نـجيـب طــلال
ضــوء عــابـر :
كما أشرنا في موضوع (1) سنخصص ورقة للشاعر والمسرحي والإعلامي [ عبدالقادر المقدم ] صحبة قراءة لأحدى نصوصه المسرحية ؛ ولاسيما أن هذا الإسم بكل أسف : لا يعْـرفه المسرحيون ؛ ولا العـديد من الشعـراء المغاربة ؛ لأنه كان يعـيش في الظل .
ولكنه كان معْـروفا في أن الفضاء الشفشاوني/ التطواني؛ وكـذا في الوسط الإعلامي والاذاعي. باعتباره كان قيد حياته قيدوم اذاعة طنجة ؛ فالذين جايلوه أو تتلمذوا عليه قواعد وفنون الأداء الإعلامي؛ يذكرونه في سياق حواراتهم وذكرياتهم ،وخاصة في إحدى الكتب الإعلامية
( 2) وحتى نكون محايدين؛ فلا مناص من تسليط الضوء أكثر على هاته الشخصية التي رحلت عنا سنة2012 نشير لما ذكره الإعلامي الراحل” خالد مشبال”: …المهم قررت الاتصال بالمسؤول عن مراقبة البرامج “عبد القادر المقدم” لأبلغه احتجاجي على ما تعرضت له “الحلقة “من بتر متعَـسف بناء على تأويل غير معقول.
ففوجئت به يخاطبني باحتقار وقلة أدب قائلا {سير تلعب أالعايل } فلم أتمالك نفسي حيث بلغ بي الانفعال والغضب حدا لم اعد اعرف معه ما عساي ان اقوم به لرد الاهانة ، وبسرعة وجدت نفسي أصفع عبد القادر المقدم بقوة على وجهه (…)
لقد كان عبد القادر المقدم هذا من أذناب مدير إذاعة طنجة مصطفى عبدالله ( الذي عينه مولاي احمد العلوي وزير الاعلام والسياحة نكاية في المهدي المنجرة ، الذي اقترح مشبال لهذا المنصب(…) وبالفعل تم توقيفي نهائيا عن العمل في 1962 بعد ان رفع مصطفى عبدالله تقريرا أسود ضدي إلى المدير المركزي المختار ولد باه
(3)- يبدو أن المشهد يحمل حدثا مهنيا؛ ظاهريا؛ لكن باطنيا فالحدث يخفي تموقفات سياسية مكشوفة ؛ لأنه كان متهما من لدن المصالح العليا بتسييس الإذاعة؛ نتيجة الإضراب الذي أعلن عنه في 1960 ويمكن أن نوسع الموضوع؛ لنؤطره في المصلحة الشخصية ( ..الذي اقترح مشبال لهذا المنصب) وإن كان طموحا ورغبة ! فالحدث في حد ذاته يلمح لنا بأن المرحلة عقد1960 التي يعتبرها العديد( الزمن الجميل) كانت مفعمة بالصراعات الشخصية ؛ قبل الصرعات السياسية / المجتمعية ؟
صاحب النــص :
ازداد بشفشاون سنة 1922 فتربى في بيت علم و دين ؛ مما تلقى تعليما معربا ساهم بالإلتحاقه بمدرسة المعلمين ليشتغل بسلك التعليم بعد تخرجه.
لكن بعد أربع سنوات فضل الالتحاق بالإعلام سنة 1948 انخرط في إذاعة طنجة كمنتج ومذيع.
و كان معروفا بتمكنه اللغوي الذي جعل منه إذاعيا ناجحا و شاعرا بارزا غزير الإنتاج ، فمن أشهر إبداعاته الشعرية ” لمحات الأمل ”
(3) بالإضافة إلى مخطوطات شعرية كثيرة ، لم يقدر لها أن تعرف طريقها إلى النشر؛ وهي منشورة .
