كتب: مدحت عويضة
منذ الإعلان عن تأسيس نادى عيون مصر الذى يشرف عليه الأنبا روفائيل وتضاربت الأراء في مصر.
الغريب أن في الشرق الأوسط تضارب الأراء لا يعتمد علي الضمير الإنساني النقي بل يعتمد علي الانتماء الديني والمذهبي.
فمثلا الذين رقصوا يوم أن سقطت بغداد هم أنفسهم الذين دافعوا عن سقوط دمشق.
والذين حزنوا ومازالوا يشعرون بالمرارة لسقوط بغداد هم أنفسهم الذين حاربوا وجاهدوا لسقوط دمشق.
أنظر لما كتب ويكتب عن الحرب الأهلية اللبنانية، ستجد الإعلام العربي يتكلم دائما عن
مسيحيين لبنان كخونة لأنهم تعاونوا مع جهات خارجية بينما الشيعة والسنة من غير اللبنانيين
والذين ذهبوا للجهاد في لبنان كل حسب مذهبه هم مجاهدين أبطال هم أسود الأمة.
والقيادات اللبنانية الغير مسيحية التي تعاونت مع جميع الدول العربية والإسلامية كانوا يدافعون عن أنفسهم ليبقي فقط هو خائن واحد ومخطئ واحد.
وغياب الضمير في بلادنا هو سبب لغياب العدالة في مجتمعاتنا أي أننا كلنا ندفع ثمن غياب الضمير.
أنا شخصيا لست من الفرحين ولا المهللين لإنشاء نادي عيون مصر بل اعتبره اشارة ودليل علي أن مجتمعنا المصري يتقدم للوراء ودليل أن مستقبلنا سيكون كحاضرنا وكماضينا الطائفي.
ولكن كيف ألوم من انشىء أو من فكر أو من هو سعيد بظهور هذا النادي ولا ألوم كل المنظومة الرياضية في مصر التي أجبرت هؤلاء علي السير في هذا الاتجاه.
أعطيك مثلا بسيطا لتعرف من خلاله أنه مجتمع طائفي متعصب ظالم أم لا.
اختار أي عينه عشوائية من المجتمع وقم ببحثهم أن وجدت أن كل مكونات المجتمع موجودة في هذه العينة وبنسبة وجودها في المجتمع فهذا مجتمع سوي.
ولكن أن وجدت أن الأقليات تزيد نسبتها في العينة عن نسبة تواجدها في المجتمع فهذا المجتمع مجتمع صحي ومتحضر.
ومن هنا كانت الرياضة في السبعين سنة الأخيرة مثال صارخ علي طائفية وعنصرية مجتمعنا المصري فالبعثات الرياضية تخلوا تماما من وجود الأقباط
وكأنهم عجزه لا يمارسون الرياضة وماذا عن رياضة الحالات الخاصة كالماء هم معوقين يمثلون في رياضة أصحاب الهمم.
للأسف هم غائبين أيضا أنه التعصب يا سادة الذي يرصده العالم ويستشفه عننا مع كل بعثة رياضية تخرج لتمثيل بلدنا. هناك مثل مصرى صعيدي ينطبق علي هذه الحالة هو “إيه رماك علي المر قاله إللي أمر منه” فتكوين نادي مصري وتحت اشراف الكنيسة هو شئ مر ، ولكن الأمر منه هو اضطهاد المسيحيين وعدم السماح لهم بمزاولة الرياضة.
البعض يقول وفقراء مصر من المسلمين مظلومين أيضا.
نعم نعم هم مظلومين أيضا فمجتمعنا كما يمارس التمييز الديني يمارس التمييز الطبقي أيضا.
لكن الفقير المسيحي مظلوم مرتين مرة لأنه فقرى ابن فقرية ومرة أخري لأنه مسيحي كذلك المرأة.
هل تعلم ما هو سر تقدم الغرب؟؟ لو عشت في الغرب وتعاملت مع الغربيين ستتأكد من أول شهر أن نسبة الذكاء بينهم ربما تقل كثيرا عن نسبة الذكاء لدي الشرقيين.
ربما لظروف الحياة الصعبة في الشرق تدفعهم للتفكير أكثر وربما للترابط الأسري و العائلي الكبير في الشرق يساهم في نقل الخبرات بطريقة أفضل، وربما سبب أخر ولكن ما هو سر تفوق الغرب وما هو سر تقدمهم؟
السر يكمن أن المجتمع الغربي يبحث عن الموهبة ينميها يخلق لها كل الفرص لتنجح وتبرز وتتفوق وتخدم مجتمعها، بغض النظر عن دين ولون وجنس الموهبة
بل أحيانا يتابعون المواهب خارج بلادهم ويعملون علي جلبها إليهم ومنحهم جنسية بلادهم.
أما فى الشرق فالموهبة لكي نهتم بها لابد أن يكون علي أساس دينى أولا ثم طبقي ثانيا وصعيدي ولا بحراوي ونوبي ولا قناوى ، أهلاوي ولا زملكاوي.
وقد نحارب الموهبة لأي سبب ونشجع نصف الموهبين ليكون في النهاية مستوي ضعيف وسئ ليس في مجال الرياضة بل كل المجالات.
علينا أن نقف أما ضمائرنا ونعترف أن المؤسسة الرياضية كلها مثل مؤسسات المجتمع هي مؤسسة عنصرية. علينا أن نصحح من أخطائنا ونفتح الأبواب لكل المصريين وأن نتيح الفرص للجميع فى الدين والطبقة الاجتماعية والأقليم واللون والجنس لا يكونوا مصدر للحقوق بل الوطن هو المصدر الوحيد لكل حقوق المواطن.
في النهاية أنا سعيد بالإعلان عن أن نادي عيون مصر سيفتح أبوابة لكل المصريين وكم أتمني أن يكون نادي نموذجي في البحث وإعطاء الفرص لجميع المواهب وأن يكون نادي مؤسس علي قيم احترافية بحته.
واتمني أن يكون تأسيس النادي هو صرخة في وجه مؤسسة الرياضة بكل فروعها بدءا بمراكز الشباب ومرورا بالأندية الرياضية ووصولا لوزارة الشباب والرياضة.
أفتحوا الأبواب للموهبين إبحثوا عن الموهبة فقط أن فعلتم ذلك في عشر سنين سننافس العالم في كل الألعاب وسنكون موجودين في كأس العالم لكرة القدم كل أربع سنوات.