لكل لفظ في القرآن الكريم له دلالته الخاصة به لذا استعرض معكم سبب مجئ أسماء الله وصفاته في سورة الفاتحة على هذا النحو (الله – رب -الرحمن – الرحيم -مالك ) بادئ ذي بدء فقد جاء اسم لفظ الجلالة في بداية سورة الفاتحة دليلا على الألوهية وإشعارا بما تقتضيه من صفات الكمال والجلال الإلهي وبعد إثبات الألوهية لله ناسب ذلك إتباعه بالإشارة إلى الربوبية المطلقة الشاملة
فرب العالمين هو مالكهم ومربيهم والمنعم عليهم وله التصرف في خلقه بما أراد ولما كانت الرحمة من كمال الربوبية ومن أظهر معاني الإنعام والتفضيل ناسب ذلك إعادة ذكر الرحمن الرحيم بعد ذكرهما في البسملة وذلك تأكيدا لوجوب حمد الله لكونه متصفا بكل صفات الجلال والجمال والكمال في أسمائه الحسنى
وكذلك لكونه المتفضل على عباده بنعم لاتُعد ولا تُحصى ويعجز كل الخلق عن شكرها بل ومقابلة نعمه بالجحود والإنكار مصداقا لقوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود ) ومع كل ذلك يعاملهم الله برحمته التي وسعت كل شيء فذكر الرحمن الدالة على عظمة صفة الرحمة وسعتها والرحيم التي تدل على دوام صفة الرحمة وعدم انقطاعها
وفي هذا تأنيس لعباده بعد ذكر لفظ الجلالة الله في الآية التي تسبقها ولما كان الرب المتصف بالرحمة قد لا يكون مالكا وكانت الربوبية لاتتم إلا بالملك المفيد للعزة المقرون بالهيبة أتبع ذلك بقوله (مالك يوم الدين) ترهيبا وتخويفا من الله .
وأختتم مقالي هذا بقول إسماعيل حقي في روح البيان ص 15 و 16 كأنه يقول : خلقتُك فأنا إله ،ثم ربيتك بالنعم فأنا رب، ثم عصيت فسترتُ عليك فأنا رحمن ،ثم تبت فغفرتُ فأنا رحيم ،ثم لابد من الجزاء فأنا مالك يوم الدين.