في أغلب الصحف المغربية التي كانت تصدر بشمال المغرب: …أشير إلى نصوص الشاعر عبد القادر المقدم التي ظهرت في مجلات المعتمد وتمودة بتطوان، ومجلة الشراع بشفشاون، وهذه المجلات نشرت نصوصا من شعر التفعيلة، كما نشرت نصوصا تجلت فيها الشعرية في أشكال مختلفة ،سمتها قصائد من الشعر المعاصر، وإن لم تكن تقابل بما تستحقه في حينها من ترحيب واجب
(4) ونضيف لتلك المجلات مجلة دعوة الحق وجريدة العلم؛ علما أنه كان عضوا فعالا بعدما : التحق بمجلة المعتمد شعـراء إسبان ومغاربة وكتاب من شمال إفريقيا، من طنجة عبد القادر المقدم وسيدي عبد الله كنون، ومن العـرائش إدريس الديوري ومن تطوان ابن عزوز ومن سبتة «ألو نسو ألكالدي» Alonso Alcalde « ولويس لوبيث أنغلادا» Luis Lopez Anglada Manuel (5) فحضوره آنذاك مع تلك الأسماء وغيرها؛ يعني ما يعني.
ومن خلالهم موازاة مع قدراته اللغوية والفكرية، سيكتسب خبرة وتجارب عِـدة ؛ وبالتالي فلم يترام أو يتطاول لكتابة نصوص مسرحية اعتباطيا؛ بل هنالك موهبة وعطاء شعري متميز؛ علما أن حقبته كان فيها المثقف متعدد المواهب والعطاءات في فنون القول: أما مساره المهني الذي: كإذاعي فقد انطلق سنة 1948 : حيث انضم وقتها لإذاعة طنجة كمحرر و مذيع بالقسم العربي ، و على أثيرها أنتج برامج عدة ،
من أشهرها برنامج يومي ارتبط به المستمعون وكان يحمل اسم ” المرشد” وثق خلاله الإذاعي الراحل خواطره على الهواء بشكل منتظم ، ينضاف إلى ذلك برنامج ” في مؤانستك ” و برامج إذاعية أخرى حققت وقتها نجاحا جماهيريا كبيرا .بإذاعة طنجة شغل الراحل منصب رئيس قسم الإنتاج العربي إلى أن أحيل على المعاش سنة 1983(6)
الـــعــنــــوان:
فهذا النص ” المحافظ” من مميزاته الأساس، أنه يمكن أن يتمسرح فوق الركح ؛ بمواصفات تركيبية ؛ جمالية . وأن يشخص كتمثيلية إذاعية ، بمؤثراتها التقنية .
وبعيدا عن النبش لمفهوم وماهية العنوان؛ يكفي أن نشير بأنه عبارة عن رسالة وإعلام بفحوى النص؛ لتحقيق تواصل جمالي ومعرفي ، بين صاحبه والمتلقي للنص ؛ بعْـدما يؤجج رغبة الكشف ؛ عن الدلالة المحورية الكامنة في العنوان . وبالتالي { المحافظ }كعنوان يثير تشويشا في الذهن؛ ويوقظ رغبة وحـُبَّ الاستطلاع ؛ وذلك من خلال العودة للمرجعية اللغوية ( معجم الوسيط/ القاموس/…) أو توظيف المعاشية والسماع .
فالمقصود هاهنا به : هل ذاك الشخْص المٌحافظ للأملاك العقارية ؟ أم المقصود بذاك المحافظ الـذِي يَحْـفـظُ عـلى العهْد وَلا يَخـونُه ؟ أم المحافـظُ /الحافظ: الحارسُ ؟ أم مُحافِظ الخزَانَة : القـيّـِم عليْها والسَّاهـر عَلى تنظِيمهَا؟ : أم ذاك الذي يُدير شئون مؤسّسَة، أو بلدٍ كبير أو مجموعة من البلاد وتسمى المحافَظة : المُحافِظ ؟ المُحافِظ : أم ذاك المتمسّك بالتقاليد الاجتماعية والسياسية ؛ فهَـو رَجُل مُحافـظ : مَنْ يُحافظ عَلَى العَاداتِ وَالتقاليد ومَبادِئِ النِّظام الاجْتماعـي كمَا هُـوَ موْروث، والبَعيد عَنْ كـلّ تجْديدٍ؟ فكل هاته الاحتمالات؛ تفرض قراءة النص والتمعن بين حواراته؛ لكي نقبض أن ( المحافظ) ذاك الشخص المبدئي/ المؤمن بالفضيلة والمحافظ على “المثل العليا” والملتزم بأفكاره وقناعته واهتمامه بالمجال الفني، لكن الإشكالية التي تعرقل مساره الفني وإيمانه بالمثل العليا؛ صراعه المستمر مع زوجته [ خيرية ] وهذا الصراع متغلغل في أغلب الأسر المغربية / العربية ! بحكم اختلاف التصورات والنشأة والقيم ومنظوركـل طرف للحياة !
