كتبت جورجيت شرقاوي
أثارت فكرة إنشاء «مجلس استشاري بابوي» في الكنيسة القبطية جدلا واسعا بعد أن انتقلت من الغرف المغلقة إلى طرحها علي مواقع التواصل الاجتماعي مباشرة، وانقسم الرواد حول الفكرة، وقد يرى البعض أن إنشاءه ضروري حيث يعطي الاستشارات القانونية والاجتماعية والفنية وحتى المالية لقداسه البابا تواضروس الثاني ، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، بينما اعترض الكثير حول طرح الرؤية التي نقلت مخاوف تلغى دور المجلس الملي والمجمع المقدس وشنوا هجوما ضاريا، و تسأل آخرين عن كينونة المجلس لتقوية وتنفيذ توجيهات قداسه البابا فيما يريد عمله وتدعيمها في وجه المعترضين مما يزيد الانقسامات داخل المؤسسة، أما سيكون للمجلس دور هام بقرارات ملزمة وتحريك المياه الراكدة بحسب وصفهم.
تاريخ المجالس المختلفه :
ويتناول المؤرخ الكنسي أيمن عريان تاريخ الكنيسة فيقول، إن تجديد فكرة خدمه العلمانيين للكنيسة وكانت مهمتهم الإداريات والماليات وتوزيع كل ما يخص الاحتياجات علي الشعب، بحسب القوانين المعمول بها وقت الرسل والآن له شكل صوري داخل الكنيسة وهو مجلس إداري لكل كنيسة ولكن لا يستطيع أخذ أي قرار إلا بالرجوع للكهنة
ويضيف، عندما أنشأ المجلس الملي وقت البابا كيرلس الخامس بسبب استيلاء الروبيطه الخاصة بالأديرة علي مقدرات الأوقاف القبطية، وتألف من الاراخنه والباشوات ولكن عمل صدام مع المجمع المقدس، واحتدم الأمر ثلاثون سنة إلى أن تنيح البابا عام ١٩٢٧، وجاء البابا كيرلس وتم حل المجالس الملية علي يد الرئيس عبد الناصر ويضيف، وعندما جاء البابا شنودة الثالث اختار مجموعة من أهل الثقة ولكن صلاحيات المجلس لم يتجاوز حدوده سوي اصدار البيانات بلا اي خطوة دون تفعيل علي أرض الواقع.
أما المجلس الاستشاري قام علي يد أساقفه برئاسة الأنبا ميخائيل أسقف أسيوط في عهد البابا يوساب بناء علي قرار من المجمع المقدس وهو يعتبر وصاية لإدارة أحوال بطريركية الأقباط بعد استبعاد البابا يوساب وظل يعاني بالمستشفى القبطي نفسيا وجسديا، وجاء هذا الوضع نتيجة لبعض المشاكل التي أثارها أحد تلاميذه في رسومات الكهنة والأساقفة واستولى على أملاك كثيرة بحسب ما ذكر التاريخ.
بينما يشير عريان، إلى أن فكرة المجلس الحالي المطروحة هي محاولة لإحياء دور العلمانيين جنبا إلى جنب مع الاكليروس ويشمل القانون والفني والسياسي… إلخ وكمثال يجب أن يدير المختص القانوني الأمور الخاصة قانونيا بين الكنيسة والقضاء واللاهوتي يقدم رؤيته حول ما يثير في الساحة مما يفيد في حركه الكنائس المسكونية من حولنا
اقتراح أم فرض الوصاية:
ويقول كريم كمال الكاتب والباحث في الشأن السياسي والمسيحي، أن الدعوة التي أطلقها أحد الكتاب الأقباط بتشكيل مجلس استشاري في ظاهرها مساعدة قداسة البابا ولكن الحقيقة في باطنها فرض الوصاية علي البابا والمجمع المقدس من خلال ترشيح أسماء معينة اختارت بعناية فائقة معرفا اتجاهاتها مع إضافة اثنين أو ثلاثة محل احترام الشعب القبطي مثل نيافة الأنبا مكسيموس مطران بنها وهو رجل ناسك وذلك بهدف إضفاء شرعية علي اللجنة.
لجنة وظيفية:
وأضاف كمال، يجب أن نفرق بين أمرين الأول أن يشكل الأب البطريرك لجنة استشارية للمساعدة في مجال معين مثل إدارة المستشفيات أو المدارس علي سبيل المثال وهذا أمر طبيعي والثاني أن يقترح أحد تشكيل لجنة بأسماء معينة وهذا يعني عجز البطريرك علي إدارة الكنيسة ووجود خلفات ضخمة بين البابا والمجمع المقدس ولا يستطيع التعامل معها إي انه في حالة من الضعف وهي أمور نرفضها تماما.
