مختار محمود
هذه رسالة عاجلة لرئيس الإذاعة المصرية ومَن يهمه أمر القرآن الكريم: أوقفوا القاريء محمد حامد السلكاوي، وكل من يحذو حذوه وينتهج نهجه في تلاوة كتاب الله تعالى الذي أمرنا بأن نتلوه حق تلاوه؛ فقد بلغ السيل الزبى واتسع الراتق على الراتق، ولا تأخذكم بكل مَن يستهين بمُحكم التنزيل شفقة ولا رأفة ولا رحمة.
ما لكم لا تجعلون لله وقارًا؟ إِن حيًّا يرى الصلاحَ فَسادًا، أو يرى الغيَّ في الأمورِ رشادًا لقريبٌ من الهلاك، كما أهلكَ سابورُ بالسواد إِيادًا.
رئيس الإذاعة المصرية محمد نوار فعلها قبل عامين، عندما أصدر قرارًا بتجميد القاريء الطبيب صلاح الجمل؛ على خلفية أخطاء ومخالفات عديدة شابت تلاواته.
القرار –يومئذ- صادف ترحيبًا كبيرًا من جمهور المستمعين واعتبروه مُنصفًا وعادلاً..حتى وإن جاء متأخرًا.
وقبيل صدور هذا القراربأيام..كنتُ قد كتبتُ ثلاثة مقالات عن الأداء السييء والباهت والضعيف
والرديء والمتردي جدًا للقاريء الطبيب، كما كشفتُ لأول مرة عن ملابسات اعتماده بالإذاعة والتليفزيون
بفرمان مباشر من رئيس الحكومة السابق المهندس إبراهيم محلب، وفي خضوع من جانب
رئيس الإذاعة السابق عبد الرحمن رشاد؛ أملاً في التجديد له في منصبه مثنى وثلاثَ ورُباعَ، واستسلام من لجنة
الاختبارات التي لا تملك من أمرها شيئًا؛ حيث انحازت لنفسها ولمصلحتها الشخصية أولاً وآخرًا، ولم تنحَز لكتاب الله تعالى.
وناشدتُ “نوار” يومئذ بأن يُصحِّح خطأ سلفه ويغضب من أجل القرآن الكريم، وليس شيئًا آخر
وهو ما قد كان، ولكنه لم يتكرر مجددًا رغم كثرة الوقائع المشابهة وتعددها. “نوار”
قال في تصريحات صحفية يومها: إن اللجنة المُختصة وجَّهت أكثر من إنذار للقارئ صلاح الجمل
لارتكابه مخالفات عديدة، موضحًا أن القرار جاء من لجنة عُليا ضمَّت علماء دين ولغة أفاضل
وخبراء في مجالات مختلفة، ومن بينهم: رئيس لجنة المصحف الشريف بالأزهر
ووكيل كلية التربية الموسيقية وبعض الإذاعيين.
“نوار”..شدد أيضًا على أن اللجنة الموحدة لم تتخذ قرارها إلا بعد مراجعة “الجمل”
أكثر من مرة، ومواجهته بأخطائه التي يقع فيها ومطالبته بتصحيحها، لكنه لم يمتثل، وعليه صدر قرار منع إذاعة تلاواته.
ورغم أن الجمل -من تاريخه وحتى الآن- يطرق الأبواب؛ أملاً في العودة إلا إن جميعها لا تزال موصدة؛ لا سيما
أن راعيه الرسمي لم يعد في موقع المسؤولية كما كان أول مرة! كان من المفترض
أن يكون هذا القرار غير المعتاد من جانب الإذاعة المصرية رادعًا لقراء آخرين لا يختلفون كثيرًا عن “الجمل”،
بل قد يتفوقون عليه ضعفًا ورداءة، وهو ما لم يحدث؛ وقد يكون مردُّه أن اختيارات واختبارات
قراء القرآن الكريم بالإذاعة والتليفزيون في السنوات الأخيرة تشوبها المجاملات الرخيصة جدًا
وهو ما أنتج جيلين من القراء أهدروا مجد أسلافهم من أكابر دولة التلاوة المصرية مع سبق الإصرار والترصد.
وفي هذا السياق..أرفع هذه الرسالة العاجلة إلى رئيس الإذاعة؛ داعيًا إياه بتوجيه اللجنة المختصة إلى مراجعة
تلاوات القاريء محمد حامد السلكاوي، ومطابقتها بضوابط وأحكام وفنون التلاوة الصحيحة، على أن تشمل تلك التلاوات المختارة فيديو متداولًا،
يقرأ فيه القاريء المذكور قوله تعالى: “ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوَا في الأرض” على نحوٍ شديد التدني والرخص، والطريف أن ميلشياته تسعى جاهدة منذ أمس إلى حذفه؛ بعدما طاف الفضاء الإلكتروني على نطاق واسع، والأشد طرافة وبؤسًا في آن واحد هو أن كثيرًا من المعلقين أعربوا عن صدمتهم من كون “السلكاوي” قارئًا إذاعيًا،
أمَّا ما لم يعلموه قطعًا فهو أن أبناءه قطعوا شوطًا كبيرًا في سبيل الاعتماد بالإذاعة والتليفزيون!!
أعلم أن اللجنة الحالية تضم أسماء كبيرة في عوالم القراءات والتلاوة والموسيقى، وأظن-وكل الظن ليس إثمًا- أنه لن يُرضيها أبدًا أن تتم تلاوة القرآن الكريم في المحافل والعزاءات على هذا النحو الأراجوزي الراقص الهزلي
بعيدًا عن الانضباط والوقار اللذين يجب أن يلتزم بهما قاريء القرآن الكريم. لو انتفضت الإذاعة مجددًا
ضد هذا القاريء الستيني وأقرانه من الذين يسترزقون من قراءة القرآن الكريم، ومن ثمَّ فهم
ليسوا أهل القرآن كما يدَّعون، واتخذت حزمة قرارات ضد غير المنضبطين منهم ، فإنها قد تعُيد بعض الوقار المفقود وبعض الانضباط الضائع وبعض الالتزام المهدور إلى “أسواق التلاوة”، نعم لقد صارت أسواقًا
وليس شيئًا آخر، ولا عزاء لنقابة محفظي وقراء القرآن الكريم بإدارة الشيخ محمد حشاد التي تفرغت لمطاردة بعض القراء المغمورين المجاهيل؛ بحثًا عن الشهرة الزائفة والوهمية،
أمَّا “السلكاوي” وأقرانه وأشباهه فإنها لات تجرؤ على الاقتراب منهم بكلمة واحدة، ولله الأمر من قبل ومن بعد, اللهم قد بلغتُ اللهم فاشهد.