أيها الجنيه المصري!
اتخذت اسمك من الذهب الغيني، وكنت أثمن منه؛ لكننا عبثنا بذهبك الثمين، وأضعناه في فروسيات ومشاريع وهمية؛ فصرت بلا ذهب، ودون الذهب!
ملأت خزائننا بالقوة، وجعلتنا نشعر بالعظمة بين الأمم؛ لكننا سلبناك قوتك ـ بأمر تقاعدنا وتكاسلنا ـ، لتساند بضعفك قوة الأقوياء!
كنت سيد الاسترليني، وتعطف عليه، وتقدم له يد المعونة؛ لكننا أجبرناك بخسة، على أن تنحني تحت أقدام الدولار، وتمارس طقوس المذلة اللعينة، التي جعلتك بلا كرامة حتى في وطنك!
أيها الجنية المصري!
أرسلت من يبلغنا أن نبني المصانع، وأن نعمل بإجتهاد، وأن ننتج بوفرة؛ فإذا بنا لا نعمل سوى في الهدم والخراب، ولا ننتج غير أطفال الشوارع، ولا نبني سوى مصانع ورقية لا تشتهر إلا بصناعة السراب، وإلا بالأكياس الفارغة من الصحة!
أيها الجنية المصري!
أنهض من تراب أفعالنا الرديئة، وحرّك وسادتنا بالسهد والأرق، وأوجع اذاننا باذان الدعوة إلى الألم والندم؛ حتى نصحو من سكرتنا وترنحنا الذي لا ينتهي، ونتعلم كيف نمجد ممارسة العمل الجاد بإخلاص وصدق دءوب، ونُعلّم في مدارسنا المتخصصة وجامعاتنا، رسالة: “صنع في مصر”؛ فنستردك من الزمن الردئ، ونجلسك على عرشك الذي لك، مكللاً كما كنت: بالعزة والتشاوف!…