الأحد , ديسمبر 22 2024
القدس
زمن صلب السيد المسيح

التركيبة الأيديولوجية في مدينة أورشليم زمن صلب السيد المسيح!

د.ماجد عزت إسرائيل

نركز هنا على التركيبة الأيديولوجية للمجمتع في فلسطين عامة ومدينة القدس بصفة خاصة.

 فقد ذكر حزقيال قائلاً:”هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي، وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.” (حز 37: 12).

ففي زمن السيد المسيح زال التقسيم الأيديولوجي القديم، فلم توجد مملكتا يهوذا وإسرائيل، وقد تم القضاء عليهما من طرف الرومان.

كما انتهت فترة الاستقلال القومى القصيرة. ولكن التمسك بالماضى والتعلق به هو ما يميز بلاد الشرق الأوسط حيث التصقت أسماء الأسباط ببعض الأقاليم التي سبقت أن احتلتها “وَتَرَكَ النَّاصِرَةَ وَأَتَى فَسَكَنَ فِي كَفْرَنَاحُومَ الَّتِي عِنْدَ الْبَحْرِ فِي تُخُومِ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيمَ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ:«أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَم”(مت 4:13-15) وكان عدد صغير من المسبيين كما ورد بالكتاب قائلاً: “كَانَ فِي سَنَةِ الثَّلاَثِينَ، فِي الشَّهْرِ الرَّابعِ، فِي الْخَامِسِ مِنَ الشَّهْرِ، وَأَنَا بَيْنَ الْمَسْبِيِّينَ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ، أَنَّ السَّمَاوَاتِ انْفَتَحَتْ، فَرَأَيْتُ رُؤَى اللهِ.” (حز 1: 1).

وقد عاد المسبيين إلى فلسطين مع عزرا ونحميا وتكون السكان اليهود في البلاد إما أولئك الذين تركوا أصلاً في الأرض أو من سبطى يهوذا وبنيامين وحتى في وقت السيد المسيح حول العشرة أسباط.

وكان هناك صراع ما بين السامرين واليهود حتى السامرة كانت تصنف على أنها أرض خارج اليهود. ونتذكر هنا موقف السيد المسيح مع السامرية كما ورد بالكتاب المقدس قائلاً : «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.” (يو 4: 9). 

ومن الناحية السياسية كانت تتركب فلسطين من اليهودية والسامرة يحكمها ولاه رومانيون والجليل وبيرية على الجانب الآخر من الأردن وكانت خاضة لهيرودس انتيابس، قاتل يوحنا المعمدان ذلك الثعلب الماكر القاسى الذي لم يحبه السيد بشىء عندما أرسله إليه بيلاطس “فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا وَقُولُوا لِهذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ.” (لو 13: 32).

وفي ذكرى أسبوع الآلام نشتاق إلى أن نتعرف على البيئة التي كان يعيش فيها السيد المسيح، وذلك المجتمع الذي عاصره والحياة اليومية، والبلدان والأحداث والعادات والتقاليد والطبائع والعبادات والأصوام والاحتفالات والأعياد والطقوس.

ولكن علينا أن نركز على مشهد مهم وهو طبيعة الحياة وقت دخول السيد المسيح لمدينة القدس حيث كانت أورشليم تكتظ بالملايين في ذلك الوقت،جاءوا يشترون خرافًا يحتفظون بها لتقديمها فِصحًا عنهم،وعلى الرغم من ذلك بعضهم ترك عملية الشراء والبيع “وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!».” (مت 21: 9).

وانفتحت ألسنة الأطفال والرُضَّع بالتسبيح وغضب رؤساء الكهنة والكتبة. “فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ!»، غَضِبُوا” (مت 21: 15).

كما ضم هذا المشهد المهيب وجود رجال العهد القديم الذين رأوه بعينيّ الإيمان خلال النبوّة، وتبعته جماعة خلفه تسبِّحه كممثّلة لرجال العهد الجديد الذين تمتّعوا بما اشتهاه الأنبياء.

لقد أدرك رؤساء الكهنة والفرّيسيّون كلمات الرب بعقولهم لكنهم لم يقبلوها بروح الحب والبنيان، وعِوض أن يقدّموا توبة عما ارتكبوه فكّروا في الانتقام منه.

وبعد أن قام يسوع بتطهير الهيكل من الباعة وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى.وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!»” (مت21: 13).

حيث تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.” (مت21: 17). وبدل ما يجتمع اليهود ويفكروا في الأحداث وفي كلمات يسوع والنبوات عنه بدأوا يفكرون في الانتقام منه وسرعان ما انتشرت سوسة الانتقام –حشرة خبيثة، تدمِّر كل شيء تأتي عليه، وتؤدي إلى هلاك الزروع والأشجار في أركان المدينة كلها.

لكن التدمير الذي تحدثه لا تظهر آثاره ونتائجه المؤلمة إلا بعد فترة طويلة من الزمن، وحينها لا بكاء ينفع، ولا شكوى تفيد – في كل أركان المدينة لدرجة وصلت إلى محاكمة يسوع وصلبه عن طريق حكام منعدمي الضمير والشهود الزور “وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ،” (مت 26: 59).

حتى رئيس مجمع السنهدريم كان يتفنن في سؤاله للمسيح من أجل الانتقام منه “وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟»”قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ». فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلًا: «قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ!” مَاذَا تَرَوْنَ؟» فَأَجَابُوا وَقَالوُا: «إِنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ». (مت 26: 63- 66).

سوس ينهش في أركان القائمين على المجمع وحتى عامة من الشعب وبعض الكهنة والخدام وهم عند بيلاطس يصَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً».” (يو 19: 6).

شاهد أيضاً

Abdel Fattah El-Sisi

الرئيس السيسي : مصر تحتاج من تريليون دولار إلى اثنين مصروفات سنوية

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن مصر تحتاج من تريليون إلى اثنين تريليون دولار مصروفات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.