمة اغتياله شهرا بعد شهر.. يوما بعد يوم.. إنصرف عن أزمة “سد النهضة” رغم أنها حضرت حين سأل “منسق الحوار” عن زجاجات المياه أمام الكاميرا.. لم يتوقف عند جنون الأسعار, معتقدا أن الحديث عن العشوائيات وتمددها فى القرى والمدن خارج العاصمة.. يكفيه لتجاوز الحديث عن إنجاز ما يسمى “حياة كريمة” الذى يعتبره البعض درة تاج الإنجازات
وبعث “عمرو موسى” برسالته للإقليم بتثمين ما أسماه التطور فى السعودية, وغازل الداخل عندما ذكر بتقدير فضيلة الإمام الأكبر “شيخ الجامع الأزهر” الذى يلتف حوله الرأى العام فى هذه اللحظة!! وبما أنه تحدث بصفته رئيس “لجنة الخمسين” التى صاغت “دستور 2014” فقد اكتفى بالإشارة إليه دون خوض فى تفاصيل كانت تفرض عليه إعلان موقفه تجاه ما حدث ضده!! تلقف “حسام بدراوى” الكرة من “عمرو موسى” وراح يشدد على أهمية وقيمة “الدستور” وتوقف أمام أهمية وقيمة التعليم الذى تعرض لكارثة مفزعة.. دون أن ينسى تذكيرنا بماله, وعبر على ما نأخذه عليه.. لكنه تجاوز ذلك بالإشارة إلى ضرورة خروج القوات المسلحة من ميدان السياسة والاقتصاد تقديرا للمؤسسة!!
ولما تحدث “عبد السند يمامة” فقد اختار التأكيد على أنه تم تجاوز الدستور, فيما يتعلق بتجاهل نصه على تشكيل المجالس الشعبية المحلية
أما “فريد زهران” فقد أراد القول أنه “عصر الليمون” على نفسه وحضر!! وعلى جانب آخر غاب رئيس حزب الأغلبية – شكلا – وهو يشغل منصب رئيس مجلس الشيوخ, وحضر عنه نائبه القادم من حزب “الوفد” ليحدثنا عن الأمل والمستقبل والثقة فى القيادة السياسية.. وتعمد “أكمل قرطام” الغياب دون تفسير, وتحدث نيابة عنه ممثل ما يسمى “الحركة المدنية” فى إشارة إلى عكس الاتجاه.. والمعنى فى بطن الشاعر!!
إكتشفت فى نهاية هذه “الحفلة” أن “الإخوة الأعداء” تشاركوا فى الوجود على أرضية ما أسموه “الحوار الوطنى” وحاول كل طرف أن يحتفظ بخندقه على استحياء.. تأكدت أن عام مضى للإعداد لهذه الجلسة
وأعوام يمكن أن تمضى لن تقدم جديدا أو تقول شيئا.. كلهم حاولوا تجنب إغضاب المنصة, وبعضهم أرسل إشارات إلى القاعة – الشارع – وكلهم صافحوا بعضهم, بينما كلهم أخفى اليد الأخرى خلف ظهره بما تحمله!!
ضاع عام من عمر الوطن, وضاعت معه ثروات ومقدرات يصعب حصرها فى بضع سطور.. فنحن يوم إطلاق دعوة “الحوار الوطنى” كنا نملك دولارا تساوى قيمته أقل من ستة عشر جنيها.. ويوم جلسة إعلان انطلاقه أصيب الجنيه بالشلل الرباعى
وأصبحت له ثلاثة أسعار.. الأول يعلن عنه البنك المركزى, والثانى تملكه السوق السوداء
أما الثالث فهو يعاملنا به “تجار الحرب” فيما يسمى بالعقود الآجلة.. وباعتبار أن “الجنيه عنوان الحقيقة” وهو الميت الذى تبكيه أمه ويلطم على وفاته شعب لم يجد من يحنو عليه!!
يدعونى ذلك لاستحضار ما يحدث هناك فى “الأرجنتين” وهى تتقدمنا فى حجم الديون.. كما أنها تشبه حالتنا الاقتصادية, وتسبقنا فى تجرع “سم وصفات صندوق النقد” حيث أعلن الرئيس “البرتو فرنانديز” أن كل محاولاته لإنقاذ الاقتصاد قد فشلت.. لذلك قرر عدم الترشح مجددا, وأن يترك الساحة لغيره لكى يتقدم محاولا إنقاذ البلاد من كارثتها.. ولأنها دولة ديمقراطية إضطر الرئيس إلى الاعتراف بأنه فاشل
وبما أن الشئ بالشئ يذكر.. فنحن نعلم أن “الأرجنتين” تقع بالقرب منها “جزر فوكلاند” التى ذهبت إليها “بريطانيا” بسفنها وعتادها لكى تحافظ عليها باعتبارها جزء من أمنها القومى!!إذا كان “الجنيه عنوان الحقيقة” فإن “الحوار الوطنى” أصبح عنوانا آخر لهذه الحقيقة التى تؤكد أن استهلاك الوقت يدفع الشعب ثمنه.. ولن تشفع لمن نصبوه “منسق الحوار” والذين معه أية تبريرات
كما لن تشفع دبلوماسية “عمرو موسى” له, ولن يجنى “حسام بدراوى” أكثر مما جناه عندما أصبح آخر أمين عام للحزب الوطنى.. وبقى أن حزب “الوفد” إختار أن يكون مجرد جزء من تاريخ سبق ثورة يوليو..
أما “فريد زهران” فيمكنه أن يستمتع بعصير الليمون.. وغيرهم أتمنى لهم حظا سعيدا, ومستقبلا فى علم الغيب!!نصر القفاص
مفيش عندنا رئس فاشل ابدا ابدا ..دا أى رئيس عندنا من اول يوم وهو عبقرى زمانه وطالما فى المنصب فهو العبقرى الوحيد فى العالم ويفهم فى كل شئ …جرى ايه يا عم نصر ؟ أنا بحبك وأحب كتاباتك أه … لكن تدخل فى حارات تانيه لا والف لا .