انشغلت كثيرا بتحليل تاريخ النخبة القبطية فالأقباط انتجوا نخبتهم اكثر من مرة و على اكثر من مستوى و لا احتاج للغوص بعيدا فى التاريخ لتحليل عدد المرات “التقريبى” الذى قام الأقباط فيه باعادة تأسيس نخبتهم لكن يمكن أن اضع القارئ امام بعض مسارات صعود النخبة القبطية تاريخيا مع العلم أن أسباب التحلل للنخبة القبطية تسير بالتوازى مع عوامل الصعود.
لماذا عوامل صعود و ليس عوامل تأسيس ؟ لأن النخبة عند الأقباط هم “طبقة اقتصادية” و ليسوا “طبقة ثقافية” وبالتالى لا يوجد فكرة الترسيخ الاجتماعى للطبقة و هنا يكون معامل صعود و هبوط العائلات القبطية مرتبط بتقلبات الاقتصاد التى تطيح بعائلات بالكامل من قمة النخبوية لغياهب النسيان.
طور الأقباط مصطلح “ارخن” و تعنى اول أو متقدم او قائد فى الشعب وفى البداية كان الاراخنة “طبقة ثقافية” فهم العارفين بالطقس و التاريخ و اللغة حتى تبدل التعريف الى مصطلح اقتصادى فصعد بكل من ينطبق عليه شروط الارخن “الاقتصادية” الى طبقة النخبة و حاز امتيازاتها.
فى اواخر القرن ال١٩ و حتى الأن أصبح الأرخن هو من يملك مساحة معينة من الأرض لم تقل فى اى حال عن خمسة أفدنة ثم تطور الأمر ليشمل بعض رجال الأعمال .
ان بقاء النخبة القبطية كنخبة اقتصادية و ليست نخبة ثقافية اجتماعية يؤدى لتحللها السريع تحت ضغوط رفض طبقة الكهنة “النخبة الدينية” لأن يمثل الأقباط علمانيين فاصبح تقرب النخبة الصاعدة من النخبة الدينية واجب للحفاظ على مكاسب افراد النخبة الاقتصادية مع التضحية بكل النخبة الثقافية .
اسس الأقباط نخبتهم كنخب اقتصادية صاعدة من الحرف المقربة من السلطتين السياسية و الدينية لكنهم فى النهاية كانوا ولا زالوا موظفين غير قادرين على تجاوز الأوامر وهو امر مريح للكنيسة و الدولة على حد سواء .