إعداد / ماجد كامل
خرجت علينا وسائل الاتصال الاجتماعي مساء يوم 27 أبريل 2020 بخبر مؤلم وحزين هو نياحة الأب الموقر القمص بيجول باسيلي ( 1935- 2020 ) كاهن كنيستنا القبطية في فرانكفورت بألمانيا .
ولقد قوبل خبر رحيله بمزيد من رنة الحزن والالم لما تميز به قدسه من محبة غامرة من شعب الكنيسة القبطية في مصر وألمانيا (بل وجميع أنحاء العالم ) نحو أبينا الحبيب لما تميز به من قلب محب وابتسامة هادئة صافية كما تلامس ذلك بنفسه كاتب هذه السطور كما سوف نري في هذا المقال .
مولده
أما عن القمص بيجول باسيلي نفسه ؛ فلقد ولد في 1 فبراير 1935 بأسم جورج من أسرة قبطية عريقة بمدينة رفح بالعريش ؛ ولقد ذكر هو في أحدي حوارته مع قناة Me Sat .
أن الجد الأكبر للعائلة كان كاهنا بدير القديس مقروفويس مؤسس الرهبنة بدير العذراء الجنادلة ؛ ولقد خرج من الأسرة العديد والعديد من الخدام المباركين نذكر منهم نيافة الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي – أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية – ؛ والمرحومة تاسوني انجيل أرملة المتنيح القمص بيشوي كامل ؛ والراهبتين يوستينا _ نيح الله نفسها في فردوس النعيم – و الراهبة المتنيحة أغابي بدير القديس العظيم ابو سيفين بمصر القديمة ؛ والقمص كيرلس باسيلي كاهن كنيستنا القبطية بالولايات المتحدة الامريكية .
؛و لظروف الحرب ترك العمل في العريش واستقر في الاسكندرية .
ولقد عشق اللغة القبطية منذ طفولته المبكرة .
ويذكر القمص بيجول باسيلي أنه تأثر كثيرا بخادم مبارك في كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك هو المرحوم الشماس “يوسف حبيب ” ( 1909- 1981 ) .
حيث كان يعقد لهم أمتحانات ومسابقات في تاريخ الكنيسة واللغة القبطية
( ذكر لي أبونا بيجول في أحدي حوارتي معه أثناء فترة خدمتي بكنيسة العذراء أرض الجولف خلال الفترة من “ 1984- 1987 ” ؛ أن الشماس يوسف حبيب كان يكلفهم بترجمة المانشيت الرئيسي بجريدة الأهرام من اللغة العربية إلي اللغة القبطية ) .
كما تأثر كثيرا بأحد خدام اللغة القبطية الكبار في مدينة الإسكندرية هو المرحوم “بسنتي رزق الله ” ( 1910- 1981 ) الذي بلغ شدة عشقه للغة القبطية أنه نبه علي بائعي الخبز واللبن في الاسكندرية أنه لن يشتري منهم أي شييء ما لم يذكر أسم الخبز واللبن باللغة القبطية أولا .
ولقد تزوج جورج باسيلي من تاسوني هاتاسو ( أسم قبطي معناه ذات القلب الشفيق ) وهي أبنة أخ المرحوم بسنتي رزق الله ( عمها بالجسد ) . وورثت عنه بشدة عشق اللغة القبطية
( كنت شاهد عيان علي هذا العشق بنفسي عندما كنت أخدم في كنيسة العذراء أرض الجولف كيف كانت تنتهر أطفالها الثلاثة نوفير ورانو وفيرت أذا ما تجرأوا ونطقوا حرف واحد باللغة العربية أنها كانت تصرخ فيهم باللغة القبطية “تكلموا باللغة القبطية ” ) .
ولقد التحق جورج باسيلي بكلية الهندسة جامعة الاسكندرية قسم كهرباء ؛وعقب تخرجه ولظروف العمل التحق بالعمل في القاهرة بمصلحة التلفونات ؛ بعد سلسلة طويلة من النقل و والانتدابات في قري الصعيد .
وفي القاهرة سكن في شقة بروكسي ( كان لي بركة زيارته في هذه الشقة أكثر من مرة ) .
