كان يمكن لمصر بعد عملية التحديث التي قام بها محمد علي أن تكون اليوم في مصاف الدول المتقدمة لولا المقاومة العنيفة التي أبداها المشايخ باسم الدين لكل قيم ومظاهر الحداثة
إذ حرموا البعثات التعليمية والمناهج الحديثة وتعليم المرأة وعملها والإختلاط والدستور والبرلمان والديموقراطية والمساواة والطباعة والطب والتشريح والفلسفة والتصوير والأزياء الحديثة والفنون والآداب والمذياع
والعمل في البنوك والمصارف وشركات التأمين وتوصيل مياه الشرب للمنازل بالأنابيب ، وأشهروا سلاح التكفير في وجه المفكرين والمبدعين ودعاة التطوير فحالوا دون بزوغ شمس البحث العلمي ووقفوا سدا منيعا ضد انسياب قيم الحداثة ومظاهرها في شرايين المجتمع لتغير أفكار الناس وعاداتهم وتقاليدهم
فاقتصرت الحداثة على أنظمة الدولة ولم تصل ثمارها إلى الناس
وهو ما حرص الاحتلال البريطاني على استمراره بعرقلة محاولات التحديث التي قادها محمد عبده وقاسم أمين ولطفي السيد وغيرهم ودعم تكتل الاتجاهات المحافظة في جمعيات مثل أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية والإخوان المسلمين ، ولم تلعب الأقلية المسيحية في مصر الدور الذي تلعبه جميع الأقليات في تحفيز كوامن النشاط والإبداع في المجتمع وذلك نتيجة لانكفائها داخل الكنيسة التي تبتزها الدولة من ناحية ، ولا يعارض كهنتها جهل المشايخ عن سلفية مماثلة أو أشد تخلفا ورجعية.
تبا لأمة تضع عقلها بيد جهلائها وتجعل من دينها عقبة في طريق نهضتها.