صـراع الـقـيـم :
بداهة أي صراع له أسبابه ودوافعه ؛ وأطراف فاعلة فيه سلبا أو ايجابا؛ وفي مسرحية – المحافظ- يتمظهر صراع أزلي جوانية الأسر يمثله ( نموذج) = ( زوج- شبيه ) قنوع بوضعه ولا يريد تغييره؛ إيمانا بالفضيلة وسمو النفس و( زوجة- خيرية) مغترة بمظاهـر الحياة والتطلع نحو حياة أفضل، وهاته الظاهرة يشترك فيها أغـْلب النساء سواء أكانوا متعلمات/ عاملات/ موظفات/ ربات بيوت/…/ وخاصة في هاته الحقبة المادية/ الإغـرائية / بامتياز ! وبالعَـودة لـزمن النص 1962 فـمرحلته كانت تتسم بالانتفاضة ضد مخلفات ما تركه الإستعمارمن مظاهر البذخ والحياة المخملية؛ لكن الوسط المتعلم والذي احتك بالفرنسيين عن قرب لم يحاول أو يريد أن يتخلص من تلك المظاهـر التي تندرج ضمن التحضر؛ وهَـذا ما سقطت فيه ( خيرية / الزوجة) وحوارها مع أحَـد أقربائها ( فياض) يكـْشف ذلك –
– خيرية : لأن المادة لاتزال قِـبْـلة الخاصة والعامة، والجاه أنـشودة المحافل.. والمصلحة الذاتية هي القانون الذي تطأطأ له الرؤوس… والمحسوبية دين مقـَدس .
( ص 81/ دعوة الحق) فمن خلال مفرداتها يتضح أنها متعلمة ومن وسط متوسط ؛ وذلك بناء على المكان- المنزل- الذي تدور فيه الأحداث؛ وهو متنقل: المنظر الأول/ حديقة متصلة بالمنزل؛ وفي صالة فسيحة فخمة الرياش والأثاث)- (المنظر الثاني/ صالة فسيحة مفروشة ببسط فاخر؛ ورياش جميل..)- (المنظر الثالث / حجرة صغيرة ؛ بسيطة الأثاث) فمن اشترى ذلك؟ هنا النص لم يكشف لنا وظيفة ( الزوج/ شبيه) فـقط نعْـرف أنه فنان[…أما شبيه فقـد اختار له أبطالا لا وجود لهم إلا في الأقاصيص والروايات … وأنت تعلم جيدا أن الفرق بين هؤلاء وأولئك كبير جـدا…. بينما اعتنق هُـو مذهب الفن الجميل، وشتان ما بين هـذا وذاك…(ص – 80/ دعوة الحق) من المفارقة أنها ضمنيا تؤمن بالفن وعلتها أنه ( جميل) ورغـم ذلك يعيشان صراعا حادا بينهما ويتبادلان التهَـم –
– شبيه : اسمحي لي أن اصرح لك بأن معاملتك لي هذه تضايقني أكثر مما تضايقني حقائق الحياة نفسها
– خيرية 🙁 قلقة ) ماذا تعني بهذه الكلمات الجريحة…إذن أنت مصاب في معنويتك كرجل.
– شبيه : ( ثائرا ) وأنت امرأة مصابة في أنوثتها.