وبدأ في خدمة الشباب في مدارس الأحد بكنيسة مارمرقص كليوباتر ؛ فكان يعقد لهم دروس خاصة في اللغة القبطية وتاريخ الكنيسة .
كما تولي أمانة اسرة ثانوي بكنيسة بنفس الكنيسة .
وفي خلال عام 1981 وتحديدا في 14 يونية 1981 ؛ جاءته الدعوة المباركة للكهنوت في كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف ليخدم مع المتنيح القس يوحنا ثابت كاهن الكنيسة في ذلك الوقت بأسم القس بيجول ( أسم قبطي معناه شهد العسل ) .
وفي أثناء خدمته بكنيسة العذراء أرض الجولف ؛ فكر في إقامة يوم روحي للغة القبطية تكون فيه العروض المقدمة باللغة القبطية فقط ؛ ولقد تمت إقامة هذا اليوم بالتعاون مع شقيقه بالجسد نيافة الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس ؛ وكان ذلك في يوم 18 يونية 1986 .
ولقد كانت أول سنة أسقفية لنيافته في خدمته بملوي ( كانت لي بركة المشاركة في هذا اليوم حيث كنت أخدم في وسائل الايضاح بكنيسة أرض الجولف ؛ وقمت بتسجيل فقرات الحفل بنفسي علي شرائط كاسيت ) .
وبعد عدة سنوات ؛ ووتحديدا في خلال شهر ديسمبر 1987 ؛ تم انتدابه للخدمة في كنيسة مارمرقص بفرانكفورت بالمانيا .
وفي المانيا بدأ في تأسيس خدمة متميزة ؛ حيث قام بتطوير المركز الثقافي القبطي الذي كان قد بدأه المتنيح القمص صليب سوريال بألمانيا ( 1916- 1994 ) في مايو 1980 ؛ فاهتم جدا بتطوير المكتبة ؛ ولقد كان لي شرف المشاركة في أخذ بركة هذه الخدمة بتكليفي بمتابعة كل ما كتب في مجال المصريات والقبطيات وتاريخ مصر القديم والحديث لتزويد المكتبة القبطية به دوريا
( ما زلت أذكر جيدا أنه طلب مني النزول معه ذات يوم لزيارة مكتبات ” المركز القومي للترجمة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – دار الثقافة – دار النشر الأسقفية – مكتبة المحبة ” حيث قام بجمع كل ما كتب عن مصر وحضاراتها وأيضا جميع كتب المسيحية المتاحة في تلك المكتبات ) .
ولقد ذكر لي في أحدي محادثاتي معه أن بيته بالمانيا كان قد فتحه ملاذا لكل من سافر إلي ألمانيا للعمل هناك ولم يتوفر له سكن مؤقت أنه كان يستضيفه في منزله .
كما كلفه نيافة الحبر الجليل الأنبا ميشائيل أسقفنا في المانيا بتدريس منهج اللغة القبطية في الكلية الاكليركية بفرانكفورت .
ولقد تمت ترقيته إلي درجة “قمص” في يوم 27 أكتوبر 2013 .
حتي تنيح في يوم 27 ابريل 2020 عن عمر يناهز 85 عاما كما ذكرت في المقدمة .
اما عن ذكرياتي عن خدمتي في كنيسة العذراء بأرض الجولف مع أبونا بيجول ؛ أذكر جيدا عندما عرضت عليه عن رغبتي أن أتقوي في مجال اللغة القبطية ؛ فرح جدا وطلب مني أن أتدرب علي الحوار والمحادثة معه ومع زوجته المرحومة تاسوني هاتاسو .
وكان يفرح جدا ويشجعني عندما يجد بعض التقدم في المحادثة ؛ والعكس صحيح أيضا كان يوبخني بمحبة ورفق عندما أتعثر قليلا .
وأذكر أيضا أنه كان يراجع معي منهج اللغة القبطية المقرر علي في الكلية الإكليركية ؛ ويساعدني في حل التمارين .
ونظرا لقرب منزله من منزلي ( هو كان يسكن في روكسي وأنا أسكن في الزيتون ) كان يصر وبالحاح شديد أن يوصلني للمنزل مهما كان الوقت متأخرا ؛ وكان يصل في بعض الاحيان للواحدة بعد منتصف الليل وربما بعد ذلك أيضا .