وأختتم كمال، مثل هذه الدعوات تهدم ولا تبني ويجب أن يعلم من يطلقها أن جموع الشعب القبطي لن تقبل الوصاية على الكنيسة من أشخاص معروف اتجاهاتهم وأهدافهم.
المجلس الملي:
ومن جانبه أوضح عماد جاد النائب السابق والسياسي، أن اقترح الأستاذ كمال زاخر تشكيل مجلس استشاري لقداسة البابا تواضروس الثاني وتكرم بوضع اسمي ضمن القائمة المقترحة دون إبلاغي أو أخذ رأيي.
وعلق أيضا قائلا، أنا رجل علماني أفصل ما بين الديني والسياسي ولا أتصور أنني سأكون مفيدا لمجلس من هذا النوع وأنا مؤمن بالفصل ما بين الديني والسياسي ومنه العمل العام.
واستطرد، أتصور أن الحل الأمثل من وجهة نظري هو إعادة تفعيل المجلس الملي العام عبر إجراء انتخابات حرة نزيهة وليترشح كل من يجيد في نفسه القدرة على القيام بدور فاعل في المكون المدني (العلماني- الارخن) داخل هيكلية الكنيسة وهو المجلس الملي العام، كان مجرد اقتراح من قبل الأستاذ كمال زاخر، فلا داعي للاشتباك حوله وتبادل الاتهامات.
وقال سعيد عبد المسيح المحامي، لنا حق الترشح وحق التصويت في المجمع الانتخابي للمجلس الملي لطائفة الأقباط الأرثوذكس منذ ٩ سنوات، فلا كيان نقبله إلا هذا الكيان القانوني وفقا لانتخابات حره تعبر عن أراده جمهور الناخبين الأقباط الأرثوذكس فقط والقول بغير ذلك درب من دروب الخيال.
العلمانيون والكنيسة:
ويقول مينا أسعد كامل، الكاتب والباحث القبطي، أنه عبر العصور الحديثة كان تدخل العلمانيين في إدارة الكنسية يهدف إلى تحقيق مآرب من السلطة والنفوذ والمال… إلخ كاسحا في طريقه كل القيم والمبادئ الكنسية لنجاح مشروعه، ويحكي لنا التاريخ عن المجلس العلماني الذي تحدى الكنيسة في سر الزيجة فأخرج لائحة ٣٨ التي أوقفتها الكنيسة فورا فاشتركوا في مؤامرات عده لعزل الباباوات آخرهم البابا يوساب وغيره.
ويضيف، في ظل شهادات التاريخ مقترح إنشاء لجنة استشارية باباوية، وهذا الاسم الغريب والمسميات الوظيفية المطلوبة منه لا يوجد لها أي أثر في التنظيم الإداري الكنسي والذي وضعه الرسل، وسارت عليه الكنيسة قرون وبغض النظر عن عدم البائية الدعوة.
دوافع خطيرة عبر المقترح:
ويؤكد أسعد، من يرى أن الإدارة الكنسية الحالية تحتاج لاستشاره لتصحيح مسار، مما يجعل اقتراحه طعنا مباشرا في بابا الكنيسة
ثانيا يتجاوز هيئة الإدارة الكنسية العليا وهي المجمع المقدس فيعلن بوضوح رؤيته في التقليل من شأن آبائنا القديسين بالمجمع، وقدم خليط من الأسماء بعضهم فوق الشبهات والأكثرية يعلم جيدا انحرافهم عن الإيمان الأرثوذكسي وبعضهم تمت محاكمته بالفعل، مثل أحد الرهبان والذي تدخل الأنبا أبيفانيوس المتنيح في إجباره على تعديل كتابه عن الكنيسة الآشورية والتي كان ينزلق فيه إلى النسطورية التاريخية
وتسال أسعد، لماذا يقدم ا. كمال زاخر هذه الزوبعة الآن ،فنجد بضعه احتمالات، ربما كان يريد دفع هذه الأسماء لتكون لها حصانه أشبه بحصانه دبلوماسية كنسية ليحميهم فيما يقدمونه من مغالطات، أو ربما يحاول تحقيق حلمه الذي تحدث عنه سابقا بوجود بابا علماني للعلمانيين، أو آثاره زوبعة وصراع داخلي، بينما تناول السوشيال ميديا القضية بتوجيه رسالة واضحة وهي أن الشعب القبطي الأرثوذكسي متمسك بدرب الآباء والتعليم السليم ولن يسمح بهذه العبثيات في الحدوث.