– خيرية 🙁 قلقة ) أنت رجل لا تطاق… لا تطاق… لا تُحتمل …سأفارقـكَ…
– شبيه : ( متأثرا) كما تشائين… كما تشائين… (ص80/ دعـوة الحق)
فمن خلال هـذا الحوار العنيف بينهما وقبل تحليل الإرشادات المسرحية فاختيار الكاتب- عـبد القادر المقدم – اسم
( شَبيه = لامثيل له ) و(خـيْريَّة: مُؤسَّـسةٌ اِجتمَاعيَّة) و( فياض= كثير العطاء والجـودِ ويَتمتّع بِحَيويّة / الوجه الثاني فياض يفيض غيرة وحـسدا) وهذا يؤكد بأن المؤلف كان “رحمه الله ” متمكنا من اللغة وأسرارها؛ وفي نفس الوقت متمكنا من موضعة الإرشادات المسرحية في سياق الحالة ومنطوق الخطاب .
ف – ( قلق/ تأثر/ ثورة /انفعال) بحيث نستشف أن هنالك صراعا نفسيا بين الطرفين، يتراوح بين الحـبّ و الكـرْه ، إلى حَـد أن حياتهما تبدو بلا روح ! تلك هي أغلب العلاقات الزوجية ، مدخلها ثقل الواجبات ؛ وكثرة الطموحات؛ ومنتهاها عَـدم الإنجاب؛ فهل العقم منه / منها ؟ لا ندري؟ لأن كلا الطرفين يحاول ممارسة التعْـويض وتبادل الإتهامات؛ ولكن الزوج ( شبيه)متشبث بالفضيلة، ويحسده عليها [ فياض] رغم أن كاتب النص لم يسع لخلق لقاء بينهما ؟ ربما بحكم التضاد وصراع القيم بينهما؛ باعتبار أن : القيم والمثل العليا تدعو الإنسان إلى المثابرة والاجتهاد، كما تدعُـوه إلى تجنب الإسراف والتبذير( شبيه) بخلاف ( فياض) و(حسب رؤية خيرية ) بأنه متشبث بمذهَـب الحياة الواقعية التي تنتج الأنانية والنفاق بين الناس ! وتفرض تفضيل المصالح الشخصية عن مصلحة المجتمع ! ولكن المفارقة أنه يؤمن بالثراء ويكرهه في نفس الوقت؛ وبالتالي فشخصية ( فياض) تعيش انفصاما، نتيجة صراع القيم في دواخله ؛ وذلك بحكم معاشرته ل( شبيه) وكرهه له أوحسده على تشبته بمبادئه ؛ وتلك تصريحات أمام زوجته ( خيرية) –
– فياض : لاشك في أنك خالطت أناسا معادين للفضيلة .
– خيرية وأنا لا أشك في أنك عايشت قوما معادين للصراحة ؟
– فياض : هـذا يجرنا الى موضوع آخر نحْن في غنى عن إثارته الآن.. لئن كـنتُ في نظـرك أنتِ ونظر
كثير ممن يغترون بالمظاهر دون التطلع الى الحقيقة – رجلا جمع بين بعد الصيت وطول الثراء وعزة
الجاه … فقد فقدتُ الطمأنينة وحرمت السعادَة ووجد القلق في نفسي مرتعا خصبا وموطنا صالحا وأن
عقارب الحسد تتطلع إلى من كل جحر، وأفاعي الانتقام تتلوى من حوالي وحيثما التقت… وأنا وإن كنتُ لا
أبريء نفسي مما اجترحته من آثام أواقترفته من جرائم تارة ضد أصدقائي وتارة ضد قومي…وأخـرى ضد الفضيلة، والمثل العُـليا، يوم كنتُ في صف الملحدين بها- فأنا موقن بأن فضائع أخرى ذيلت بها
صحيفتي دون أن يكون لي فيها يد….(ص 80/81- دعوة الحق)
ولكن المطب الذي يسقط فيه النص ، تلك المثالية المفرطة التي صرح بها ( فياض) ربما بحكم أوهام المحيط الإجتماعي الذي أفرز النص وخطابه ؛ أو ربما أمل / تصور الذي خطط له المؤلف؛ بحيث هنالك تقاطع واضح بين هذا النص( المحافظ) ونص ( أحلام ) و( شكليات) علما أن هنالك مؤثرات تشيخوفية وخاصة من خلال نص ( الخال فانيا ) وحينما نتمعن في نص” المحافظ” نشعُـر بنوع من استمالة القارئ والتحكّم في مشاعره التي هي في النهاية مشاعر إنسانية يشترك فيها كل إنسان يؤمن بالمشترك في هذا العالم.
