دكتور صلاح عبد السميع يكتب للأهرام الكندي
تعتبر أهداف التنمية المستدامة التي تم الإشارة اليها ضمن تقرير هيئة الأمم المتحدة، هي بمثابة خطة لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع على مستوى العالم.
وتتصدى هذه الأهداف للتحديات العالمية التي نواجهها، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالفقر ، وعدم المساواة والمناخ وتدهور البيئة ، وضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، والازدهار، والسلام، والعدالة.
وفضلا عن ترابط الأهداف، وللتأكد من ألا يتخلف أحد عن الركب، فمن المهم تحقيق كل هدف من الأهداف بحلول عام 2030.
وسوف نركز في مقالنا هذا على الهدف الرابع ضمن أهداف التنمية المستدامة والذي يتعلق بالتعليم وقد تم صياغته ضمن أهداف التنمية المستدامة وهى 17 هدفا والذي نص على ما يلي:
ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع.
ولقد أكد تقرير الأمم المتحدة عدة أمور بشأن التعليم منها:
يمكّن التعليم من الحراك الاجتماعي والاقتصادي الصاعد، وهو وسيلةٌ مهمةٌ للهروب من الفقر.
وعلى مدى العقد الماضي تم إحراز تقدم كبير باتجاه تسهيل الوصول إلى التعليم ومعدلات الالتحاق بالمدارس على جميع المستويات، لاسيما للفتيات.
ومع ذلك، فإن حوالي 260 مليون طفل كانوا لا يزالون خارج المدرسة في عام 2018 – وهم يشكلون ما يقارب خمس سكان العالم في هذه الفئة العمرية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن أكثر من نصف الأطفال والمراهقين حول العالم لا يتوفر لهم الحد الأدنى من معايير الكفاءة في القراءة والرياضيات.
كذلك في عام 2020، ومع انتشار جائحة كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم، أعلنت غالبية الدول عن الإغلاق المؤقت للمدارس، مما أثر على أكثر من 91 في المائة من الطلاب حول العالم.
وبحلول شهر أبريل 2020، فإن ما يقارب 6.1 مليار طفل وشاب كانوا خارج المدرسة.
وكان على 369 مليون طفل يعتمدون على الوجبات المدرسية أن يبحثوا عن مصادر أخرى لغذائهم اليومي.
لم يحدث من قبل أن كان الكثير من الأطفال خارج المدرسة في ذات الوقت، فهو أمرٌ يعطل التعلم ويقلب الحياة، وخاصةً بين الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً.
إن لهذه الجائحة العالمية عواقب بعيدة المدى قد تعرض للخطر المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في تحسين التعليم العالمي.
ولحماية العيش الكريم للأطفال وضمان حصولهم على التعليم المستمر، أطلقت اليونسكو في مارس 2020 تحالف كوفيد-19 العالمي للتعليم، وهو شراكة متعددة القطاعات بين أسرة الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والشركاء في مجال تكنولوجيا المعلومات، تهدف لتصميم ونشر حلولٍ مبتكرة، تساعد هذه الجهات مجتمعةً الدول على معالجة فجوات المحتوى والاتصال، وتسهل فرص التعلم الشامل للأطفال والشباب خلال هذه الفترة من الاضطراب التعليمي المفاجئ وغير المسبوق.
وعلى وجه التحديد، فإن تحالف التعليم العالمي يهدف الى:
1- مساعدة الدول في تعبئة الموارد وتنفيذ حلولٍ مبتكرة ومناسبة للسياق لتوفير التعليم عن بعد، والاستفادة من
2- نهج التقنية الفائقة والتقنية المنخفضة وغياب التقنية.
3- البحث عن حلولٍ عادلة ونفاذٍ عالمي
3- ضمان استجابات منسقة وتجنُّب تداخل الجهود.
4- تسهيل عودة الطلاب إلى المدرسة عند إعادة فتحها لتجنُّب ارتفاع معدلات التسرب.
5- كما قامت منظمة اليونيسف بتوسيع نطاق عملها في 145 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل لدعم الحكومات وشركاء التعليم في وضع خططٍ للاستجابة السريعة على نطاق المنظومة، بما في ذلك برامج التعلم البديلة ودعم الصحة النفسية.
