مختار محمود
-يوم الأربعاء الماضي..أذاعت إذاعة “القرآن الكريم” لأول مرة تلاوة بصوت القاريء الشيخ “محمد رفعت” في قرآن السهرة..وقوبلت بحفاوة شديدة، رغم أن أن صوت القاريء الراحل لا يغيب أبدًا عن الإذاعة وموجود بصورة يومية في الساعة السابعة صباحًا، فضلاً عن أذانه المتفرد.
إن احدث تلاوة للشيخ “محمد رفعت” عمرُها لا يقل عن 75 عامًا على الأقل، فقد غيَّبه الموت في العام 1950، وقد عاش قبل هذا التاريخ فترة مرضية دامت عدة سنوات، وتعاقبت بعده أجيال من القراء المجيدين وغير المجيدين، ولكن صوته بقي صلدًا صامدًا صلبًا.
ورغم المرض والفقر والرحيل البعيد..إلا إن الخلود لا يزال قرين صوت الشيخ “محمد رفعت” الذي ظهر في زمن لم يكن فيه أية وسيلة إعلامية سوى الإذاعة، ولم يكن يملك أي أذرع إعلامية أو ميلشيات إلكترونية كالمتاحة حاليًا حتى يضمن لصوته وجودًا بالإكراه على طريقة فريد شوقي في فيلم “بداية ونهاية” عندما كان مطربًا، أو على غرار مشايخ هذا الزمان ووزير الأوقاف.
وعندما همَّ أحد العابثين بأن يعبث بقرآن السابعة صباحًا قبل عشر سنوات، قامت الدنيا ولم تقعد حتى تراجع هذا العابث عن عبثه، وطوته يد النسيان.. وظل صوت الشيخ محمد رفعت يتحدى تعاقب الأيام والسنين.
رغم ما يشوب تسجيلات الشيخ محمد رفعت من عيوب فنية إلا إن ما عُرف عنه من خشوع وتقوى وانضباط وعفاف وعِزة نَفس ونُبل، وهي صفاتٌ يفتقدها كثيرٌ من المُشتغلين بقراءة القرآن الكريم حاليًا، ضمن له خلودًا لن ينقطع..إنها أشياء لا تُشترى ولو بمال قارون.. رحمه الله تعالى وجعل مقامه في عليين.