الجمعة , نوفمبر 22 2024
محمود العلايلى

المسيحيون يأكلون القطايف

محمود العلايلى

يصوم المسلمون هذه الأيام شهر رمضان، بينما يصوم المسيحيون الصيام الكبير الذى ينتهى بعيد قيامة السيد المسيح، ويستغل البعض توافق المناسبتين بشكل لطيف فى إظهار روح الألفة والتجانس بفعل تطابق المناسبتين الدينيتين فى وقت مقارب، ويتندرون بشكر وإعجاب عن غرائب القدر

الذى يعمل على جعل الصيام فى وقت واحد ويرتب للأعياد فى أوقات متقاربة، وهى أمور لا تعدو عبارات المجاملة اللطيفة بين الأصدقاء، لأن المسألة لا تتجاوز التغيير الطبيعى فى تواريخ المناسبات الدينية الإسلامية بحكم إختلاف السنة القمرية عن السنة الشمسية،

وبالتالى قد يتصادف تقارب الأعياد لثلاث سنوات متتالية-نعتبرهم من ترتيبات القدر- وقد يسيروا ثلاثين سنة بعدها دون توافق بشكل عادى دون تدخل نفس القدر، إلا فى بعض المناسبات الأخرى مثل الصيام الأصغر مع المولد النبوى أو صوم العذراء مع الإسراء والمعراج بحسب تغير السنة القمرية سنة بعد الأخرى.

والحقيقة أن البعض سواء الرسميين أو غيرهم، قد يأخذ المسألة إلى آفاق أبعد حيث تطل علينا عبارات “الوحدة الوطنية”و”عنصرى الأمة”و”شركاء الوطن” فى سياقات ترسخ للفرقة، أكثر مما تدعو للتجمع، لأنها دائما ما تأتى كرد على توجسات ضمنية عن حالة التربص بين البعض هنا، وحالة التحفز عند البعض هناك، وهو ما يجعلنا نتسائل عما يجعلنا لانحتاج لتلك العبارات التى لاتنفع، ولتلك المماحكات القدرية التى لامعنى لها؟

إن الإشكالية الكبيرة قد طفحت على سطح الحدث منذ سبعينيات القرن الماضى عندما صار الدين وممارسته عنصرا لتقييم الناس وتصنيفهم من ناحية أخذ فيها المبادئة والتفوق أكثرهم تشددا وأبرزهم فى إظهار المظاهر الدينية، سواء فى ممارسة الشعائر أو فى الزى الرجالى أوالنسائى المميز، ناهينا عن علامة الصلاه التى لم نجد بوضوحها مثلما ظهرت فى مصر، وبالطبع جاء هذا السباق الدينى فى غير صالح المسيحيين المصريين تماما لأنهم يعدون من الخاسرين من قبل أن يبدأ التسابق، وذلك من وجهة نظر المتشددين الإسلاميين وبعض الذين وافقوهم على هذا الهوى

أما ثانى عناصر هذه الإشكالية، فهو محاولة التدخل فى دين الآخر والعادات المرتبطة به دون معرفة، للدرجة التى ترسخ معها بعض التوهيمات مثل لون البشرة الأزرق نتيجة الصيام، وتبادل القبلات فى الكنائس، بالإضافة إلى وجود الأسلحة والأسود، وطغيان الأعمال السفلية بمساعدة كتب السحر التى لا تخل منها كنيسة، وقريبا إنتشرت المقولات حول الحياه الرغدة للمسيحيين وعدم تأثرهم بالأزمة الاقتصادية على جميع طبقاتهم الإجتماعية، نتيجة إغداق الكنائس على شعبها، حتى بلغ العجب بأحد أصدقائى عندما وجد أحد زملائه المسيحيين فى العمل يشترى “قطايف”، فإذا به يسألنى مندهشا، “هما المسيحيين بياكلوا قطايف!؟

“وهنا تظهر العديد من الأسئلة عن معالجة تلك المعضلات، فهل من الأجدى أن يكون هناك دراية إلى حد معين لدى كل شخص بطقوس ومفاهيم وعادات أصحاب الدين الآخر

أم أن ذلك قد يؤدى إلى مشكلات عقائدية، وخاصة فى الأمور التى بها بعض نقاط التماس، أو التى يدور حولها الجدل من الأساس؟

وبالتالى نعمل على الإلتزام بعدم جعل موضوع الدين والطقوس أو العادات المرتبطة به مادة لتبادل المعرفة أو النقاش حولها للأسباب السالف ذكرها، فى إشكالية كانت ستحل ببساطة بفرض القوانين المجردة التى تحمى حرية الإعتقاد وممارسة الشعائر بحكم الدستور، دون تدخل ولا تندر أو سخرية من هذا الجانب أو الآخر.

ورغم ذلك فإن العادات الإجتماعية المصرية تجاوزت بعض العادات الدينية، حيث نجد أن المسيحيين لا يكتفون بتلبية دعوات الإفطار والسحور، بل أن العديد منهم يقوم بهذه الدعوات لأصدقائهم المسلمين والمسيحيين، والتى كنت أتمنى أن يدعى صديقى إلى أحد منها، ليدرك أن القطايف ليست قاصرة على المسلمين، وأن المسيحيين أيضا يصنعون القطايف ويأكلونها!

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.