6- ضمان أن يتمتّع جميع البنات والبنين والفتيات والفتيان بتعليم ابتدائي وثانوي مجاني ومنصف وجيّد، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج تعليمية ملائمة وفعالة بحلول عام 2030.
ومن الحقائق والأرقام التي أشار اليها تقرير الأمم المتحدة بشأن التعليم ما يلى:
بلغت نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائي في البلدان النامية 91%، لكن 57 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي لم يزلوا غير ملتحقين بالمدارس.
أكثر من نصف الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس يعيشوا في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
حوالي 50% من الأطفال ( ممن هم في سن الدراسة الابتدائية) غير الملتحقين بالمدارس يعيشوا في المناطق المتضررة من النزاعات
617 مليون شاب حول العالم يفتقروا إلى مهارات الحساب والقراءة والكتابة الأساسية
هذا وقد أشار تقرير الأمم المتحدة فيما يخص مقاصد الهدف 4 ضمن أهداف التنمية المستدامة بأن تلك المقاصد هي
1- ضمان أن تتاح لجميع البنات والبنين فرص الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي حتى يكونوا جاهزين للتعليم الابتدائي بحلول عام 2030
2- ضمان تكافؤ فرص جميع النساء والرجال في الحصول على التعليم المهني والتعليم العالي الجيّد والميسور التكلفة، بما في ذلك التعليم الجامعي، بحلول عام 2030
3- الزيادة بنسبة كبيرة في عدد الشباب والكبار الذين تتوافر لديهم المهارات المناسبة، بما في ذلك المهارات التقنية والمهنية، للعمل وشغل وظائف لائقة ولمباشرة الأعمال الحرة بحلول عام 2030
4- القضاء على التفاوت بين الجنسين في التعليم وضمان تكافؤ فرص الوصول إلى جميع مستويات التعليم والتدريب المهني للفئات الضعيفة، بما في ذلك للأشخاص ذوي الإعاقة والشعوب الأصلية والأطفال الذين يعيشون في ظل أوضاع هشة، بحلول عام 2030
5- ضمان أن تلمّ نسبة كبيرة جميع الشباب من الكبار، رجالاً ونساء على حد سواء، بالقراءة والكتابة والحساب بحلول عام 2030
6- ضمان أن يكتسب جميع المتعلّمين المعارف والمهارات اللازمة لدعم التنمية المستدامة، بما في ذلك بجملة من السُبُل من بينها التعليم لتحقيق التنمية المستدامة واتّباع أساليب العيش المستدامة، وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والترويج لثقافة السلام واللاعنف والمواطنة العالمية وتقدير التنوع الثقافي وتقدير مساهمة الثقافة في التنمية المستدامة، بحلول عام 2030
7- بناء المرافق التعليمية التي تراعي الفروق بين الجنسين، والإعاقة، والأطفال، ورفع مستوى المرافق التعليمية القائمة وتهيئة بيئة تعليمية فعالة ومأمونة وخالية من العنف للجميع.
8- الزيادة بنسبة كبيرة في عدد المنح المدرسية المتاحة للبلدان النامية على الصعيد العالمي للبلدان النامية، وبخاصة لأقل البلدان نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية والبلدان الأفريقية، للالتحاق بالتعليم العالي، بما في ذلك
منح التدريب المهني وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والبرامج التقنية والهندسية والعلمية في البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية الأخرى، بحلول عام 2020.
9- لزيادة بنسبة كبيرة في عدد المعلمين المؤهلين، بما في ذلك من خلال التعاون الدولي لتدريب المعلمين في البلدان النامية، وبخاصة في أقل البلدان نموًّا والدول الجزرية الصغيرة النامية، بحلول عام 2030.
بعد استعراض مقاصد الهدف (4) عن التعليم ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة علينا أن نطرح السؤال على القارئ الكريم، الى أي مدى يمكن تفعيل وتنفيذ تلك المقاصد على ضوء التحديات الراهنة في مجال التعليم؟ وما الذي يعوق تحقيق تلك المقاصد على ضوء قراءة الواقع الحالي خاصة في مصر والعالم العربي؟
هذا ما سوف نتناوله في المقال التالي ان شاء الله تعالى.