الأحد , ديسمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
ماري ملاك صادق

مارى ملاك صادق : فى الدفاع عن البلح

لم تدخر كنيستنا الجميلة أم الشهداء أى وسيلة لتبسيط وشرح وتوصيل وتثبيت الإيمان على مر الأجيال

لم تتجاهل يوما حواس الإنسان وتأثيرها على النفس والروح فعملت بكل حكمة ونعمة وبساطة مع قوة فى توظيف هذه الحواس بطريقة مقدسة متبعة اثر خطوات سيدنا وملكنا ومخلصنا الصالح

فقدمت الأيقونة لشغل حواسنا حين نقف في الكنيسة فنشعر أننا رعية واحدة مع أهل بيت الله والقديسين ونشعر أننا فى معيته جميعا معا لا أموات بيننا فإلهنا إله أحياء لا أموات

وإن كان قد حجب عن أعيننا رؤيتهم بعيون أجسادنا فبالإيمان وبالعيون الداخلية للإنسان الداخلى الذى ينمو يوما فيوم نراهم محيطين بنا كسحابة من الشهود مسبحين معنا بصوت البهجة مع الملائكة قائلين قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت

قدمت البخور لنشعر بسحابة المجد المحيطة بنا يرتفع معها صلواتنا وذبيحة تسابيحنا نحو العرش المقدس ونشتم رائحته الذكية فنتذكر اننا نحن رائحة المسيح الذكية ويشتاق الطفل قبل الكبير للدخول فى هذا المحضر المقدس المحاط بالهيبة والجلال

قدمت السجود والوقوف ورفع اليد لإشراك الجسد كله فى العبادة متجها ناحية الشرق مكان صعود المسيح رب المجد ومكان انتظار مجيئة أيضا فتعلق عيوننا نحوه ونحو صعوده وتثبت أنظارنا نحو رجاء مجيئة الينا

قدمت لنا الستور الحمراء لخلاصنا بالدم المقدس والببضاء لفرحنا بالقيامة المقدسة والسوداء لنحرن على خطايانا التى جرحت وتسببت فى آلامه عنا

تخرجنا معه خارج المحلة لنحمل معه عاره الذى حمله هو عنا وتدخلنا معه الهيكل حين دخل كسابق عنا الى الآب ليشفع فينا بدمه المقدس على الدوام

تعلمنا الاستعداد بالصوم وبالطهارة الجسدية كما بالطهارة الداخلية لنشعر بتقديس وتخصيص النفس والجسد معا وتهيئته لإستقبال مجيئة وسكناه فينا .. وهكذا وهكذا

لا خطوة لا معنى لها ولا شيء بلا هدف أو فائدة .. وما لا معنى له لدى الآخرين تحوله لأسمى معنى كأم حكيمة تخصص أولادها لعريسها وفاديها .. ومع تطور الأيام فى مرور سنوات عجاف او غنى فى التعليم زادت المدايح والمموايل والترانيم التى تشرح وتتناسب مع مستوى السامعين والمتعبدين

وكما استغلت كل وسيلة ووسيلة استغلت ما يحيط بنا في الطبيعة حتى من المأكل والمشرب لتحوله من مجرد طعام جسدى لتربطه بالإيمان فتحوط على الإنسان من كل ناحية بالفكر المقدس لترفعه من الأرضيات وما بها

فصار لأكل الفسيخ والبيض والقلقاس والقصب والبلح الأحمر والجوافة وغيرهم معانى مرتبطة بالأعياد .. وصارت وسيلة إيضاح جديدة تضاف لكل الوسائل التى استخدمتها وصارت مجالا للتأمل حتى كدنا نشعر أن وجود هذه الثمرات فى هذه الأوقات ليس مصادفة بل وكأنه جزء من المنظومه الإلهية المتكاملة والتى تشهد لمخلصنا

والتى علينا فقط أن نكتشفها من حولنا لنعرف حكمتها .. فقد يكون استخدمها قبلا منا الفراعنة مثلا أو غيرهم وسواء وجدوا معناها او اقتربوا منه الا أننا لمسنا المعنى وتحقق فى أزمنتنا التى اشتهى الانبياء أن يروها ولم يروها

