رامى كامل
أجلت الكتابة فى هذه النقطة كثيرا حتى ارى هل تنبه لها اصدقائى الباحثين و اساتذتى المؤرخين ام لا ؟ وتيقنت أن احد منهم لم يتطرق إلى هذه المفارقة التاريخية.
صديقى القارئ هل سرت يوما فى شارع الالفى فى وسط البلد الذى تم تسميته تكريما لمحمد بك الألفى من كبار قادة المماليك فى الفترة الأخيرة لهم و يتم تكريمه لأنه قاوم الفرنسيين ؟
هل تعرف صاحب هذه الصورة وهو المعلم يعقوب حنا الطويل الشهير بيعقوب القبطى ومتهم بالخيانة لتعاونه مع الفرنسيين ضد المماليك والوجود العثمانى فى مصر ؟
الحقيقة التاريخية يا صديقى أن الالفى و يعقوب كان لهم نفس المشروع فيعقوب الذى فهم وادرك مبكرا أن مصر لن تنال الاستقلال الا بإرادة اوروبية سعى لتكوين جيش وطنى وسافر مع الحملة الفرنسية لاوروبا ليطالب باستقلال مصر عن كل نفوذ اجنبى “النموذج السويسرى” وليس كما فعل مصطفى كامل فى سفره لأوروبا للدفاع عن عثمانية مصر.
وأدرك محمد بك الالفى نفس الدرس واستعان بالانجليز “حملة فريزر” لإدراكه أن مصر المستقلة حلم لن يتحقق إلا بموافقة القوى الاوروبية المهيمنة وأن التصدى لمحمد على لن يتم إلا بمعاونة عسكرية انجليزية.
كانت هذه قواعد السياسة فى زمنهم الاستعانة بقوى كبرى لطرد قوى اخرى وهو ما فعله على بك الكبير قبلهم فهذه سمات سياسة عصرهم.
اليوم اجد مؤرخين و باحثين يجرؤا على وصف يعقوب بالخائن والالفى بالوطنى فى حين أن وحدة المعيار تجعل الأثنين وطنيين أو الاثنين خونة لكن ازدواجية المعايير تجعل هذا وطنى وهذا خائن نظرا لدينه وليس لمشروعه
وهى وجهة نظر طائفية فى قرأءة التاريخ.
ظلم المعلم يعقوب كثيرا من القرأءة الانتقامية للتاريخ فمن تخوين المتشددين له “مؤيدوا العثمانية الحديثة” الى انتقام بنى جلدته الأقباط منه “مجاملة ومجاراة للاغلبية” وحان وقت انصاف الرجل صاحب المشروع الوطنى.
الصورة هى الوحيدة للمعلم يعقوب ورسمها رسام من الحملة الفرنسية لأول رجل غير فرنسى يحصل بفضل مهارته على رتبة جنرال واى صور اخرى مزيفة .