د.ماجد عزت إسرائيل
الحقيقة التي نؤكد عليها في سلسلة بهدوء-إن الله هو راعي الخليقة كلها منذ بدأ أن يوجد إنسان على الأرض، وقد ورد في الكتاب المقدس قائلاً: “أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.” (يو 10: 11). وبالحق دبر لنا الله في (4 نوفمبر 2012م) براعي صالح هو صاحب القداسة البابا «تواضروس الثاني» الذي حقًا وَرِثَ أرَّثَ ثقيل ومشاكل متنوعة ومتعددة الأشكال- نَاقَشْت عبر هذه السلسلة الكثير من هذه القضايا- سواء كانت هذه المشاكل داخل جدران الكنيسة أو خارجها.
وأيضًا سواء ما بين العلمانين إو مابين رجال الإكليروس– فقد سأل يومًا ما أحد شيوخ الرهبان رهبان ديره قائلاً: ما هو سر قوة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية؟ فقال بعضهم في قوة البطاركة عبر عصورها التاريخية، وقال آخر آباؤها المدافعين عنها في المجامع المقدسة ضد الهرطقات، “وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ.” (رو 16: 17).
وفي ذات السياق قال آخرون في طبقة الأراخنة الأغنياء والمحبين للكنيسة مثل المعلم إبراهيم الجوهري وأخيه جرجس والمعلم رزق وحاليًا آل ساويرس، أو آل سعد أو آل باسيلي وآخرون. أما شيخ الرهبان فقال: سر قوة الكنيسة في الرهبنة القبطية لأنها فلسفة الديانة المسيحية والجامعة التي تخرج منها مئات البطاركة والأساقفة الذين قادوا الكنيسة بالحكمة “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ الْبَيْتُ الَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ وَكُلُّ هذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي، فَكَانَتْ كُلُّ هذِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي” (سفر إشعياء 66: 1، 2).
ومن هذا المنطلق وفي السطور التالية بهدوء… ننشر حوار صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني مع الإعلامي يوسف الحسيني للتلفزيون المصري والتي تمت يوم الأحد ( ٢٤ أبيب ١٧٣٨ش/٣١ يوليو ٢٠٢٢م).
وقد تضمنت المقابلة محاور متنوعة: وطنية، وروحية، واجتماعية. كما اشتملت على ذكريات قداسة البابا ورؤاه خلال السنوات العشر التي قضاها على كرسي مارمرقس، وتناول قداسته كذلك التحديات العصرية ورؤية الكنيسة لمواجهتها.
ففي سؤال حول ذكريات قداسة البابا عن الفترة من ٣٠ يونيو وحتى ٣ يوليو أشار قداسته إلى الزيارة التي قام بها ومعه فضيلة الدكتور أحمد الطيب للرئيس المعزول محمد مرسي والتي خرج منها قداسة البابا بانطباع بأن أكبر مسؤول في البلد وقتها منفصل تمامًا عن واقع الشارع المصري، وكذلك تحدث قداسته عن أنه عقب صدور بيان يوم ٣ يوليو ولدى عودته إلى مقره بالدير، حرص قائد الطائرة الهيلوكوبتر التي استقلها قداسته على الطيران على ارتفاع منخفض ليُري قداسة البابا فرحة المصريين في الشوارع.
وعن كيفية التعامل مع الشباب المسيحي عقب ثورة يناير أكد قداسة البابا أن الأمر احتاج إلى معونة النعمة الإلهية، وبالفعل أعطانا الله قوة في هذا الأمر.
وبخصوص توجيهات قداسة البابا للآباء الكهنة في الكنائس إزاء الاعتداء على الكنائس في أغسطس ٢٠١٣ أكد قداسته على أنها كانت التأكيد على أن الوطن أغلى شيء لدينا.
وفي سؤال عما تحسن في أوضاع المسيحيين خلال الثماني سنوات الأخيرة، قال قداسة البابا إلى أن ما حدث من تغيير للأفضل لمصر والمصريين ككل هو الأهم، مشيدًا بالإنجازات المعمارية بكافة أشكالها، وكذلك في مجال الصحةد معطيًا مثلًا بالقضاء على فيروس سي وكذلك القضاء على قوائم الانتظار في العمليات الجراحية الكبرى، وفي مجال التعليم أشاد بالجهود المتميزة التي يبذلها الدكتور طارق شوقي، وأيضًا المشروعات القومية الضخمة مثل قناة السويس الجديدة، المنطقة الصناعية، الدلتا الجديدة، وشدد قداسته على أن كل هذه الإنجازات سيحصد ثمارها الأجيال الجديدة.
أما عن أوضاع المسيحيين خلال السنين الثمانية الماضية فتحدث قداسته عن قانون بناء الكنائس الذي تم إقراره في البرلمان بدعم من الرئيس والدولة، والذي عالج أخطاء الماضي في هذا الموضوع. مؤكدًا أن زيارة التهنئة التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في العيد، دومًا ما يكون لها صدى إيجابي في النفوس.
وعن دور الكنيسة في ربط أقباط المهجر بالكنيسة الأم وبالوطن أعطى قداسة البابا بعض الأرقام الإحصائية من بينها أنه توجد حاليًا ٥٠٠ كنيسة قبطية في كافة قارات العالم، مقارنة بعام ١٩٧١ حيث كان عدد الكنائس خمس كنائس فقط، وكذلك يوجد ٢ مليون قبطي بالخارج وحوالي ٤٠٠ كاهن وراهب وراهبة وعشرة أديرة، وهذه كلها لها علاقات قوية بالسفارات المصرية.
وفي السياق ذاته تحدث قداسة البابا عن بعض المشروعات التنموية التي تقوم بها الكنيسة القبطية في بعض الدول الإفريقية والتي تقدمها باسم مصر مثل مستشفى الأمل بكينيا ومدرسة في بوروندي، و Medical center في توجو، كما أن العديد من الأقباط المهاجرين لأمريكا وأوروبا من الأطباء يكونون بالتنسيق مع الكنيسة قوافل طبية لزيارة الدول الإفريقية، للكشف على المرضى وتقديم الدواء، وأشار إلى أن موضوع سيمينار المجمع المقدس في نوفمبر المقبل سيتناول موضوع الدور المجتمعي للكنيسة أي كيف تقوم الكنيسة بخدمة أي مجتمع تعيش فيه.
وشرح قداسة البابا فكرة اليوم القبطي العالمي Global Coptic Day الذي تحتفل به الكنيسة القبطية في الخارج بالتزامن مع احتفالات الكنيسة بعيد النيروز (١١ سبتمبر من كل عام) مشيرًا إلى أن الهدف من هذا الاحتفال هو تقديم مصر للعالم.