الجوع في الشوارع .. حكايات على كل الأرصفة ..مع ناس مانعرفهمش شخصيا لكن بنقابلهم كل يوم ..حكايتين زي ماحصل بالتمام . كتير أحب امشي وسط الناس بين بياعين الخضار والوشوش والتفاصيل (متعة خطيرة ) وأطل في وشوشهم وأروح اشتري من أكتر بائعة ملامحها تشدني ..كل واحدة فيهم حكاية مقفول عليها ..
تحت شمسية قديمة لمحتها قاعدة جنب فرشتها ..تبدو أربعينية ..سرحانة ..ولما قربت منها لقيتها شابة آية من الجمال الريفي اللي مالوش حل ..بس هي الهموم اللي بتحط عمر على العمر ..وأنا بنقي من الخضار سألتها مجرد جر كلام : مالك مين اللي مزعلك كدا .. ضحكت زي اللي مستنية حد يكلمها وقالت : لا مافيش.. بس الحقيقة لما ضحكت ملامحها نطت فجأة لصبية ١٧ سنة.. ولما اعطيتها توزن لي لاحظت أنها بتستخدم ذراعها اليمين بس..
و لما سألتها مال ذراعك واللي كانت مغطياه بشال على كتفها ..بصت لي وكل وشها بينطق بلهفة و قالت : هو انتي أخدت بالك .. أصل كنت عملت حادثة من ٣ شهور ومركبة في دراعي الشمال شرايح ومسامير
ووزنت أنا بدالها لأخفف عنها .. بصت لي وكانت فعلا مستغربة .. أكدت عليها : تعرفي إنك لما بتضحكي بتكوني أحلى كتير .. ويادوب بس طبطبت على كتفها حتى لقيتها اتلخبطت وبقت مش عارفة إن كانت تضحك ولا تبكي لمجرد بس أن حد أخد باله من دراعها المكسور وساعدها .. بس كدا
حكاية تانية من شهور ومش قادرة أنساها .. سيدة تعمل في محل لتظيف الدجاج ..شقراء جميلة جدا رغم البهدلة والنظارة السميكة وملامحها الصامتة .. وإيشارب ملون مربوط من الخلف..مريلة مشمع على صدرها لزوم الشغل ..جزمة بوت كاوتش .. حبيت الآغيها :الله أنت حلوة وطعمة أوي . فجأة كلها حتة فيها نورت . سابت للحظة خرطوم المية اللي ف ايدها ..وضحكت ضحكة خلت الرقة والطعامة تركن على جنب ..كررتها تاني وضحكنا ..وشوفت لأول مرة يعني ايه فرحة م القلب ..لكنها سألتني : بجد ..؟!
كأنها عاوزة تتأكد ..عاوزة كل الناس تسمع أنها أنثى حلوة .. أخدت طلبي ومشيت ..راقبتها من بعيد وكانت لسة ابتسامتها بتلمع وعيونها من الفرحة بتنط وبتلمع .. لكن أنا اللي جوايا اتوجع من كتر الجوع اللي في الشوارع .. مجرد كلمة حلوة وطبطبة ليها مفعول السحر و بتشفي جوانا جروح كتير وبتشد العافية
مش هاتكلفنا حاجة ..لكن بتفرح أوي ..مش عارفين ولا عاوزين نجبر خاطر غيرنا فعلى الأقل نسكت وبلاش ندوس على المواجع لأن كلمة أه مابتتنساش وهاتفضل تطارد اللي سببها .. كلنا بلا استثناء جعانين لحد ينتبه للحلو اللي جوانا واتبهدل في زحمة الأيام (مارس حياة الستات الفاخرات