الأحد , ديسمبر 22 2024
محمد عبد المجيد

حصاد هجرتي!

أربعون عاما مرت منذ إقامتي لأول معرضا للكتاب العربي في أوسلو(1982ليوم واحد) والذي افتتحه السفير المصري أحمد فؤاد حسني(رحمه الله)، كذلك السفير الليبي في موعد مختلف.في 1981 حصلت على الجنسية النرويجية.

تشجعت بعدها فافتتحت المكتبة العالمية من (1983 إلى 1987)؛ وبمجرد افلاسها افتتحت إذاعة صوت العرب من أوسلو (1987-1990).

وفي عام 1984 أصدرت أول عدد من مجلة طائر الشمال والتي استمرت ورقية لأكثر من 25 عاما أقوم بكتابة كل مقالاتها والتصحيح اللغوي والنشر والتوزيع.

في عام 1990 كنت أعملا مدرسا في مدرسة إعدادية نرويجية لمساعدة المدرسية النرويجيين وترجمة ما لم يفهمه التلاميذ العرب.

ثم انتقلت للترجمة مع الشرطة النرويجية لأقل من عام.ثم انتقلت إلى العمل في بيت الشباب في أوسلو.

هذه مقتطفات من نصف قرن هو عُمر اقامتي في لندن وجنيف وأوسلو، ولم يبق غير أربع سنوات على بلوغي الثمانين من العُمر، وثلاثة أبناء وستة أحفاد وإصداري عشرين كتابا، وما تزال أمامي تحديات كثيرة وأحلام أكثر ، ومعاكسات لعدة أمراض مميتة وعشرات الأدوية وزيارات للمستشفيات لا يمر يومان أو ثلاثة بدونها، لا تمنعني من مشاهدة الجمال والحب والأسرة والكتاب.الهجرة ليست كلها خيرا أو شرا؛ لكنها خلطة عجبيبة تستخرج أنت منها اللأليء والجواهر التي لم تؤثر فيها الدموع.

اخصب فترات عُمري هي السنوات الأربع التي قضيتها في جنيف السويسرية، خاصة في بيت الشباب والعمل في مكتبة جراند باساج، وقبلها عام في لندن حيث تأسست هجرتي في أوروبا.

نصف قرن وما يزال العالم العربي، خاصة الوطن الأم مصر، يحتل جل اهتماماتي لكنها لم تفصلني عن أي وطن مضيف.

يستنصحونني: هل الهجرة سمن وعسل فقط أم آلام غُربة؟ الحقيقة أنه قرار فردي لاختيار مكان مولد ثانٍ أنت سيده بعد أن كان المولد الأول سيدَك!

يسألونني: هل أنت نادم على هجرتك من مصر منذ خمسين عاما؟

لا، لم أندم ولو عاد بي الزمن لاخترت نفس الطريق بأشواقه وأشواكه، بلحظات السعادة والتعاسة، رغم أنه قد فاتني الكثير .. الكثير، فمجموع خبراتي ومعرفتي واجتهاداتي تنحو نحو الصفر تقريبا؛ فهذه طبيعة النفس البشرية.

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين

أوسلو في 31 أكتوبر 2022

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.