د.ماجد عزت إسرائيل
قبل إلقاء القبض على يسوع كان في بستان بجبل الزيتون قرب وادي قدرون مع تلاميذه،وهم بطرس ويوحنا ويعقوب ابني زبدي وقَالَ لَهُمْ:«صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».” … (لو 22: 40-46) وانفرد عنهم للصلاة؛ قَائِلًا: “يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ”. وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِه، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ.فَقَالَ لَهُمْ:”لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ” (إنجيل لوقا22: 42-46).وَقَالَ لَهُمْ:”…..قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ.” (مر14:41)،
وفي الحال تقدم يَهُوذَا الإِسخَريوطيّ يرافقه فرقة من الجند الرومان- في الغالب كانوا يقيمون خارج القدس القديمة وربما استقدموا للمدن في إطار حفظ الأمن خلال عيد الفصح-من المسؤولين عن القبض على المتهمين،وبالطبع هم منفصلين عن اليهود الذين كانوا يعشون داخل أسوار المدينة.
وحسب ما ورد فى إنجيل معلمنا يوحنا حيث ذكر قائلاً: “وكانَ يَهُوَّذا مُسَلِّمُهُ يَعرِفُ المَوضِعَ. لأنَّ يسُوعَ إجتَمَعَ هُناكَ كَثيراً معَ تلاميذِهِ. فأخذَ يَهُوَّذا الجُندَ وخُدَّاماً من عندِ رُؤساءِ الكَهَنَة والفَرِّيسيِّين وجاءَ إلى هُناكَ بِمَشاعِلَ ومصابِيحَ وسِلاحٍ.”(يوحنا18: 1-2)، “فخرجَ يسُوعُ وهُوَ عالِمٌ بِكُلِّ ما يأتي عليهِ وقالَ لهُم من تَطلُبُونَ؟ أجابُوهُ يسُوعَ النَّاصِريّ.
قالَ لهُم يسُوعُ أنا هُوَ. وكانَ يَهُوَّذا مُسَلِّمُهُ أيضاً واقِفاً معَهُم.فلمَّا قالَ لهُم إنِّي أنا هُوَ رجَعُوا إلى الوراء وسَقَطُوا على الأرض. فسألَهُم أيضاً من تَطلُبُون؟ فقالُوا يسُوعَ النَّاصِريّ. أجابَ يسُوعُ قد قُلتُ لكُم إنِّي أنا هُوَ. فإن كُنتُم تَطلُبُونَني فدَعُوا هَؤُلاء يَذهَبُون.
لِيَتِمَّ القَولُ الذي قالَهُ إنَّ الذين أعطَيتَني لم أُهلِكْ منهُم أحداً.”(18: 4-9). وبالحق كان هناك اتفاق ما بين يَهُوذَا(المخبر في عصرنا حاليًا) وقائد الفرقة(المأمور حاليًا) وقد اتفق مسلموه مع الجند على أن الذي يقبله هو يسوع. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟»”(لو22: 48). وبالطبع دافع بعض التلاميذ عن معلمهم ومنهم بطرس كما ورد في إنجيل يوحنا(يُوحَنَّا18: 1-11)حيث ذكر قائلاً:”ثُمَّ إنَّ سِمعانَ بُطرُس كانَ معَهُ سَيفٌ فإستَلَّهُ وضربَ عبدَ رَئيسِ الكَهَنةِ فقطعَ أُذُنَهُ اليُمنى.وكانَ إسمُ العَبدِ مَلخُس.فقالَ يسُوعُ لِبُطرُس إجعَلْ سَيفَكَ في الغَمدِ.الكأسُ التي أعطاني الآبُ ألا أشرَبُها؟” وآخرون من التلاميذ هربوا أما يسوع فذهب مع الفرقة الرومانية ناحية باب الأسباط.
الخلاصة…..أن يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيِّ كان مريض بـــ “الطمع المرّ” الذي يقول عنه الرسول بولس “لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ،الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ،وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ”(1تي6: 10).ذلك المرض الذي كان قد هزمه.والحقيقة التاريخية على قدر خيانة يهوذا ألا أنه قدم لنا دراساً عمليناً لمن يريد أن يتعلم، حيث دفعناً يهوذا لنفكر مرّة أُخرى في التزامنا لله ووجود روحه القدوس في داخلنا،فهل نحن تلاميذ وأتباع حقيقيون ليسوع المسيح، أم مجرد ادعياء كاذبين، نستطيع أن نختار الطمع والجشع والشك واليأس والموت،أو أن نختار التوبة والغفران والحياة الأبدية.ها هي الفرصة أمامنا،فهل نقبل عطية الله المجانية والمسيح في حياتنا؟ أو نُسلّمه كما سَلّمه يهوذا؟.