أتأمل كثيرا في أقوال المصريين القدامى عندما كانوا يؤرخون لزمانهم واتوقف احيانا عند مقولة بعينها واسرح بذهني بعيدا كأنما اريد اختراق حجب الزمن و أتحدث مع صاحب المقولة الحكيمة وأشد على يديه..
ومن ذلك ان المصريين عندما ضربت المجاعة بلادهم احد الاعوام قالوا عنه ” عام الضباع”
لم يقصدوا المعنى الحرفي من هذا التعبير وانما معنى اخر صار فيه الناس
اشبه بالضباع المسعورة ينهش بعضهم بعضا من اثر الجوع..
ومن المقولات التي توقفت عندها مستغربا من طلاوة التعبير مايقول عندما تغضب الالهة على البلاد
ويأتي عدد من الحكام لا يستحقون الذكر اما لضعف ادائهم او لاستهانتهم بمقدرات البلاد
فأضاعوها وظلموا اهلها فلا يذكرونهم حتى يطوي ذكرهم الزمان فكانوا يقولون ”
وتلى ذلك اعوام فارغة”..
يا الله على روعة التعبير كيف تأتى للكاتب بل المؤرخ المفكر ان يقع على
مثل هذا الوصف البليغ لأعوام خلت مما يستحق الذكر فيملأها بوقائع واحداث هامة
اعوام صامتة لاتكاد تتحدث.. اعوام حبلى بوقائع تافهة لاترقى لدرجة ذكرها فتخلد فى التاريخ
نعم لم يجد المفكر وصفا جامعا مانعا لهذه الاعوام الا كلمة ” فارغة” حتى يتجاوزها
كما تجاوزها الزمن الى ماتلاها من اعوام.