الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
الدكتور طه حسين الجوهرى

من الأسر التى لها تاريخ عريق في مدينة القصير.. الأسرة السباعية المغربية

لا احد ينكر الوجود المغربي الكبير في ميناء القصير ودورهم الكبير في تجارة البحر الاحمر وقد لا يعرف الكثيرون أن هناك اسرا ذات اصولا مغاربية تعيش حتي يومنا هذا في ميناء القصير يحمل بعضها في الجد السابع او السادس اسم بناني والترهوني والتلمساني وغير ذلك من الأسماء من واقع دفاتر ووثائق المدينة

في القرون الماضية واليوم اتعرض بقلمي لتاريخ أسرة كان تواجدها في المدينة في الأغلب مرورا وليس استقرارا بالمفهوم الحقيقي .

وان كان استقرت هذه الأسرة في المدينة في فترة من الفترات وادت دورها تجاه وطنها العربى والاسلامي على أكمل وجه ثم رحلت عن المكان إلي موطنها الرئيس في بني عدي والقاهرة

حيث اشتهر رجالها بالعلم وكانوا من كبار علماء الأزهر مثل الشيخ صالح السباعي والشيخ احمد السباعي .

وتعتبر هذه الأسرة من الاسر التي لعبت دورا كبيرا في تاريخ مصر والعالم العربي لما كان لها من نفوذ وثراء وقوة بأس.

كما تشهد كتب التاريخ عن دور هذه الأسرة في استضافة الحجيج من خلال الساحات والزوايا التي اقامتها في الحجاز كما أورده بوركهارت في كتاباته .

ذكر الشيخ محمد بن عبد السلام بناني أن الشيخ محمد الجيلاني( الذي تولي قيادة القادمين من الحجاز لمواجهة الحملة الفرنسية في مصر بقيادة نابليون) ينتمي لأسرة عريقة وشهيرة تسمى أولاد بن السبع، فقد ورد عند هذا المؤلف التراجمي قوله على محمد بن أحمد الجيلاني «هو الشيخ العالم الحسني، أصله من أولاد بن السبع﴾

﴿ويستفاد مما ذكره محمد بن عبد السلام بناني في معرض حديثه عن هذا الشيخ أنه ينتمي إلى قبيلة أولاد أبي السباع القاطنة بأحواز مراکش، والمعروفة بانتمائها إلى فرع الشرفاء الأدارسة.

ومن هنا اتصال لقبي السباعي والهاشمي باسم هذا الشيخ وبقية أفراد عائلته الذين حاربوا معه في مصر..»

” قبيلة أولاد أبي السباع {السباعيين} قبيلة أبناء أبي السباع هي قبيلة عربية عدنانية، وهي من أحد أقدم قبائل العرب في المغرب والتي لا تزال محافظة على اسمها.

ويتواجدون اليوم في المغرب في حوز مراکش (إقليم شيشاوة وتيغسریت، و بوحمادة و سيدي المختار و غرب المغرب و الساقية الحمراء)، وأقلية في موريتانيا مصر، سوريا، الجزائر، تونس، ليبيا”.

وهي قبيلة ذائعة الصيت واسعة الانتشار خاصة في منطقة الصحراء، لدرجة أن بعض الخرائط التي رسمها المستعمر كان تسجل فيها الصحراء باسم منطقة أولاد أبي السباع، كما هو مبين في الملاحق (ملحق18)، وكان يطلق على الفرد من أبناء هذه القبيلة «السِّبَاعِي».

نسبة إلى جدهم الأول عامر الهامل الذي عُرِفَ بأبي السباع.

وهم ينقسمون إلى فرقتين رَئيسَتَيْنِ هما أولاد عمران وأولاد عمرو ينتسبُ كلُّ واحدٍ منها إلى أحدِ ابنيْ عامر الهامل جدُّ السباعيين.

يقول عنهم الحسنُ بن الطيب أبو عشرين مواليد 1250 هـ: “كانَ أولادُ أبي السباعِ في الزمنِ الأولِ من أمتنِ الناسِ دينًا وعلمًا وأدبًا وحفظًا وصيانةً وشجاعةً وفروسية، وكانَ ذلك مغروزًا في طباعِهم حتى النساء وكان الحسن مقصورا عليهم وكان الناس يضربون الأمثال بحسنهم وصفاء أذهانهم.”