– فياض : لوكان بإمكاني أن أتقمص شخصية شبيه ؛ متخليا له عَـن شخصيتي وما يكتنفها من المظاهر؛
لفعلت أنا جد مغتبط سعيد، إن شبيه هذا الذي سئمت معاشرته رجل غني بنفسه ، وشريف ببراءة ساحته؛
وفاضل بعفافه…أما أنا على العكس من ذلك، ولا يستبعد أن يأتي يوم يدعـوفيه حاجة الناس إلى رجل من
طراز شبيه ..وما الأحداث المتعددة إلا طلائع إلى ذلك اليوم المنتظر( ص81- دعوة الحق).
فرغم هاته المشاعر الفياضة . فهل حقيقة يمكن ل ( فياض) أن يتنازل عن مظهره وجاهه وثرائه ل ( شبيه) ؟ فالإجابة تكمن في هاته الفقرة [ إن شبيه هذا الذي سئمت معاشرته]بمعنى :أنه مجرد استدرار لعواطف ( خيرية ) للعودة لزوجها بالصورة المقبولة؛ لأنه من خلال صراعها مع زوجها؛ وهو يسعى تهدئة ثورتها وقلقها:
– فياض ( بهدوء) مالك تقلقين راحته… إنه رجل وديع ؛ وهو من صفتْ ضمائرهم ؛ فـَصفت لهم الحياة ،
وسلموا من غـوائلها
– خيرية : (محتدة) ماذا أفاد من هذه الوداعة…بل أين هو الصفاء المتبادل بينه وبين الحياة؛ شبيه رجل
يعيش … يعيش في أوهامه، تملكه الإعجاب بأشخاص مع القرون الغابرة ، وبقيتْ أخبارهم تشغل بطون الكتب ليملأ منها صغار الهمم وضعاف الإرادة فراغ أدمغتهم.
– فياض : ( متلطفا) كل رجل عظيم في قومه مدين لأولئك الذين صنعوا التاريخ .
– خيرية : أحسبك ممن يتحدثون بما لا يعتقدون إمعـانا في التغـرير بمرض الإرادة. لو كان ما تقوله هـو
عـين ماتعتقده لسلكت أنت هـذا المنهاج الذي تمتدحه لغـيرك ولا ترتضيه لنفسك. ( ص80 دعـوة الحق)
ولكن بحكم مشاعـر ( شبيه) كفنان/ مبدع ؛ سعى أن يتنازل عن الفضيلة ؛ ويجب أن تتحرر أمام مجلس ( المحافظين على المبادئ والمثل العليا؛ استجابة لطلب زوجته ؛ وصراعها معه ! فهذا في حـد ذاته أكثر من مثالية مفرطة ؛ وانسياق وراء فتنة الأنوثة ؟ ونلاحظ هَـذا [ في المنظر الثالث]
– شبيه : أنتِ المسؤولة عـن هذا كله .
