الجمعة , نوفمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
ماجد سوس

رأس النعامة (٣) السوشيال ميديا وتجارة الأديان

ماجد سوس

استكمالا لحديثنا عن الحرب الخفية المشتعلة ضد الكنيسة ورأسها المنظور فإننا نجد بالرغم إنها تأتي من نفر قليل، إلا أنها تتميز بأمرين، الأول، العويل والصوت العالي وإن عبرّ عن ضعف الحجة والإفلاس إلا انه مزعج لما قد يسببه من تشويش كما أسماه الكتاب (١كو١٤ :٣٣)، الأمر الثاني إنها تخرج من بعض الرعاة والخدام وما قد يسببه هذا من عثرة ولاسيما حين تأتي من راعي ضد راعي آخر.

حربٌ ممنهجة بدأت في الكنيسة مع بداية عهد جديد لإصلاح كل الملفات الكنسية، والإصلاح هنا لا يقلل من شأن الإدارات الكنسية السابقة ولا يظهرها مقصرة على العكس، على مدى التاريخ الكل يبني والكل يحب شعبه وكل أب أدار الكنيسة أضاف لها

فالبابا كيرلس اول من أعاد الأساقفة العموميين وأسس أسقفيات للتعليم والبحث العلمي والخدمات وأنشأ مطبعة وأسس الخدمة في المهجر وأفريقيا ورسم بطريركاً لأثيوبيا ومطرانا للقدس.

جاء البابا شنودة وأضاف أسقفيات للكرازة في أفريقيا وللشباب ثم أسقفيات في المهجر في كل مكان وخدمات وأنشطة كثيرة في مجلات شتى وكلاهما قام بتعديلات في الطقوس والممارسات الكنسية وفي الأحوال الشخصية وخلافه، لذا نجد البابا تواضروس وقد جاء بفكر إصلاحي قوي يظهر في العديد من الملفات التي قام بتطويرها حتى الآن.

اليوم نجد أنفسنا أمام حرب شريرة ٌيقودها خفافيش الظلام يديرونها من أوقارهم، مجموعات تلبس ثوباً زائفاً للدفاع عن الإيمان والعقيدة لخداع البسطاء والجهلاء من ناحية، وليكونوا ملازاً للحاقدين من ناحية أخرى، إنه ثوب حماية الدين أو بالأدق التجارة به، ثوب يعرف زيفه كل المصريين.

وأكبر دليل أنه يحمل أغراضاً غير نقية، أنظروا للمحاباة والكيل بمكيالين فتجدهم يتصيدون الأخطاء لأحد الآباء ويتركونها لآخر فصاروا “يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل” (مت ٢٣ :٢٤). ويقسمون الكنيسة والأمثلة كثيرة وميدانها كالعادة هو السوشيال ميديا.

يرفضون استقبال الفنانين أمام الهيكل في فرنسا ويقلبون الدنيا بحجة أن صحن الكنيسة ليس مكانا للقاءات العالمية وفي نفس الوقت يستقبل الأنبا بيشوي مطران دمياط المتنيح أحد رجال الإخوان فلا ينطقون ببنت شفة.

يرفضون كسر قوانين الكنيسة ففي بيان لحماة الإيمان يرفضون فيه سيامة الشامسات ويعتبرونه كسر لقانون الكنيسة وحين تكتب لهم أن البابا شنودة والمجمع سمحوا برسامة شماسات وأن بعد الأسقفيات كإيبارشية لوس أنجلوس رسموا شماسات في عهد البابا شنودة وبارك قداسته هذه الخدمة.

هنا عندي سؤال لهم أين صوتهم عن كسر قوانين الكنيسة حين بنيت كنيسة باسم البابا شنودة ووضعت له تمثال في مدخلها رغم أن الكنيسة لا تسمح بتسمية الكنائس إلا لقديسين صدر بهم قراراً من المجمع المقدس بعد مضي من أربعين إلى خمسين عاما من نياحة القديس.

أعطيك مثالاً آخر عن الكيل بمكيالين، هؤلاء الذين يهاجمون فكرة تأله الإنسان وعلى الفور يوصمونها بالبدعة يصُمّون آذانهم ويحجبون أعينهم عن معرفة المعنى الحقيقي وراء هذا المصطلح الآبائي، فقد بح صوت الآباء المنادين به وهم يشرحون أن التأله ليس معناه أننا صرنا آلهة نسجد لبعض إنما التأله هو تلك النعمة التي أعطيت للإنسان ليصير بها عضو في عائلة الله وهي نعمة التبني التي صار بها الإنسان شريكا في طبيعة الله الخالدة أي صار له الخلود بجانب التبني.

إذا المسيح شابهنا في كل شيء – ما خلا الخطية – إلا أنه رغم ذلك ما يزال هو ابن الله بالطبيعة ونحن أبناء الله بالتبني أو بالنعمة.

ولم يعد للموت سلطان عليه، بل أكثر من ذلك صار له المسيح كبكر بين إخوة كثيرين نرث معه الملكوت لا أن نصير شركاء في جوهرة بل في جزء من طبيعته كمن ينتسب للملك فيصير من الأمراء ولكنه لا يصير ملكاً، فتجدهم يهاجمون دون وعي.

بينما على الجانب الآخر حينما كتب قداسة البابا شنودة الثالث في كتاب بدع حديثة أننا لا نأكل اللاهوت، سارع البعض بمهاجمته قائلين، إن قلنا أننا لا نأكل اللاهوت فهذا يعني أن لاهوته يفارق ناسوته في التناول من الأسرار وهي بدعة نسطورية

سارع حماة الإيمان فوراً بالدفاع عن البابا وقالوا أنه لم يقصد هذا وإنما قصد أننا لا نأكل جوهر اللاهوت ولا غضاضة في هذا الدفاع ولكن المشكلة إنهم التمسوا العذر لأحد ولم يلتمسوه لآخر وإن كنا نرى أن التناول ليس أكلا مادياَ بقدر ما هو اتحاد مستيكي – سري – بالروح القدس الذي حل على الجسد والدم وحولهما إلى جسد ودم الرب.

على العموم أنا هنا لست في صدد الحديث تفصيليا عن هذا الأمر، ولكن ما أردت الإشارة إليه هو ازدواجية المعايير وتصدير فكرة الخلاف لا الاختلاف وهو أمر محزن جداً وعلينا أن نتحد جميعاً لنقف ضد انقسام الكنيسة وجعلها لبولس أو لأبولس بل جميعنا للمسيح.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.