الأحد , ديسمبر 22 2024
مختار محمود

مختار محمود يكتب: في ذكري ميلاد محمود درويش

إن من البيان لسحرًا، ولقد كان شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش –الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم- أحد هؤلاء السحرة وأمهرهم في زمانه؛ فقد ترك ثلاثين ديوانًا من الشعر والنثر وثمانية كتب، وتمت ترجمة كثير من أعماله بلغات مختلفة.

يعتبر “درويش” أحد أبرز من أسهم في تطوير الشعر العربي الحديث و إدخال الرمزية فيه .

في شعر “درويش” يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة .

وفي نثر “درويش” تبقى الحكمة حاضرة؛ فالنوائب تمنح الإنسان العادي بعضًا من الحكمة، فما بالك عندما يكون هذا الإنسان شاعرًا مُرهف الحس، وما بالك عندما يكون هذا الإنسان هو شاعر الجرح الفلسطيني محمود درويش؟! كلمات “درويش”، شعرًا كانت أو نثرًا، ليست قرينة زمنه، ولا وطنه فحسب، ولكنها تبقى حالة فريدة واستثنائية يمكن استلهامها اليوم وغدًا وبعد غدٍ، وهذا دَيدن أكابر الشعراء ونوابغهم.

لأنه كان وطنيًا بامتياز.. يقول “درويش”: “وتسأل: ما معنى كلمة وطن؟ سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت،

وقن الدجاج، وقفير النحل، ورائحة الخبز والسماء الأولى. وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات، وتضيق بنا”؟! وعن الوطن أيضًا يقول “درويش”: “ليس وطني دائمًا على حق، ولكنني لا أستطيع أن أمارس حقًا حقيقيًا إلا في وطني”.

يناشد “درويش” الحاضر بأن يتحملنا قائلاً: “أيها الحاضر تحملنا قليلاً؛ فلسنا سوى عابري سبيل ثقلاء الظل” ! وعن ثالوث الماضي والحاضر والمستقبل يقول “درويش”: “لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا.

ولكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرُنا أفضل من غدنا”.

ورغم شاعريته المرهفة إلا إن “درويش” يبدو شديد الواقعية عندما يقول: “إنا نحب الورد، لكنا نحب الخبز أكثر، ونحب عطر الورد، لكن السنابل منه أطهر”! تبدو رهافة “درويش” أيضًا في كلماته: “وأنت تعد فطورك، فكر بغيرك..لا تنسَ قوت الحمام، وأنت تخوض حروبك، فكر بغيرك، لا تنسَ من يطلبون السلام”.. وبسبب طبيعة ظروفه التي نشأ وعاش وشبَّ وشاب فيها فقد تعلم “درويش” ألا يستسلم ولا يسمح لأحد أن يستعبده

حيث اعترف قائلاً: “أُحب الشئ ثم أنقلب عليه؛ لئلا يستعبدني”! وفي موضع ثانٍ..ينصحنا “درويش” قائلاً: “حاصِر حصارك لا مفر، قاتلْ عدوك لا مفر، سقطت ذراعك فالتقطها، وسقطتُ قربك فالتقطني، واضرب عدوك بي.. فأنت اليوم”.

وفي موضع ثالث..يقول “درويش”: “وبي أملٌ يأتى ويذهب، لكن لن أودعه”.

وفي أحاديث الحب والغرام كان لـ”درويش” صولات وجولات، حيث يقول: “حين ينتهي الحُب, أَدرك انه لم يكن حُبًا؛ الحبّ لا بد أن يُعاش, لا أن يُتذَكر”.

وفي موضع آخر يقول “درويش”: “يُعلمني الحب أن لا أحب، ويتركني في مهب الورق”.

وفي موضع ثالث يقول “درويش”: الحب مثل الموت، وعد لايُرد ولايزول”.

ولأنَّ الحب قرين الحياة كتب “درويش”: “ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً”.

أعرب “درويش” في آخر قصائده عن غضبه من الصراع الفلسطيني- الفلسطيني، حيث يقول في قصيدة: “أنت منذ الآن غيرك”: هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق/ ونرى دمنا على أيدينا لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟/ وهل كان علينا أيضًا أن نكشف عن عوراتنا/ أمام الملأ؛ كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟/ كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء/ أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك/ أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا/ وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا تلك هي دُونيّة المُتعالي وغطرسة الوضيع!

تزداد وتيرة الغضب في موضع ثانٍ فيتساءل “درويش”: وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة/ لأنهما من جذر لغوي واحد/ فما حاجتنا للدولة ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟! ويبدو “درويش” ساخرًا في موضع ثالث، حيث يقول: “أنا والغريب على ابن عمِّي/ وأنا وابن عمِّي على أَخي/ وأَنا وشيخي عليَّ/ هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة/ في أقبية الظلام.

ويبقى “درويش” على هذه الحال إلى أن يقول متألمًا: وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟/ قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد/ لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف/ ولكني أخجل من بعض ما ورد في مقدمة ابن خلدون/ أنت، منذ الآن غيرك!

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

جهاد الكريسماس

وتم بحمد اللات أول تفجير إرهابي موفق بمناسبة أعياد الكريسماس بتاعة المسيحيين بألمانيا وسيوافونا بالتالي …

تعليق واحد

  1. واحد من الناس

    يا مختار يجب أن تعرف جيدا أن الموقع تنوريرى ثقافى وليس دينى ..وكل شئ قابل للانتقاد وأولهم المقدسات ..ولا يوجد سقف أعلى للنقد ..كن حذرا قبل أن تكتب هنا . يجب أن تتوقف عن نشر الشعوذات اياها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.