ذهبت الي تنقار في أسوان كي استشعر ما هو حجر الجرانو ديورايت فوجدته حجرا صلبا جدا وليس بالأسود ولا الرمادي ولكنه بين البينين!
وعرفت أن حجر رشيد قطع في تنقار ، ولكنني اعتذر للحجر لأنه ليس بحجر أنما هو لوحة تلفت بفعل الزمان حتي صار الناس يطلقون عليه حجرا ! وكنت أتمني الذهاب الي صا الحجر او كما يطلقون عليها الأغريق سايس حتى
استشعر المكان الاصلي الذي وضع فيه لوحة رشيد ( حجر رشيد ) ولأعرف لماذا وضعت هذه اللوحة في معبد الالهة نيت ، ولكن المماليك قطعوا لحظة ادراك المعرفة بنقله الي قلعتهم العسكرية في رشيد !
ما كتب علي الحجر هو نهاية حدث تاريخي في مصر ..ثمانية سنوات في تاريخ مصر ادت الي كتابة النص الموجود علي الحجر في عام ٢٠٤ ق م حدثت مؤامرة في البلاط الملكي ، دبرت واشتركت عشيقة الملك بطلميوس الرابع جريمة قتل شنعاء وهي قتل الملك بطلميوس الرابع وزوجته ارسينوي
وهذا الحدث لم يغير فقط شخصية الحاكم الذي يحكم مصر بل غير تاريخ مصر وحكم البطالمة ، فما قبل هذه الجريمة شيئا وما بعدها شيئا اخرا ، فمصر والبلاط الملكي كان قويا قبل الجريمة ، وضعفت مصر والبلاط بعد الجريمة بشكل دراماتيكي سيؤدي في النهاية للغزو الروماني!
عينت اجاثوكليا عشيقة الملك نفسها وصية علي ابن الملك الصغير الذي يبلغ من العمر خمسة سنوات والذي سيسمي بطلميوس الخامس ، وبعد سنتين فقط حدث تمرد من القائد العسكري تليبوليموس
وأثناء التمرد قام السكندريون باعدام اجاثوكليا وعائلتها ، وعين الوزير اريستومينيس قائد التمرد وصيا علي الملك الصغير في هذا الوقت كانت مصر تعاني من الخلل الداخلي والخارجي ، ففي الخارج اقتسم مملتلكاتها كل من انتيوخوس الثالث ملك سوريا وفيليب ملك مقدونيا ، وفي الداخل كان البلاط الملكي في تفكك والصعيد يئن تحت الثورات وقبل سنة من النص المكتوب علي لوحة رشيد بلغ الملك بطلميوس الخامس عمره الثاني عشر
وهو سن الحكم منفردا دون وصاية ، وذهب الي منف لكي يحتفل بتتويجه بعد انتهاء التتويج بعام
اجتمع كهنة مصر في منف في يوم ٢٧ مارس عام ١٩٦ ق م لكي يشكرون الملك علي مرسومه الذي قرر فيه اعفاء المعابد والجيش والناس من الضرائب ومد المعابد بإعانات وهبات واعادة فتح المعابد المغلقة
وقرر الكهنة وضع تماثيل الملك وزوجته في المعابد المصرية
وقرر الملك بعد هذا الاجتماع التاريخي تسجيل المرسوم واجتماع الكهنة في نسخ متعددة توضع في المعابد المصرية ، ويعرف هذا المرسوم باسم ” مرسوم منف ” والذي يؤرخ بعام ١٩٦ ق م وله حتي الأن ثلاثة نسخ
النسخة الاولي هي نص لوحة رشيد والتي عثر عليها عام ١٧٩٩ م وهي بالمتحف البريطاني
النسخة الثانية هي نص لوحة النوبارية والتي عثر عليها عام ١٨٨٠ م وهي بالمتحف المصري، وهذه اللوحة ساهمت في اكمال السطور المفقودة في النص المكتوب بالهيروغليفية علي لوحة رشيد
النسخة الثالثة كانت علي الجدار الشرقي لبيت الولادة بمعبد فيلة ولكن سجل عليها مناظر وكتابات اخري حجر رشيد هو جزء من لوحة أكبر ، ولكن لم يتم العثور على البقايا المفقودة في عمليات البحث اللاحقة في موقع رشيد
وبسبب حالة الحجر التالفة ، فأنه لم يكتمل أي من النصوص الثلاثة المكتوب بها نص الحجر ( هيروغليفية ديموطيقية – يونانية ) ، وتعرض النص المكتوب بالهيروغليفية للتلف ، ولم يتبق منه الا آخر اربعة عشرة سطراً فقط ؛ وكل هذه السطور مكسورة في الجانب الأيمن ، وواثني عشرة سطرا منهم مكسورة علي الجانب الأيسر
ويلي ذلك النص المكتوب بالديموطيقية وهو في حالة جيدة ، ويحتوي على 32 سطراً ، منها 14 سطراً متضررة قليلاً على الجانب الأيمن ، وفي الأسفل النص اليوناني ويحتوي على 54 سطراً ، منها أول 27 سطراً بقيت بالكامل
والباقي مجزأ بسبب كسر قطري في أسفل يمين الحجر.
وتمت مقارنة حجر رشيد بالنسخ الأخري حتي يتم تخيل شكل الحجر عندما كان مكتملا وعدد السطور عندما كانت مكتملة ، ويبدو أن حجر ( أو لوحة ) رشيد كانت مقوسة من أعلي وصور الملك بطلميوس الخامس مع الهة في الجزء المقوس ، وربما مع ثالوث منف بتاح وسخمت ونفرتوم ثم كتب النص بخطين من خطوط اللغة المصرية والخط اليوناني في الاسفل.
ويجب الا ننظر الي الحجر علي أنه حجرا يضم نصا ولكن لوحة تضم احداثا من تاريخ مصر كتبه المصريون بأنفسهم ووضعوا لغتهم التي يعتزون بها في أعلي الحجر وسجلوا لغة الحكام في الجزء السفلي من الحجر.