﴿وتعتبر هذه القبيلة من المنتمين إلى الشرفاء الأدارسة المتفرعين عن جد (عامر الهامل) “أبي السباع” الذي استقر في بلاد سوس بعد رحلة طويلة من فاس إلى المشرق العربي ثم العودة إلى منطقة درعة وسوس؛ حيث ترك أبناءه الذين سيشكلون النواة الأولى لهذه المجموعة الاجتماعية، هؤلاء سيمارسون الترحال ما بين حوز مراكش وسوس وبلاد شنقيط، وسيقيمون بمناطق مختلفة من المغرب

لعل أهمها: (حوز مراكش وعبدة ودكالة وواد نون والساقية الحمراء وتيرس) ثم بلاد شنقيط﴾. ( ) ونسب أولاد أبي السباع معروف” ذو النسب الذي ما وراءه منتسب، والحسب الذي ليس مثله حسب.)

( ومتواتر ومتفق عليه وعلى صحة انتسابهم إلى النسب الشريف للدوحة النبوية فهم احفاد ملوك الدولة الادريسية حيث يرجع نسبهم إلى مولاي محمد بن إدريس الأزهر بن مولاي إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثني بن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجدتهم البتول فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم.

لذا فإننا نجد أن قبيلة الشرفاء السباعيين قد جمعت الشرف من نسبها الممتد إلى الدوحة النبوية.

ولقب أبي السباع هو اسم أطلق على جدهم الولي الصالح عامر الهامل أبي السباع والذي يرجع نسبه طبقا لرواية النسابة أبي بكر بن محمد السيوطي المكناسي إلى الاشراف الادارسة حيث يقول ما نصه:

” أما أولاد أبي السباع فجدهم اسمه عامر بن احريز بن محمد بن عبد الله بن عمران بن إبراهيم بن إدريس بن محمد بن يوسف بن زيد بن عبد المنعم بن عبد الواسع بن عبد الدائم بن عمر بن زروق بن عبد الله بن عمر بن سعيد بن عبد الرحمن بن سالم بن عزوز بن عبد الكريم بن خالد بن سعيد بن عبد المؤمن بن زيد بن رحمون بن زكرياء بن محمد بن عبد المجيد بن علي بن عبد الله بن أحمد بن عمران بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي كرم الله وجهه…”.

أما عن سبب تسميته بأبي السباع فيذكر لنا صاحب كتاب الابداع والاتباع قصة غريبة:” خرج المولى عامر من فاس إبان حصارها من طرف محمد الشيخ الوطاسي، وذلك حوالي سنة 870 هجرية قاصدا تلمسان التي أقام بها مدة سنتين ثم غادرها هي الأخرى سنة 872 هجرية شطر الجنوب حتى انتهي به المطاف إلى موضع يدعى «نزك السباع» ببلاد آمريبط قرب جبال بعقيلة. فاتخذ به خلوة هناك بجبل شاهق يطلق عليه «أضاد إمدن» (ومعناها بالبربرية أصبع الانسان، وذلك لعلوه وارتفاعه ثم مكث بنعبد في خلوته مدة تزيد عن 12 سنة اشتهر فيها أمره، وذاع صيته، وتعددت كراماته، فبدأت القبائل المجاورة تحج إليه للتبرك به والقيام بواجب خدمته.

وسمعت بخبره قبيلة البرابيش، فأراد أميرها أن يتأكد من صدق ولايته فأرسل إليه وفدا من الفرسان (تسعة وتسعين في أغلب الروايات) وأمرهم بامتحانه والتضييق عليه حتى تظهر منه كرامة وإلا أتوا به أسيرا إليه.

