بقلم: مدحت عويضة
أستيقظ المصريين علي خبر حزين يوم الأحد الماضي, وهو حريق كنيسة أبوسيفين بأمبابة والتي راح ضحيته 43 ضحية حتى الآن ، والعدد قابل للزيادة نظرا للحالات الحرجة لبعض المصابين.
في البداية قيل أن السبب ماس كهربائي أدي لتفجير كل أجهزة التكييف في الكنيسة.
ثم صدر تصريح منسوب لقداسة البابا تاوضروس الثانى قال أن الحريق قضاء وقدر.
مما جعلنا جميعا نصدق أن الحريق حادث قد يحدث نتيجة عدم إتباع شروط الأمان الموجود والمنتشر في مصر بصورة كبيرة ليس في الكنائس فقط بل كل المباني تقريبا.
ولكن يوم الأثنين الموافق 15 أغسطس وبعد يوم واحد من حريق كنيسة إمبابة تم الإعلان عن حريق في كنيسة كنيسة الأنبا موسي الأسود في بالقرب من تقاطع الدائري مع محور 26 يوليو والحمد لله لم تحدث إصابات.
ويوم 16 أغسطس تم الإعلان عن حريق في كنيسة الأنبا بيشوي في المنيا، مما جعلنا نتشكك في الإتهام الموجه للماس الكهربائي في الثلاث حوادث.
في كل أعتداء علي الأقباط نسمع أن المتهم مختل عقليا، وفي كل حريق لكنيسة يوجه الإتهام مباشرة للماس الكهربائي.
وإن قمت بالتشكيك في الأثنين فأنت عميل وخائن وتعمل ضد مصلحة مصر وممول من الإخوان حتي لو كنت مسيحي، أو ممول من جهات معادية إلي أخر الإتهامات التي لا تنتهي وأصبحت تشكل تهديد حقيقي لنا.
ولكن الحقيقة فمروجي مقولة مختل عقليا وماس كهربائي هم أكبر من يسئ لمصر وشعبها.
فبدل البحث عن السبب الحقيقي يقومون بتغطية الحادث وتكون معالجة الحادث هي أحد أسباب تكراره .
لكن لو قمنا بالكشف عن الحقيقة كاملة للحادث ربما كنا قد نجحنا في وجود حل لهذه النوعية من المشاكل والتي تتسبب في حصد أرواح أبرياء.
في السبعين سنة الأخير أضطر الأقباط لبناء الكنائس (سرقة) حتي جاءت ثورة 30 يونيه ليتغير وضع بناء الكنائس وهو الشئ الذي لابد أن نشكر عليه الرئيس السيسي.
ولكن الكنائس التي بنيت في العقود الأخيرة والتي ربما ينقصها الكثير، يجب إعادة النظر فيها مرة أخري لمراعاة شروط الأمان.
يجب أن تخضع كلها لفحوص هندسية لعلاج قصور الأمان فيها.
نطالب الدولة المصرية بتحقيقات شفافة في حوادث حرق الكنائس والبحث عن سبب أخر غير الماس الكهربائي فالأنبا فام أسقف شرق المنيا صرح بنفسه أن في الوقت الذي حرقت فيه كنيسة الأنبا بيشوي في المنيا كانت الكهرباء مفصولة.
إذا فالماس برئ وأن كان الماس برئ فمن المتهم ولمصلحة من يظل المتهم حرا طليقا سواء كان فرد او مجموعة أو كيان كبير.
لا بد من الوصول للسبب الرئيسي لكل هذه الحوادث ومعالجتها.
وإلا فنحن في إنتظار حوادث أخري وضحايا أخرين ومشاهد تسئ لسمعة ومكانة مصر في كل العالم.
بالرغم من الحزن والكأبة لكن مصر ودائما (فيها حاجة حلوة) والصورة الرائعة التي تدل علي عراقة وأصالة الشعب المصري هي تلك التي رسمها (محمد يحيي) مواليد 1984 وحاصل علي بكالوريوس سياحة وفنادق متزوج وله أربعة أطفال ولا يعمل حاليا ويبحث عن عمل، و يسكن بجوار الكنيسة وعندما شاهد الكنيسة تحترق قام بالدخول في وسط النار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
تمكن من فتح باب أحد الحجرات وأستغاث به شخص فقام بإنقاذة، ثم وجد (جورج) والذي يناديه محمد بعم جورج نظرا لعلاقة قديمة بينهما فحمله علي ظهره ونزل به ولكن لوجود مياه علي السلم تزحلق وانكسرت قدمه.
وعندما حضر الشباب لإنقاذه كان ينادي أنقذوا عمي جورج الأول.
الصورة الرائعة التي رسمها محمد ربما تكون جديدة علي الأجيال الجديدة لكنها هي صورة مصر والمصريين في ريفنا المصري الجميل الذي تربينا فيه.
فحينما كانت تندلع أحد الحرائق نسرع جميعا نحو النار ولا نسأل عن صاحب المنزل فهو لا يهم.
سواء كان أسمه محمد أو جرجس المهم أن نطفئ النار.
في النهاية نقدم خالص التعازي لأسر الضحايا ونصلي من أجل أن يعطيهم الله سلاما وتعزية سمائية تطفئ نيران الحزن في قلوبهم.
ونصلي من أجل المصابين أن ينعم الله عليهم بالشفاء العاجل.
ونطالب بالكشف عن السبب الحقيقي وراء هذه الحوادث المؤلمة ومعالجتها قبل ان تتكرر مرة أخري.