– خيرية : ذلك كان رأيي؛ وأنت تعلم الحكمة المأثورة ” مهما كان رأي المرأة فهو مؤنث طبعا”
– شبيه : ( مبتسما ) ما أحلى هذا الاعـتراف من جانبك…أظن أن رأيي قد أصيب هو الآخر بلوثة التأنيث ( ص81/ دعوة الحق)
هنا لا نسير بمنطقنا النقدي؛ ونتعسف على ( شبيه / خيرية) ونشير بأن الشخص المتشبث بصلابة الموقف ؛ لا يمكن أن يتنازل عنه بسهولة وعن قيمه ! بل لنراعي النسق السياسي والاجتماعي الذي تموضع فيه نص” المحافظ” نسق فيه تـَقاطعٌ بين عَـوالم الرومانسية والتحول السياسي، الذي أفقد الناس تلك الطموحات والأماني التي كانت معقودة إبان الاستقلال ؟ وبالتالي فالنص يتأرجح بين رومانسية حالمة ( حب الزوجة ) والتي بدورها تبادله نـفس الشعور والإحساس. وبالتالي فالمبرر الذي احتمى به ( شبيه) أمام زوجته ؛ والتي انقلبت بشكل مفاجئ لصالح القيم التي يؤمن بها زوجها ؛ مبرر مقبول ومنطقي؛ في سياقه التاريخي . وبين انقلاب المبادئ/ التوجهات؛ والانتكاسة السياسية التي حولت التطلعات الشعبية لعبث مثير! وفي هذا الحوار المبطن بتفكيك المعاني القصدية المحمولة بين ثنايا خطاب( الزوجين ) سنتلمس لما نشير إليه في مرحلة 1962، لأن أي عمل إبداعي، يمتلك حمولة إيديولوجية/ سياسية ؛ قبل أدبيته أو جماليته في التركيب والبناء. وهـذا يتم في [المنظر الأول] في[حديقة متصلة بالمنزل] بحيث اختيار (المكان) ليس اعتباطيا؟
– خيرية ( في حدة ) أنت واهم…بل أنت مغفل، لا تحسن المقارنة بين ماهو ضروري وبين ما هُـو كمالي،
فالشيء المطلوب بالفعل غير الشيء الممدوح بالقول.
– شبيه: لست كما تدعين ، إن أنا إلا إنسان عشق الكمال فسعى إليه ، ولا عليه بعد ذلك ، وصل أو لم يصل
– خيرية : إن هذا الطريق الذي تسلكه أطول من صبرك، وأقوى من عزمك ، وأبقى من زادك (ص 79/
دعوة الحق) .
ولكن بحكم أصالة ( شبيه) وحماسة ( الزوجة) أعاد أمور إيمانه ب”الفضيلة ” التي اعتبارها دينا مقدسا، ليحتفظ بقناعته وبالخط الذي سار فيه منذ البداية بعدما والدعم الذي أعطته إياه زوجته؛ وهاته المعطيات المشهدية تتم [في المنظر الرابع]
– شبيه : وأنا أعترف باندفاعي أخيرا إلى الجهر بهذه الدعوة كان خاليا من الرزانة بعيدا عن الحكمة شأن
كل من يتنكر للفضيلة.. ولهذا كان لا مناص من اعتباري أحَـد الشخصين: ثائر على القافلة لا على شيء
آخر أو معتل الفكر ….
– خيرية 🙁 في استسلام) اقترح عليك أن تعـود إلى محافظتك.. وأعْلِـن في أول اجتماع يُعقَـد أننا جميعا من
دعاة الفضيلة.
– شبيه : أنا محافظ…. أنا محافظ… الفضيلة دين مقدس. (ص 82/ دعوة الحق) (8)
الإســتــئنـاس:
1) انظر : في رحاب المسرحي حسن المنيعي: لنجيب طلال صحيفة رأي اليوم في 19/12/2022
2) للإذاعة المغربية أعلام : لمحمد الغـيداني”/2015
3) مشبال : صفعت الرقيب على خده فتم طردي من الإذاعة – نشر بواسطة سليمان الريسوني ركن
” كرسي الاعتراف ” في جريدة المساء يوم 20/08/2014
4) ديوان لمحات الأمل : لعبد القادر المقدم مطبعة المهدية – تطوان/ 1948/
5) ثورتان في التاريخ والشعر: لأحمد بنميمون صحيفة ديوان العرب بتاريخ 06أبريل2010
6) الحركة الأدبية في عهد الحماية الإسبانية في شمال المغرب: لغوستابينوغين- ترجمته المجلة العَـربية
– بتاريخ – 11/07/2010
7) الصحيفة الإلكترونية لإذاعة طنجة 2011
8) المحافظ: مسرحية اجتماعية ساخرة: في فصل واحد- لعبدالقادر المقدم ( طنجة) مجلة دعـوة الحق
عـدد7 – السنة الخامسة / أبريل -1962