الأحد , ديسمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
ماجد سوس

طائر الحب في عيده الستين

ماجد سوس

​هناك اشخاص في التاريخ يصعب الكتابة أو التحدث عنهم ليس فقط لعظمة تأثيرهم، بل لأن الحديث عنهم يحتاج عشرات، بل مئات الكتب والمقالات.

الرجل الذي أريد أن أكتب لكم عنه اليوم هو أحد رجال الله الأقباط الذي ذاع صيته في كل أنحاء المسكونة، طاقة حب أهداها الله لكنيسته منذ أكثر من ستة عقود.

نبراس اضاء الطريق لكثيرين منهم من تبوأ أعظم المناصب الكنسية والعلمانية ومنهم من يخدم في العالم ومن يخدم في البرية.

حقا هو من يستحق أن يقال عنه أبو الآباء ومعلم المعلمين.

أنه رجل الله الملتحف بالتواضع صاحب القلب والقلم واللسان الذهبي القمص تادرس يعقوب ملطي.

حين عرض عليه أخو زوجته، القديس القمص بيشوي كامل، أن يخدم معه ككاهن رفض في البداية وطلب ان يخدم في هدوء دون ان يعرفه أحد فأنطبق عليه قول مار اسحق السرياني “من طلب الكرامة هربت منه، ومن هرب من الكرامة لحقت به وأمسكته” فجله الله يضئ بتعاليمه في كل المسكونة

حتى أن البابا شنودة الثالث أرسله ليؤسس كنائس هذه عددها، في كل جهات الأرض، حتى أن البابا قال يوما، ضاحكا، “أنا ضد الاستنساخ البشري لكن الوحيد الذي أتمنى أن نستنسخ منه عشرات نرسلهم في كل كنائس العالم هو أبونا تادرس يعقوب”.

أرسله قداسة البابا ليمثل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في غالبية اللقاءات والمحافل المسكونية وصار محبوبا من كل كنائس العالم بعلمه ومحبته واتضاعه، فصار مثالا حيا لرجال الله الأتقياء حتى أنه بعد أن قام بتحويل حلم الكنيسة إلى حقيقة وهي أن يكون لها كاتكيزم يحوي كل إيمانها وعقائدها وتعاليمها، قام البابا تواضروس الثاني، أطال الله عمره، بتقديم نسخ منه لرؤساء الكنائس في اجتماع لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وقد علق قداسة البطريرك مار أغناطيوس إفرايم الثاني بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة قائلا:

” أنا أفرح إنني تتلمذت على يد أبونا تادرس يعقوب ملطي وكنت أحضر محاضراته في الكلية الإكليريكية بالأنبا رويس نحن نحبه كثيرا ارجو توصيل سلامي لقدسه وأرجو زيارته ورؤيته وانا سعيد بمجلد الكاتكيزم”.

تعلق أبونا تادرس بالآباء الأولين تعلقاً شديداَ حتى صار واحداً منهم، ووضع نصب عينيه أن يعرف الأبناء تاريخ وتعاليم وعظمة الآباء فصار صديقا حميما ليوحنا ذهبي الفم واوريجينوس ويعقوب السروجي وغيرهم، عين أستاذا للباترولوجي – علم الآباء – في العديد من كليات اللاهوت “الإكليريكيات” وكتب مئات الكتب الآبائية وترجم العديد.

في الإنجيل المقدس قام بشرح كل أسفار الكتاب المقدس رابطاً تفسيره بتفسيرات الآباء فصارت نورا للخدام والوعاظ وفي شرحه للكتاب صار صديقا لبولس الرسول.

كتب ابونا تادرس كتب في كل المجالات ولكل الفئات، اهتم بالأطفال وكتب عشرات القصص لهم، كتب يوماً كتاباً للمراهقين اسمه “دعوني أنمو” أثار ضجة كبيرة بفكر جريء مستنير، أغدق عليهم بالحب وشارك معهم أحاسيسهم واحتياجاتهم وقام بتشجيعهم وحثهم على التمسك بيسوع مهما سقطوا في خطاياهم.

قام أيضا بكتابة مجلدات تحوي قاموس أبجدي ضخم يضم العديد من قديسي الكنيسة.

أبونا ليس عنده وقت يضيعه فمبدأه هو قول الرسول بولس “الويل لي إن كنت لا أبشر” يكفي أن أعطيك مثالا عن غزارة إنتاجه الفكري ففي عام ٢٠٢٠ فقط قام بتأليف أكثر من ثلاثة وثلاثين كتابا.

وقد تُرجمت كتبه إلى الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، السويدية، الفلبينية، الصينية، الروسية، واليونانية.

يوما طلب مني ابونا أن أكتب بحثا عن الدفاع الشرعي في المسيحية وفي القانون وأسباب الإباحة وبعد أن أرسلته إليه فوجئت بأنه قام بطباعته واضعا أسمي بجانب اسمه وهي بركة لا أستحقها وأضاف على البحث، مفهوم الدفاع الشرعي في العهد القديم وعند الآباء، فصدر كتابا بديعا، قال عنه نيافة الأنبا موسي أنه أول كتاب في الكنيسة يتحدث في هذا الأمر الذي نحتاجه هذه الأيام.

أحبائي، اعلم أن أبي قد يغضب من هذا المقال فهو لا يحب المديح أو الثناء ولا يقبل الكتابة عن الأحياء، ولكني أعترف أمامكم أنني ترددت كثيرا قبل الكتابة لكني لم استطع وبقدر الامكان ان اخفي مشاعري تجاه هذا الرجل العظيم الذي سرق قلبي و قلوب كل من تقابل معه.

أبي الحبيب أصلي من الرب يسوع أن يعطيك طول العمر ويمتعك بالصحة ويثبتك على كنيسته وكهنوته أزمنة عديدة سلامية. صلي من أجلي يا طائر الحب المقدس.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.