فى السنوات الأخيرة ظل وطل علينا مدعيو الاستنارة ساخرين ومشنين الحملات الغريبة لتكسير كل المعانى الجميلة وحتى العادات الغير ضارة التى إعتدناها فقربت المعنى للبسطاء والأطفال وكانت مصدر فرح للكبار والصغار فحاولوا جاهدين لنزع هذا الفرح وهذه البساطة التى لا تضر أحدا فى شيء

وتعجبت من بعض الكتابات التى وصلتنى

فماذا يعنى ان يقول أحد أن نحكى لاولادنا عن الأم دولاجى عوضا عن البلح والجوافة ومنكلمهمش عن البلح والجوافة وبس؟!

هل يخبرنا أحد عن كنيسة علمت عن البلح والجوافة وبس ؟!

الكنيسة لم تدخر يوما جهدا لتوصيل حكايات الشهداء والقديسين وجهادهم الأمين وتمسكهم بالإيمان ودفاعهم عنه حتى الموت .. وكل ما تفعله هو تشبيهات لصلابة الايمان كصلابة البذور وللون الدم الذى قدموه حبا بلون الثمر وللقلب الأبيض النقى بقلب الثمرة من الداخل وهكذا وهكذا

مره وضعوها فى شكل ترانيم تشرح المعنى ومرة فى تأملات فى وعظ وحكايات مجرد مستفيده بما يحيط بنا من وسائل طبيعية ..فماذا يضير هؤلاء؟!!

هل وجدوا الخدام يتحدثون مع مخدوميهم عن موسم الزراعة للبلح وكيفية زراعة النخل والاعتناء به ؟؟ هل حدثوهم عن زراعة الجوافة وأنواعها وأسعارها وطريقة زراعتها؟!

ام تم استخدامهم بمناسبة انهم محصول الموسم فى شرح بسيط وجميل دخل قلوبنا مع دخول حياة الشهداء والقديسين فى داخلنا!!

ألم يقرأ هؤلاء كيف كان رب المجد بل الكتاب المقدس كله بمختلف اسفاره المقدسه التشبيهات من الزروع والطبيعة والحياة المحيطة بالسامعين أو بمن يتلقون الرسالة ؟!

“فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.” (مت 24: 32).”اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو، كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو.” (مز 92: 12).”قَامَتُكِ هذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ.” (نش 7: 7).”فَإِنْ كَانَ قَدْ قُطِعَ بَعْضُ الأَغْصَانِ، وَأَنْتَ زَيْتُونَةٌ بَرِّيَّةٌ طُعِّمْتَ فِيهَا، فَصِرْتَ شَرِيكًا فِي أَصْلِ الزَّيْتُونَةِ وَدَسَمِهَا ” (رو١١: ١٧ ) وهكذا وهكذا وهكذا الأمثلة لا نستطيع حصرها والا احتجنا لصفحات

للتأمل في زنابق الحقل وطيور السماء وغيرها وغيرها .. فلماذا تقتلون كل جميل وتشوهون كل معنى وتضيعون كل بساطة لمجرد ادعاء الاستنارة وأنكم اتيتم لتخرجوا الناس من الظلمة الى النور؟!!

بقى أن نعرف أن من يريدون الكلام يكون عن الشهداء والاستشهاد الآن هم من نفس التيار الذى هاجم من يخففون من حوادث الاستشهاد فى سنواتنا المعاصرة حين قالوا انكم تشجعون الناس على محبة الاستشهاد كنوعا من التخاذل و الضعف وعدم المطالبة بالحقوق.

فهم مجرد يحاولون ايجاد اي وسيلة لتكسير كل شيء حسن وكل شيء يبنى حتى لو كان بسيطا لكنه يناسب فئات كثيرة.. إفرحوا بكل معنى وعلامة وتأمل .

بسيطا كان ام عميقا .. فلكل أحد ولكل سن ولكل مستوى ما يناسبة

كل سنة والجميع بخير وربنا يعطينا سنة نقترب فيها وبها أكثر من محبة رب المجد ونرى عمله فى حياتنا وبيوتنا وكنائسنا بشفاعة ام النور والدة الإله وجميع صفوف الشهداء والقديسين .

#مارى_ملاك_صادق

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.