نهى حمزه
عندما نتحدث عن الخلود إننا نتحدث عن اللانهائية وهذا ما أقام المصري القديم حياته على مبادئه ( الخلود ) . وقد عبر عن نفسه بالفنون المختلفة من نحت ورسم وغيره وأيضا عن مخزون الشعور بالخلود في وجدانه ، فولد هكذا يحمل بداخله عقيدته التى تعنى دوام الحياة بعد الموت . وعندما نتحدث عن الخلود الرقمي لن نبتعد كثيرا عن هذه المعاني التي اعتنقها المصري القديم حيث رسم خطوطه على المعابد ليست لمجرد خطوط وفنون
بل كان يعتنق فكرة أنها يمكن أن تتحول الى حقيقة واقعية . إذن لن يكون الفرق كبيرا بين ماهية الخلود الرقمي والخلود المصري والوصول نقطة واحدة أو حقيقة واحدة … فكما إعتناق عودة الروح عند المصري القديم نجد فى عصرنا الحالي فكرة الخلود الرقمي والذي سنفصل فيه لاحقا . وقد بدأنا بالربط بين هذا وذاك بمعنى واحد هو فكرة الخلود واللانهائية أو عدم إنقطاع الحياة للشخص …. وكل ما وصل إلينا من فنون للمصري القديم هى تخدم ما كان يُعتقد ، والاعتقاد إلى جانب أنه وجداني إلا أنه في المقام الأول فكر
سواء عبرنا عنه بخطوط فنية أو أعطيناه صفة الرقمنه لكن أرقامه ليست جامدة وهذا ما تتناوله الأبحاث اليوم . فلننطلق إذا إلى ما يطلق عليه اليوم “الذكاء ألاصطناعى” والذي أخذ مساره فى نطور متسارع ينقلنا إلى مناطق كثيرا ما ارتبطت بالخيال العلمي . ينقلنا حديثنا إلى ” الخلود الرقمي ” محاولين التفصيل فيه بقدر ما
وهو ما إستهدفه هذا المقال . من العلماء من يؤكد إمكانية تخزين الوعي رقميا من خلال أبحاث الدماغ والذاكرة ، ورغم الاستمرار في هذه الأبحاث إلا أنها لم تصل إلى حد بعيد لكنها بدأت و لن تتوقف والنتائج مثيرة وتستفز الفكر لمواصلة البحث .
لن نتحدث عن حديث العلمانية فى مسألة “الخلود الرقمي” فالعلمانية تعتبره موضوع فكري ومالى وبحثي أي إستثماري جسدى ، والمستهدف من هذا ما يطلقون عليهم مجموعة “السيليكون ” أوالفلاسفه والعلماء ، وقد أقتنعت بهذه الفكرة عدة مئات من الأشخاص واختاروها بالعقل ليتم حفظهم بالتجميد في تفضيلهم للموت ببساطة … معتقدين ومنتظرين أن يمنحهم العلم بتطوره فرصة ثانية للحياة .
وهنا نبرز رأينا بأننا سنصطدم بآثار أخلاقية لو إعتمدنا ذلك وتعاملنا مع الموت على أنه ( مشكلة ) .
ونقر أنه فى محاولة التغلب على الأحزان من فقدان الأحبة بشكل مفاجئ فيمكن إستخدام تلك التكنولوجيا بغرض من الخير أو الشر … ففي جانب من دراسات تلك التكنولوجيا
كيفية جعل الدماغ ينسى بعض الذكريات ,,, البعض يراها خير وآخرين يرونها شر ، والموضوع تفرع وتشعب وحرك قريحة العلماء وفكرهم وبالتأكيد ستظهر له نتائج أكثر تقدما وأكثر خطورة في المستقبل القريب
وفى ظل هذه الطفرة المتسارعة واللهاث العلمي والمعلوماتي مازالت النتائج متواضعة إلى حد ما أمام ما ستنبئ أو تصل إليه الابحاث التي لا تنقطع من قبل العلماء والباحثين .
والسؤال الذي لم تعد إجابته ببعيدة
هل تنتهي الانسانية إلى إختراق أدمغتها عن التحكم فى تصرفاتها من قبل القراصنة نتيجة القيام بتحميل ذكرياتنا ووعينا على الأجهزة .
الموضوع واسع ومتشعب بالفعل ويحتاج لسلسة مقالات أو كتاب لكننا نحاول الامساك بلبه مبرزين بعض الحقائق العلمية فى ما وصل إليه وأيضا بشئ من التأمل الفكري .
ونقول أن الانسان فى هذا العلم الحديث يسعى إلى للمجهول كما أنه محاولة تفسير علمي لمعضلة الموت فى تطور البيولوجيا . هنا نتساءل .. هل وضع البشر فى كبسولة إليكترونية يفتح الباب إلى الحياة الأبدية بعد موتهم البيلوجي ؟؟
وتأتينا الاجابة بأن 25 شخصا بدأوا التجربة بالفعل تقنية جديدة طرحها علماء معهد ماساتشوستش للتكنولوجيا ,,, التقنية تستخدم فيها البصمات الرقمية لإنشاء نسخة ذكاء إصطناعي من البشر يمكن أن تبقى محفوظة بعد وفاتهم أى “رقمنة السلوك الشخصي” .
هو خداع الموت عن طريق تخزين الوعي رقميا . بالطبع الخلود حلم قديم أزلي عند الانسان مثلما تصور المصريون القدماء (فكرة الخلود بعد الموت ) وتحولت إلى تكنولوجيا تعتمد على مجموعه من الخوارزميات سواء المتعلقه بالذكاء الاصطناعي أو في تكنولوجيا أخرى لمحاكاة الانسان أو طبيعة تصرفه
وبالمناسبه يجدر بنا أن نذكر الخوارزمية بهذا الاسم نسبة إلى العالم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي الذي ابتكرها في القرن التاسع الميلادي . بذل العلماء جهدا واضحا من لرقمنة الدماغ البشري
من أهمها وأبرزها “مبادرة الدماغ الدولية بتخطيط الدماغ من أجل إحداث ثورة مستهدفين علاج إضطرابات الدماغ” مشروع بلو برين السويسري الذي أقام تجربته على القوارض فأعاد بناء أدمغتها رقميا بهدف التمكن من إستخدام التكنولوجيا على العقول البشرية
وإهتمام آخر نذكره لوكالة DAppA التابعة للجيش الأمريكي إذ قامت بمهمة التمويل المالي للوصول إلى واجهات آلة الدماغ التي تمكن الجنود القيام بمهمات مشجعة أو إيجابية أو واعدة مثل التحكم بطائرات الدرون
نتذكر قول الله تعالى : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
بهذه الآية الحاكمة لا ينبغي أن نغلق العقل البشري عن البحث والتدبر والتوقع والبحث فى ماهية هذا المخلوق المكرم الممتلئ بالأسرار ( الانسان ) وفى كل ما يدور حوله من غلاف جوى وما تحته من أرض تحمله وسماء تظله وعلاقة كل ذلك بمكوناته التفصيليه ، العلم والعلماء قد يصلون الى تغيير شكل الحياة وكله بأمر الخالق العظيم