ولقد نلت تدريبا عمليا آخر ؛ إذا أصطحبني ذات يوم لزيارة منزل الأستاذ المرحوم الأستاذ شاكر باسيليوس ( 1919- 1995 ) وكيل الكلية الاكليركية وأستاذ اللغة القبطية في منزله بحدائق القبة بصحبة زوجته وأولاده الثلاثة ؛ وبالطبع كان الحوار طوال فترة الزيارة بالكامل باللغة القبطية .
كما نلت بركة تدريب عملي اخرأ أيضا ؛ إذا أصطحبني ذات يوم لزيارة شقييقتيه بالجسد
( تاسوني يوستيينا وتاسوني أغابي ) بدير القديس العظيم فيلوباتير مرقريوس بمصر القديمة ؛ وكانت حاضرة في هذه الزيارة تاسوني انجيل أرملة المتنيح القمص بيشوي كامل( 1931 – 1979 ) شقيقتهم الثالثة .
وبالطبع كان الحوار بالكامل في ذلك اليوم باللغة القبطية .
وفي مجال كتابة الكتب ؛صدر له كتاب بعنوان ” هل رحب الأقباط بالفتح العربي ؟ ” وهو كتيب صغير يقع في حوالي 38 صفحة .
والجدير بالذكر أن قداسة البابا تواضروس الثاني – أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية – قد أرسل رسالة تعزية خاصة للأسرة قال فيها ” خالص تعزياتي القلبية في رحيل أبينا الحبيب بيجول باسيلي ؛ ذلك الكاهن الذي خدم بالروح والحق في مصر وألمانيا ؛ وله تعب وبذل في خدمته ومحبته الفياضة في الرعاية الروحية والكنسية .
وكان مثالا عميقا في محبته للكنيسة وعقيدتها وطقوسها ولغتها القبطية … علي رجاء القيامة نودعه؛ ونحن في زمن أفراح القيامة المجيدة ونعزي كنيسته وأسرته وأبناءه ونيافة أنبا ميشائيل والإيبارشية ؛ كما نعزي أشقاءه بالجسد :
نيافة الأنبا ديمتريوس ، وأبانا كيرلس وكل أحبائه المباركين
نياحا للراحل الأمين وعزاء لنا أجمعين ” .
كما كتب عنه نيافة الحبر الجليل الأنبا موسي – أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية – مقالا بعنوان ” أبونا بيجول باسيلي …… الجوهرة الكنسية ” حيث وصفه أنه كان ” الكاهن المدرسة ” وذكر بعض الذكريات عنه سواء في الإسكندرية أو أرض الجولف أو ألمانيا . ( نفس المرجع السابق ) .
مراجع ومصادر المقالة :
1- شكر خاص جدا للسيدة الفاضلة فيرت أبنة أبونا بيجول بالجسد ؛ لتفضلها بتزويدي بكل المعلومات الناقصة عن أبونا ؛ وإرسالها لي علي الواتس ؛ فلها مني خالص الشكر .
1- شكر خاص أيضا للسيدة الفاضلة مدام عفاف سلامة استاذة تاريخ الكنيسة باللغة الانجليزية بمعهد الدراسات القبطية لتفضلها بإرسال اللينك الخاص بحوار القمص بيجول باسيلي علي قناة Me Sat وارساله لي علي الماسنجر .
وأيضا توصيلي بمدام فيرت .
( وبالمناسبة أيضا كانت هي همزة الوصل بيني وبين أبينا الحبيب أبونا بيجول طوال فترة إقامته في المانيا من حيث توصيل ما يطلبه من كتب وتوفير المستلزمات المادية ؛ الرب يعوض تعبها بكل خير ) .
2- الشكر موصول للدكتور ناجي يسي أدمن جروب Saint Mark Helipolis (Cleopatra) World . لتفضله بإرسال كل اللينكات الخاصة بالقمص بيجول باسيلي ؛ وإرسالها لي علي الماسنجر .
3- مايكل فيكتور – دينا سيدهم :- في وداع القمص بيجول باسيلي ؛ جريدة وطني ؛ العدد الصادر بتاريخ 3 مايو 2020 .
4- بعض الذكريات الشخصية لكاتب هذه السطور .