فلما حل به الوفد رحب بهم وأبدى لهم الكثير من البشاشة والإكرام، ثم قدم لهم من الطعام ما فيه كفايتهم. لكنهم لم يرضوا بذلك وقالوا له «لقد قصرت في ضيافتنا ولم تقدرنا حق قدرنا، والآن لابد أن تذبح لكل واحد منا شاة وإلا سلبناك مالك وأخذناك أسيرا إلى أميرنا». فلما تبين قصدهم وعرف مرادهم صاح بأعلى صوته «یا میمون» فأحاطت بهم السباع من كل جانب وصارت تناوشهم حتى لاذوا به وتعلقوا بأذياله وصاروا يتضرعون إليه ثم قالوا له «يا أبا السباع کُفّ عنا سباعك فنحن تائبون إلى الله عما اقترفناه في حقك به، عندئذ أمر عامر الهامل السباع فرجعت عنهم وذهبت إلى حال سبيلها. وكان هذا الحادث سببا في تكنية عامر الهامل بأبي السباع”.

“ومما يدل على شرفهم، ووضوح فضله، أنك لا تجد في قبائل المغرب من يضاهيهم في التنافس في تحصيل العلم ودرسه وقراءته فان لهم مدارس عامره بالذكر وقراءة القرآن ودرس فنون العلم والتنقيب عنه والتحقيق، وتقصدها التلاميذ الغرباء من كل فج عميق …والذي عليه فطرتهم، عهود من الآباء توارثها الأبناء، فقد اجتمع هم الشر ف الديني والطيني وهذا مشاهد بالعيان، فمهما رأبت الشريف السباعي.

علمت بديهة انه من ولد سبد عدنان”.

تعـد قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع من القبائل الكبيرة والعظيمة عددا وعتادا نالت شرفا وتقديرا واحتراما من مختلف قبائل أهل المغرب، استقروا بالصحراء منذ القديم حيث توجد العديد من الوثائق الحكومية التي تتحدث عن وجودهم في الصحراء لأكثر من سبعة قرون، واختاروا لأنفسهم الطواف في الصحراء فجابوا فيافيها وتعرفوا على مجاهلها وعمروها بتجارتهم ومدارسهم الدينية إلى عهد غير بعيد

واشتهروا بين الناس بالعلم والشجاعة والنجدة وكان أهل شكيمة وصرامة وأصحاب شوكة لا تنكسر ولا تنهزم لهم صلابة الفولاذ والحديد في الحق، مما ساعدهم في ردع أعدائهم وطلب الناس لمهادنتهم وخطب ودهم والعيش في جوارهم .

كما جمعت الشرف الديني من خلال المدارس العلمية الدينية التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء الصحراء وبسيدي المختار (حوز مراكش)، وهذه المدارس الدينية اشتهرت في كافة أنحاء المغرب والصحراء وموريتانيا حيث كانت تركز على تعليم وتحفيظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة … وشــرف السباعيين الأدارســة وانتسابهم لآل البيت ذكره الكثير من المؤرخين والمحدثين والمهتمين بعلوم الأنساب، ومنهم ابن خلدون وأبو زيد السيوطي والعشــماوي وغيرهم كثير، فشــرف النسب للسباعيين الأدارسة لا جدال فيه ولا طعن، فنسبهم وأصولهم بتفرعاتها المختلفة محفوظة ومعروفة والدخيل لديهم معروف

فقبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع استقرت منذ القدم بحوز مراكش بمنطقة سيدي المختار (تيغسريت، بوجمادة)، ومنها انطلقت وهاجرت كل فروع القبيلة السباعية سواء إلي كل مدن المملكة المغربية وإلي الصحراء (الساقية الحمراء) أو إلي موريتانيا أو إلي المشرق العربي (الحجاز، مصر، سوريا، اليمن، العراق، الأردن , الجزائر , تونس , ليبيا )

كما أن لهجرات الشرفاء السباعيين إلي الصحراء تاريخ حافل بجهادهم ضد المستعمرين البرتغاليين في نهاية القرن التاسع الهجري بجوار القبائل الصحراوية وأبناء عمومتهم الأدارســـة، وقبيلة الأشراف الرقيبات، وقبيلة الأشراف آل الشيخ ماء العينين، وأولاد دليم وغيرهم، وباقي قبائل البربر

