الإثنين , ديسمبر 23 2024
مختار محمود

الحياة لصاحبها

مختار محمود

ما لأحدٍ عليك مِنَّة، الفضلُ يعودُ إلى هزائمِك الكثيرة، بل إلى الصفعاتِ التى تتلقاها مرارًا. مَن يقول: إنه ساعدك فى فهم حياتك، لا يعرفُ شيئًا، الحياةُ لصاحبها. علمتنى الحياة كيفَ أواجهُ صِنفًا لا يفكرُ إلا فى نفسِه، وصِنفًا لا يجيد سوى الخذلان، وصنفًا ينكر المعروف.

ستصفعُكَ الحياة مرارًا وتكرارًا، ولكن تعلَّمْ كيفَ تنهضُ بنفسك، ولا تُحمِّلْ أحدًا همومَك، فليس كلُّ الناس تتمنى لك الخيرَ.

لا تتوقع شيئًا من أحد، وسترى كلَّ من حولك بصورةٍ أجملَ؛ لأنَّ أغلبَ خيباتِ الأمل تأتى من ارتفاع سقفِ التوقعات.

لا تندفع بمشاعرك نحوَ أحد؛ فتدفعَ الثمنَ غاليًا، ولا تبخلْ بكلماتك الطيبة، فتفقد قلوبًا تحتاجُها أو تحتاجك، فالقلوبُ الطيبة على أشكالها تقعُ أحيانًا، ولا تعاتبْ على كل شئ، فيُتعبكَ كلُّ شئ. لا تخسر قيمتك بكلمةٍ، ولا تفقد احترامك بزلَّةٍ، ولا تجعلْ همَّك فى الدنيا حُبَّ الناس لك؛ فالناسُ قلوبُهم مُتقلبة، قد تحبُك اليومَ، وتكرهًك غدًا.

حتى لا تؤلمك الحقيقة يومًا.. انصح ولا تفضح، وعاتبْ دونَ أن تجرحَ. عاملْ الشخصَ على حاضره، وليسَ على ماضيه، وعلى عقله وليس عمره، وإن لم تنفع أحدًا فلا تضره.

الصمتُ يُكسيك ثوبَ الوقار ويكفيك مؤنة الاعتذار. الحُبُّ ليسَ للحبيبِ الأول أو الثانى أو غيرهما، الحبُّ لمن اهتمَّ بك وأوفى، ولمن إذا أردته فى كل مرةٍ أتى، الحبُّ للحبيب الأفضلِ وليس الأول.

لا تضع لنفسك منزلة عالية فى قلوب الناس، ولا تتوقع منهم تضحية لأجلك، فالقليلون فقط من يُضحُّون من أجل غيرهم دون أن يترقبوا جزاءً أو شكورًا.

الحياة لا تُعطى دروسًا مجانية لأحد، فحينما أقولُ: إنَّ الحياة علمتنى، حينئذٍ أكونُ قد دفعتُ الثمنَ. كلُّ صفعةٍ تعلمك درسًا، وكلُّ سقوطٍ يُدربك على الوقوف جيدًا، وكلُّ تجربةٍ قاسيةٍ تُخلفُ لك تذكارًا من الحِكمة، وكلُّ طعنةٍ تزودُك بالثباتِ أكثرَ. الإنسانُ المُتخَمُ بالتجارب السيئة يفتقدُ إلى حُسنِ النية رغمًا عنه.

الحياة لا تُعطينا كلَّ مَن نحب، ولكن من يحبوننا بصدقٍ، هم من يُعطوننا الحياة. لا تندم أبدًا على معرفة شخص فى حياتك، فالناسُ الجيدون يعطونك السعادة، والناسُ السيئونَ يُعطونك التجربة.

الحياة يمكنُ أن تكونَ رواية جميلة، عليك قراءتها حتى النهاية، فلا تتوقفْ أبدًا عند سطر حزين؛ فقد يكونُ السطرُ الذى يليه جميلًا. عشْ كلَّ لحظةٍ وكأنها آخرُ لحظة، عشْ بحُبك لله عزَّ وجلَّ، عِشْ بالتطبُّع بأخلاق الرسول الكريم، عِشْ بالأمل، عِشْ بالكفاح، عِشْ بالصبر، عِش بالحب، وقدِّرْ قيمة الحياة، فالحياة لصاحبها.

الموتُ أقوى من العقل، الحياةُ ليستْ نصرًا، الحياةُ مُهادنةٌ مع الموتِ، كفى بالموتِ واعظًا.

كلُّ الذين ماتوا نجوَا من الحياة بأعجوبةٍ. قاسيةٌ تلكَ الحياةُ، فاللهم كن لنا سندًا وعونًا، ولقلوبنا عونًا، ولأرواحنا حياة.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.