الشخص “الچركن”..ليس اصطلاحًا علميًا بطبيعة الحال، ولكن يمكن اعتباره “اصطلاحًا شعبيًا فيسبوكيًا”، تم التعارف عليه مؤخرًا وصفًا لأي شخص لا يُعتمد عليه، ولا يصون العِشرة، ولا يقيم لـ”العيش والملح” وزنًا، ولا لأي اعتبارات أخلاقية أو دينية قدرًا.
ولا أعلم ربطًا بين هذه الصفات المتدنية وبين “الچركن”؛ فللأخير فوائد جمة ومنافع للناس، لا تتوفر في الشخص الموصوف احتقارًا بـ”الچركن”. التأصيل التاريخي لـ”الچركن” يقول: إن الجركن اختراع ألماني منذ ثلاثينات القرن الماضي، حينما فكرت القوات الألمانية “الفيرماخت” في تصميم وعاء جديد من الصاج القوي، سعته عشرون لترًا؛ للاحتفاظ بالسوائل أو لنقل السوائل، مثل: الوقود و الماء.
والتعرُّجات الموجودة على جسم “الچركن” تُكسبه قوة ضد الانضغاط أو الانتفاخ، قبل أن يتم تصميم عبوات أصغر، واللجوء إلى البلاستيك المُقوَّى بديلاً للصاج؛ توفيرًا للنفقات. ولـ”الچركن”.. أهميته وتأثيره في الحياة العامة والخاصة عند المصريين، فقد خلَّده فنان الشعب محمد رمضان المعروف إعلاميًا بـ”نمبر ون” في إحدى روائعه، عندما شدا: ” أديك فى الأرض تفحَّر/ أديك فى السقف تمحَّر/ أديك فى الچركن تركن”
وهذا شرف لـ”الچركن” -لو تعلمون- عظيم! وفي “سيناء” فرقة غنائية مُبهجة اتخذت من “الچركن” اسمًا لها؛ لأنها تستخدم “الچركن” كآلة إيقاعية في أداء أغنياتها! ويتماسّ الشخص “الچركن” مع الشخص “الواطي” في قواسم مشتركة عديدة؛ ففي الصفحة 1540 من مُعجم «المُنجد» نجد أن لـ”الواطي” سندًا بالفصحى؛ فـ«وطي» أتت بمعنى “توطية”، أي: “خفض” و”حط”. و«واطٍ» هو: المنخفض، و”الرجل الواطي” هو: الدنيء الحقير.
وفي معجم جديد قيد التنفيذ..يقال: “تچركن الرجل” أي: صار چركنًا، ويعني: “خاب وضلَّ”.
وبين دفتي الدناءة والحقارة.. تجتمع كل الصفات السيئة التي لا يمكن أن يتخيلها إنسان عاقل، فـ«الواطي» هو الشخص الذي لا يُؤتمن على أرض وعرض وشرف ومال وأبناء وسر وأمانات وعمل وصداقة، وهو بمنزلةٍ أحطّ من الحيوانات، مهما كانت مفترسة؛ لأنها لا تخدع، ولا تطعن في الظهر ويمكن اتقاء شرها بالحيطة والحذر، ومن ثمَّ.. فإن “الواطي” هو أحد تنويعات “الشخص الچركن” التي تشمل تنويعات تستعصي على الحصر.
وعودٌ على بدء..فإن مصلطلح “الشخص الچركن” صار تعبيرًا عامًا عن كل شخصية دنيئة رديئة، وعنوانًا لكل شخصية ساقطة هابطة، ورمزًا لكل شخصية انتهازية لا تعرف في الدنيا سوى مصلحتها الذاتية فقط.
“الشخص الچركن” –في ضوء كتابات وتعليقات واستطلاعات من شرائح مختلفة- ماسح للجوخ، انتهازي بامتياز، مُداهن، مُناور، مُدلس، مُراوغ، كاذب، يفعل أي شيء؛ في سبيل بلوغ هدفه، فإذا تحقق له ما أراد، انتقل -في سرعة البرق- من خانة الأصدقاء إلى قائمة الأعداء، وحينئذ ينطبق عليه كلمات أغنية “خانات الذكريات : للمطربة السورية “أصالة”: ” لو بترتيب الخانات إنت في الخانة الأخيرة”.
و”الشخص الچركن” غبيٌ في عداوته، وحين يغدر يكون أسوأ من الكلب إذا جاع، وهو في الأساس لم يكن صديقًا بل مُخادعًا، وينطبق عليه القول المأثور: “الصديق الذي غدر، كان عدوًا خفيًا لا أكثر”
وهذا ديدَنُ “الشخص الچركن” دون شك! و”الشخص الچركن” عنوان صريح للخذلان، ويأتيك خذلانه في لحظة مباغتة لا تتوقعها أبدًا، كما إنه ناكر للجميل، يتخلف عن مساعدة كل مَن دعموه وعاونوه وساندوه في بداياته؛ تعبيرًا عن نفس حاسدة بغيضة حاقدة أمَّارة بكل سييء وقبيح.
والصداقة عهد عظيم وميثاق غليط لا ينقضهما سوى “الشخص الچركن”؛ لأنه عدو خفي ملعون.
و”الشخص الچركن” هو أول مِعول هدم يمتد إلى بُنيانك فرحًا مسرورًا في أول لحظة يشتدّ فيها ساعده، أو يلمس فيك ضعفًا طارئًا، وحينئذ تجد نفسك تردد بنفس المرارة التي تحدث بها “يوليوس قيصر” لصديقه الأقرب: “حتى أنت يا بروتس”؟! طعنات الغدر والخيانة لا تأتيك غالبًا سوى من “الشخص الچركن”؛ ربما لأنه بحُكم معرفته بك وقُربه منك، يعلم قبل غيره مواطن ضعفك
وفي المقابل هو يجد في ذلك لذة وإشباعًا لنفسه الأمَّارة بالسوء، ويظن نفسه قويًا، وهو أضعف خلق الله وأدناهم. وبيت “الچركن” أوهن من بيت العنكبوب؛ لأنه شيَّد دعائمه بالكذب والتضليل والخداع والجبن والتردي والتدني.
“الجركن” يدرك في قرارة نفسك أنه “جركن”، حتى لو تظاهر بأنه برميل كبير من النفط..أو حتى من ماء الذهب!
وظيفة وواجب الكاتب أن يرفع الذوق العالم وليس العكس يا مختار ….كفى وصلات ردح شرقى يا مختار ..,اذا كان لديك خصومه مع أحد عليك مواجهته وليس هنا فى موقع صحفى ..الموقع من حق القراء …فهمت ؟