د.ماجد عزت إسرائيل
الأيقونة كلمة يونانية وردت في النصوص الأدبية والوثائق التاريخية بمعنى صورة εἰκών أو الطبعة أو الرسم أو شبه، وهي تمثِّل شخصاً مقدساً تبرز فيه نفسيته، وأيضًا مبنيّة على ثوابت تقرّها الكنيسة لا على مشاعر الفنان الشخصية، ولا تعد الصورة أيقونة ما لم تُرسم على الخشب، والغاية منها كما يقول القديس باسيليوس: “أن تجذب الأنظار وتجعل الحقيقة التي تمثِّلها أحبّ إلى عقولنا وأعمق وأسرع وأبقى تأثيراً في نفوسنا”
والغاية الأخرى هي أن تعلِّمنا بعض الحقائق التاريخية واللاهوتية، ذلك أن الفنان حين يرسم صور القديسين والشهداء، يعمل على إبراز فضائلهم فى صورة واقعية تستحث المؤمنين على الإقتداء بهم، وهكذا تكون الأيقونات نوافذ يبصر منها المؤمن نور السماء، وترتبط الأيقونة بالعقيدة الأرثوذوكسية ارتباطًا وثيقاً،لأنها جزءًا أساسيًا في العبادة لأنها تنقل لنا البشارة التي أعلنها الله لنا، فهى “كتاب مقدس ملون” و”نافذة على الأبدية”، وهذا معناه أنها تضعنا أمام الشخص المرسوم وتدخلنا في حوار معه.
كما أنها وسيلة فى الكنائس للإيضاح، حيث يتم من خلالها إيصال الوصايا العقائدية الإيمانية لغير المتعلم عديم القراءة (الأمى) من عامة الشعب لاعتقادهم أن الموضوعات الدينية المرسومة بها تحل محل الكلمة المكتوبة، وهذا فيه تأكيد على القيمة التعليمية لتلك الأيقونات.
قَارُورَةُ الطِيبٍ
فبعد أن ترك السيد المسيح الهيكل مساء يوم الثلاثاء-حسب طقس صلاة البصخة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية- وفي نيته عدم العودة إليه البتة.
وذلك بعد أن قال لليهود: “هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا! (لو13: 35). وعندما كان يسوع فِي بَيْتِ عَنْيَا ومعه لعازر الذي أقامه الرب من الموت فكان أحد المتَّكئين معه.
ومرثا كانت مشغوله بإعداد الوليمة ولم تسمع لكلام الرب. جاءت مريم، وجلست عند قدمَي الرب، وسكبت قَارُورَةُ طِيبٍ على قدمَي المُخلِّص قبيل الصليب والآلام. وحقًا تروي الأنـاجيل حادثة سَكْب الطِّيب في (إنجيـل متى26: 6-13؛ وإنجيل مرقس 14: 3-9)، أنَّ مريم سكبت الطيب على رأس الرب.
أمَّا إنجيل القديس يـوحنا فقال إن مـريم سكبت الطِّيب عند قدمَي الرب. وفي كلتا الحالتين نجـد أنَّ مريم قدَّمت كل ما عندها وأعطته للرب.
كما ورد بالكتاب قائلاً:” وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ، تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ،فَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ.(مت26: 6-7)،وأيضًا “وَفِيمَا هُوَ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ،وَهُوَ مُتَّكِئٌ، جَاءَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ. فَكَسَرَتِ الْقَارُورَةَ وَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ.”(مر 14: 3).
وعلق السيد المسيح على ذلك قائلاً: “فَإِنَّهَا إِذْ سَكَبَتْ هذَا الطِّيبَ عَلَى جَسَدِي إِنَّمَا فَعَلَتْ ذلِكَ لأَجْلِ تَكْفِينِي.” (مت 26: 12).
وفي ذات اللحظة” اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَشُيُوخُ الشَّعْب إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الَّذِي يُدْعَى قَيَافَا،وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يُمْسِكُوا يَسُوعَ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُوهُ. وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ لِئَلاَّ يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ».(مت 26: 3-5).
وفي ذات الأحداث دبت الخيانة في أحد تلاميذ معلمنا الصالح ليسلمه كما ورد بالكتاب قائلاً: حِينَئِذٍ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ، إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقَالَ: «مَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُعْطُوني وَأَنَا أُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ؟» فَجَعَلُوا لَهُ ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ كَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ.