تاريخ أى أمة هو جزء مهم لشعبها فهناك دول حديثة تدفع الملايين لتدشن متاحف لأحجار وأشياء لا قيمة لها لا لشىء سوى أنها تحاول ايهام العالم بأنه دولة عريقة وذات تاريخ ، فى الوقت الذى لا يتعدى فيه عمر هذه الدولة السنوات القليلة
هذه الدول ينطبق عليها المثل القائل ” دول تقوم بشراء التاريخ بمالها ” فى المقابل تجد دولة عريقة
مثل الدولة المصرية تاريخها يتعدى ال 7 الاف سنة وينطبق عليها المثل القائل ” مصر ظهرت قبل ظهور الأديان
” فشعب مثل الشعب المصري عليه أن يتباهى ويفتخر بتاريخه الطويل جدا ، ولكن هذا الشىء
لم يحدث للأسف فجزء من الشعب المصرى يتباهى فقط بتاريخه بعد دخول الإسلام لمصر
متجاهلا وعن عمد الحقبة المسيحية تلك الفترة التى كانت فيها الديانة الرسمية للدولة هى المسيحية
ففجأة تغيير كل شىء أسماء الحوارى
والشوارع وأصبحت اما فرعونية او إسلامية، وكأن الحقبة المسيحية شىء لم يكن
حتى فى كتب التاريخ تم محوهاكل هذا الطمس والتجاهل المتعمد للحقبة المسيحية فى مصر
جعل الصحفى والباحث المعروف نصر القوصى
منذ سنوات طويلة ،عن طريق حركة اطلق عليها حركة البديل الشعبية قام بتدشينها بعد إغلاق نظام مبارك
لجريدة البديل ، بالمطالبة بعودة تدريس التاريخ المسيحى داخل كتب التاريخ والمحافظة على تواريخ
وأسماء الحوارى والشوارع المسيحية ، وتدشين قسم مفتوح لجميع المصريين لتعليم
اللغات المصرية القديمة مثل اللغة النوبية ،والقبطية فهذه لغات مصرية أصيلة
وبالرغم من كل هذه النداءات التى كانت فى عصر النظام السابق لم يستجب أحد ، خوفا من
الإخوان المسلمون والتنظيمات التكفيرية التى كانت تعتبر جزءاً من نظام حكم مبارك
وأمام هذا الطمس المتعمد للتاريخ القبطى قررت إدراة موقع الاهرام الكندى النشر وبشكل مستمر عن التاريخ القبطى سواء عن أديرة أو كنائس او اشخاص كان لهم دور تاريخى داخل الكنيسة او الدولة المصرية
واليوم نتحدث عن “فضل الرهبنة على العالم ” لدراسة تفاصيل هذا الأمر تم الاستعانة بما كتبه دكتور ماجد عزت إسرائيل واحد من اهم كتاب الأهرام الكندى
الرهبنة
الرهبنة في المسيحية هي حياة الوحدة والزهد والنسك والصلاة والتسبيح بجانب العمل اليدوي بقصد التبتل مع اختيار الفقر طوعا،أى هى نذر اختيارى يقطعه المرء على نفسه باعتزال العالم،وما فيه من مال وأقارب ومتع زائلة،متجنباً الحياة الزوجية،مخصصاً حياته للعبادة وخدمة الدين
كما أن الرهبنة فلسفة الديانة المسيحية والجامعة التي تخرج فيها مئات البطاركة والأساقفة
الذين قادوا الكنيسة بالحكمة فلكي يكون الإنسان راهبا، ينبغي أن تكون له ميول للفلسفة والحكمة، لأن حياته
كفاح وحرمان وإنتاج من أجل هذه الرسالة السامية التي يدرك خلالها أن فضيلته باطلة إن كان ضياؤها
لا يتعدى جدران النفس البشرية ولا ينعكس على البشرية كلها ليغمرها بمعرفة الله.
والرهبان هم خدام الله الحقيقيين فبينما يسكنون على الأرض ….يعشون كمواطنين حقيقيين للسماء.
فلذلك يعتمد الناس ى كل المسكونة على صلوات هؤلاء الرهبان،كما لو كانوا يعتمدون على الله نفسه. وهنا يسجل لنا أحد الرحالة الزائرين لبرية شيهيت بمنطقة وادي النطرون مركز الرهبنة فوصف الرهبان قائلاً:” أن الرهبان بواسطتهم العالم محفوظ،وأنه بواسطتهم أيضًا يحفظ الله البشرية ويكرمها”.
وهكذا الرهبان فى عالمنا الأرضى هم دائما المدافعين عنا والحارسين لسلام العالم والساهرين باستمرار على حماية الحدود لأنهم مسلحين ضد الشياطين،من أجل خاطر البشرية، وهذا ما ورد فى الكتاب المقدس حيث ذكر قائلا:” فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ.” (أفسس 6: 14- 17).
ومن الجدير بالذكر، أن المجتمع فى العصور الوسطى كان ينقسم إلى ثلاث أقسام: أولئك المحاربون أى المدافعين عن الدولة ضد المغيرين عليها،وأولئك العاملون بالأرض الزراعية والحرف الصناعية والتجارية، وأولئك الذين يصلون ليل نهار والمتعبدين بالبرارى والشقوق. هنا الكل يعمل داخل منظومة ربما يأتى على قائمته الصلاة من أجل أن يبارك الله أعمالهم.
فالصلاة بلا انقطاع كما يقول الكتاب المقدس،وكما ذكر أحد رهبان برية شيهيت قائلاً: ”الصلاة هي رَجْع (أي صَدَى) صوت الروح القدس في القلب، لأنه إنْ لم يكن لنا الروح القدس يعمل في القلب، فلن تكون صلاة مقبولة أمام الله” وفى موضع آخر ذكر قائلاً عن الصلاة: إنها ”صلاة القيامة، ولحظات الأبديـة، وساعة المسيح التي يُمارسها أولاد المسيح الذيـن ينهضون للصلاة والتسبيح في كلِّ وقتٍ وبلا ملل“،
وأيضاً ذكر قائلاً: ”حينما يجذبنا الله إلى الصلاة، فهو لا يضع خلاصنا نحن فقط أمام عينيه، بل يُريد أن يستخدم صلواتنا لخلاص الآخرين أيضاً“ فالصلاة كانت علا عظيماً يتم إنجازه فى الجسم الحصيف .
فالرهبان بصلاوتهم مثل الأشجار ينقون الجو بواسطة حضورهم. وهم بؤرة القوة الروحية لمجتمعهم، وأيضًا صناع سلام بين الناس، كما ذكر الكتاب المدس قائلاً:” طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. ” (مت 5: 9).
خلاصته: أن الراهب صديق الله،رجل له حظوة فى بلاط السماء، وشخص به يحفظ الله الحياة البشرية ويكرمها.
أن الآباء الرهبان لهم تراث عظيم وغير محدود من جهة أقوالهم النافعة في كافة المجالات وكذلك فقد كان لهم فضائل كثيرة في شتى العلوم الدينية واللاهوتية وقد تركوا لنا تراثًا عظيمًا من المخطوطات والوثائق والكتب والمحفوظات.