ويكفينا دليلا علي دورهم البارز في الجهاد ضد المستعمر وجود زاوية لأضرحة الشهداء الشرفاء السباعيين السبعة بمنطقة الطويحيل ( بناحية مدينة السمارة – الساقية الحمراء ) وهؤلاء الشهداء الشرفاء معروفين لدى كل سكان الصحراء ومعروف تاريخهم البطولي والجهادي في سبيل الله والدفاع عن الأرض والوطن يقول (محمد دحمان):

﴿إن أولاد بالسباع تميزوا بالانتشار الواسع عبر بلدان المغارب، وتجاوزوا هذا الحيز الجغرافي نحو السودان الغربي وبلدان المشرق العربي، ومن خاصية هذه المجموعة أنها جمعت بين الانتماء للنسب الشريف وحمل السلاح وممارسة التجارة العابرة للصحراء بين المغارب (المغرب موريتانيا والجزائر) والسودان (مالي والسنغال)﴾.

ويضيف(دحمان) ﴿وفيما ظهرت في قبيلة ” أولاد بالسباع” شخصيات علمية ومشايخ صوفية انتشروا في مناطق داخل المغرب كسوس والشياظمة ودكالة وعبدة والغرب، والجزائر وتونس وحتى ليبيا، وتذكر المصادر التاريخية أن منطلقهم كان هو الساقية الحمراء، كما تسجل تلك المصادر حضورهم الفعال في فترات حاسمة من تاريخ المغرب من خلال الإسهام في مقاومة الحملة الفرنسية التي قادها نابليون نهاية القرن الثامن عشر على مصر، وذلك بقيادة الجيلالي بن المختار السباعي﴾.

كما كان لهذه القبيلة وضعاً اقتصادياً واجتماعياً مميزاً، فقد ﴿جمعت القبيلة بين ممارسات اجتماعية واقتصادية لا تتوفر في عدد من القبائل الأخرى، كحمل السلاح (أهل المدافع) وحمل الكتاب (أهل لكتوب / الزوايا) وهما رأس السلطة، ولكن مع “أولاد بالسباع” فنحن أمام مجموعة امتحنت الممارستين وتنتمي ل” الأشراف”، كما أن ترحالها تعدي حدود البلد الواحد؛ حيث يقول الحسن ابن الطيب بوعشرين: “ كان أولاد أبي السباع في الزمن الأول من أمتن الناس ديناً وعلماً وأدباً وحفظاً وصيانة وشجاعة وفروسية، وكان ذلك مغروزاً في طباعهم حتى النساء، وكان الحسن مقصوراً عليهم، وكان الناس يضربون الأمثال بحسنهم وصفاء أذهانهم﴾.

ولقد أرجع الباحث الفرنسي (دولا شابيل) طرد البرتغاليين من السواحل الصحراوية إلى جهاد أولاد ابي السباع، ويعتبرهم سببا رئيسيا في انهاء الاحتلال البرتغالي لهذه السواحل، كما أن سبعة من أبناء أبي السباع سقطوا في معركة الضابط البرتغالي المسمى محليا ب “الشمصعى”، وفي الكتابات الغربية ب ““Somida”.لقد سجل الشعراء في قصائدهم وأشعارهم تلك الملاحم والبطولات التي خاضها أبناء أبي السباع داعا عن الأرض والعرض وعن أوطانهم بمداد من نور ويدعو للفخر والاعتزاز

ومن أبرز هؤلاء الشعراء الشاعر الكبير محمد الأمين بن خطري العلوي الذي تناولت قصائده وأشعاره جهاد أولاد أبي السباع ونضالهم ضد البرتغاليين على وجه الخصوص

يقول الشاعر:أولاد أبي السبـاع لكم لباس من المجـد مـدى الليـالـيومن العلـوم جمعتـم علمـا ***أجل من اليواقيـت واللئالـي جهاد البرتغـال له خرجتـم*** على الخيل المسومة الطـوالعليهـا كالأسود ذو سـلاح*** تقــال بالسيـوف وبالنبـال مغـارب من دياركم خرجتم ***لإرهـاب العـدو وللنضـال تصولوا بالعـداة بكل سهـم*** يــروع الأسد آكلـة الرجال قتـال الشمسعي بـه قتلتـم*** كذلك الديـــن ينصر بالقتال

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.