الجانب المظلم من إنشاء المجالس:
بينما يوضح أسعد، حتى يكون التاريخ شاهدا رغم المحاولات المستميتة خلال السنوات الماضية لرجال المجلس الملي المحترمين، والذي تمثل منذ عام 1874 على يد بطرس غالي باشا وتدخل في السلطة الدينية للكنيسة، مسببا وقيعة بين الكنيسة و الدولة، مرورا بالأنبا مكاريوس البطريرك الذي تسبب المجلس الملي في ذهابه إلى دير الأنبا بول منتزع صلاحياته وعاد قبيل نياحته، وما حدث من إصدار لائحة 38 والخاصة بالطلاق والتي أصدرها المجلس في غيبه من قيادات الكنيسة، والتي ألغاها البابا مكاريوس فور صدورها، ومن تلاه من بطاركة أكدوا على هذا الإلغاء بقعا سوداء في تاريخ الكنيسة أظهرت الأصل وراء رغبه البعض في انتزاع السلطة الكهنوتية بالكنيسة لخدمة أهوائهم.
وأكد، أنه رغم أنه جاهد الكثير لتغيير التاريخ بالواقع الأفضل مثل الارشدياكون حبيب جرجس الذي تصدى لقرارات المجلس المخالفة للعقيدة رغم كونه عضوا فيه، وغيره ممن أشار إليهم التاريخ.
وتسأل أيضا الباحث في الشأن القبطي عصام نسيم عن اختصاصات المجلس؟ هل يختص بالأمور المالية للكنيسة أم الإدارية أم العقيدة والتعليم؟ ويضيف، لو كانت أمورا مالية فهناك مجلس ملي المفروض أنه يدير شئون الكنيسة المالية والأوقاف ويجب علينا المطالبة بانتخابات مجلس جديد وإعادة إحيائه بعد سنوات من التجميد فهو المختص في هذه النقطة.
والأمر الثاني لو كان المجلس اختصاصه تعليم أو عقيدة فهذا أمر يختص به المجمع المقدس للكنيسة والمكون من آباء الكنيسة الأساقفة والمطارنة وهو النظام المعمول به منذ نشأة الكنيسة.
إذن ما الهدف من هذا المجلس سوى إثارة مزيد من الجدل وتهديد وحدة الكنيسة بطرح هذه الفكرة خاصة أن كثيرا من الأسماء المطروحة عليها علامة أسماء.
وأوضح، أن بعض الرهبان لهم تعاليم مخالفة وبعض الأسماء الأخرى لهم توجه يخالف توجه الكنيسة بشكل عام.
وارى أن طرح فكرة هذا المجلس الاستشاري هو خلط بين الكنيسة كمؤسسة إلهية لها قوانينها وتشريعاتها وبين أي مؤسسة عالمية أخرى.
وأيضا البحث عن دور داخل الكنيسة وهذا يحدث منذ سنوات بطرح أفكار غريبة لا تخدم أبدا وحدة الكنيسة وسلامتها.
مجلس استشاري انتقالي:
قدم المفكر القبطي كمال زاخر عبر صفحته مقترحًا إلى قداسة البابا تواضروس الثاني، بإنشاء مجلس أستشاري بابوي و أقترح اسماء بعينها.
وقال “زاخر” في مقترحه: «أبي صاحب القداسة، إسمح لي أن أطرح مقترحا قد يدعم مسيرة ضبط إيقاع الإدارة الكنسية، في هذه المرحلة المتخمة بالمشاكل والتشابكات، وهو تشكيل مجلس استشاري بابوي يضم خبرات إعلامية وسياسية واقتصادية وإدارية ولاهوتية ومجتمعية، تمثل فيه مختلف الأطياف، الشباب الشيوخ، المرأة، الاكليروس بتنوعاته والعلمانيين»
و لم يوضح مهامه او صلاحياته داخل الكنيسه ، بينما وصف المهاجمين له بأنهم في حاله هياج و أستخدم تعبيرات مثل” التحول من الفرد الى المؤسسه” ، و تارة اخري “المجلس انتقالي” وليس مجلسا علمانياً، لدعم الكنيسة فى مرحلة شائكة حتى تستقر امور الكنيسة .