42 – إعداد معلم اللغة العربية:(هذا الجزء من الأجزاء التى توضح كيف كان الدكتور طه مفكرا عظيما .. كتبه من حوالى خمسة وثمانون عاما ولكن كما لو كتبه الآن .. اعطيه عنوان من عندى .. الأزهر وما أدراك ما هو الأزهر وماذا فعل وما زال يفعل بمصر) يقول أن المشرفون على شؤون التعليم أحسوا أن الأزهر
لا يستطيع أن ينهض بهذه المهمة لإسرافه فى المحافظة (يقصد كمؤسسة محافظة تقليدية) وإمتناعه عن التجديد وعجزه عن إستزاغته للعلم الحديث حيث أن معلم اللغة العربية يجب أن يجارى الى حد بعيد تكوين المعلم لأى مادة من مواد العلمورأوا أيضا أن بين اللغة العربية وبين الدين صلة قوية وإن إنتزاعها فى عنف من الأزهر قد يثير الخواطر وقد يحدث من الإضطراب ما لا حاجة به ففكروا فى إنشاء مدرسة خاصة تكون شيئا وسطا بين التعليم القديم والتعليم الحديث يؤخذ فيها طلاب أزهريون ثم يكلفون تعليم اللغة العربية فى المدارس العامة ومن أجل هذا أنشأوا مدرسة دار العلوم (أتداخل هنا وأقول .. ماذا عن باقى الدول العربية التى لا يوجد بها الأزهر؟
هل تعليم اللغة العربية فى مدارسها لا يتم بشكل سليم؟) ما من شك فى أن دار العلوم قد حققت ما كان منتظرا منها فتخرج منها أجيالا من المعلمين أقرب الى التجديد من أجيال الأزهر وقد نهضت هذه الأجيال بتعليم اللغة العربية على وجه ملائم كما كانت تريده وزارة المعارف ولكن الدكتور طه يرى أنهم لم يحققوا من إحياء اللغة العربية وآدابها ما كان خليقا أن يظن بهم فلم يحدثوا فى اللغة العربية شيئا مهما أو اضافوا الى تراثها شيئا خليقا بالبقاء مؤيدا رأيه بأن الأدب العربى تطور فى موضوعه ومادته وأشكاله وصوره
وكمثال فإن الشعراء حافظ وشوقى والبارودى وأيضا كبار الكتاب مثل لطفى السيد وهيكل والعقاد و المازنى وسعد زغلول وقاسم أمين وغيرهم لم يدرسوا فى هذه المدرسة ولم يتخرجوا منها فالتعليم الحديث صادف عقولا ممتازة
فخرجت من التعليم الحديث متفوقة وعملت على تكوين أجيال حديثة يقول أن دار العلوم لم تنجح فيما كان ينبغى أن تنجح فيه من تجديد علوم اللغة العربية وإصلاحها والملائمة بينها وبين حاجات الحياة الحديثة ولم توفق فى تحبيب اللغة العربية الى نفوس التلاميذ وتقويتهم فيها أضيف الى هذا الإضطراب فى تعليم اللغة العربية إنشاء كلية الآداب فى الجامعة المصرية وبها قسم للغة العربية واللغات الشرقية مما جعلها تطمع فى مزاحمة دار العلوم فى تعليم اللغة العربية فى المدارس العامة وأثناء ذلك تطور الأزهر
وأنشأت فيه كلية للغة العربية وأصدرت الدولة قانونا أن يكون من حقه تعيين خريجى كليته للغة العربية فى مدارس الدولة (أتداخل وأحتمل أن يكون هذا ضمن سياسة الأزهر فى التغلغل فى ثنايا المجتمع المصرى وأهمها التواجد فى التعليم والسبيل اليه هو تعليم اللغة العربية مثل الدخول الى القضاء عن طريق تعيين خريجى كليته الشريعة والقانون فى سلك النيابة العامة
هذه تلقى الضوء على الدور الذى يلعبه الأزهر فى مصر وهل هو لصالح الحداثة؟) ففى مصر الآن (هذا وقت صدور الكتاب) ثلاثة معاهد تخرج المعلمين للغة العربية
دار العلوم وكلية الآداب الجامعية وكلية اللغة العربية الأزهرية والدولة حائرة بينهم .. يقول أن الدولة لم تستمع لنصيحته بألا تقبل من الأزهر ما طمع فيه الأزهر لأن الأزهر معهد للتعليم الدينى الخالص لا لتخريج المعلمين فى المدارس المدنية لأن المعلم الذى سيخرجه الأزهر سيكون خاضعا لسلطانين أحدهما مدنى فى الوزارة والآخر دينى فى الأزهر فلم تحفل بذلك لأنها كانت خائفة من الأزهر ولأن الظروف السياسية كانت تفرض عليها هذا الخوف
( أقول .. وما زالت خائفة حتى يومنا هذا ولهذا لا نتقدم الى الأمام وبقى الحال على ما هو عليه) يعطى مثال نظام هيئة كبار العلماء يمحو أو يقيد على أقل تقدير سلطان الدولة فيكفى أن تخرج الهيئة أحد هؤلاء المعلمين من زمرة العلماء الدينيين ليكون وزير المعارف ملزما بفصله من منصبه وفى هذا محو للحرية العقلية التى هى من حق المعلم وأيضا إلحاق مدارس الدولة ووزير المعارف لسلطان الأزهر بالإضافة الى أن مدارس الدولة ستكون تابعة
لعقلية الأزهر المحافظة التقليدية حيث لا تجديد معلم اللغة العربية محتاج الى أن يكون قادرا على أن يفهم الصلة بين مادة اللغة العربية وأصولها السامية الأولى وأن يكون واسع العقل ليفهم الصلات الكثيرة المعقدة بين الأدب العربى قديمه وجديده وبين الآداب الأجنبية قديمها وجديدها أيضا فيجب عليه أن يدرس اللغات السامية
وأن يتقن بعض اللغات الشرقية والجامعة وحدها كما يعتقد الدكتور طه هى القادرة على النهوض بهذه المهمة لأنها تمثل العقل العلمى ومناهج البحث الحديثة وتتصل اتصالا مباشرا بالحياة العلمية الأوربية وتسعى الى إقرار مناهج التفكير الحديث شيئا فشيئا فى مصر ولأنها وليدة الحضارة الحديثة لا ترهقها تقاليد عتيقة فهى حرة بطبعها