أمل فرج
يعيش العراق أزمة سياسية منذ تم الإعلان عن منتائج انتخابات أكتوبر الماضي، وتمتد أثارها إلى الشارع العراقي، وتحذيرات من انحدار البلاد في فوضى قد تصل إلى حد التصادم المسلح.
وتشهد العاصمة بغداد، احتجاجات لأنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على خلفية ترشيح “الإطار التنسيقي” (التكتل السياسي الشيعي بزعامة نوري المالكي) بسبب تعيين الأخير الوزير السابق محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة الجديدة.
وقد أغلق مناصرو الصدر مقرات زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم المنضوي في “الإطار التنسيقي” وخربوا بعضاً منها، بعد حديث له أمام تجمع جماهري انتقد فيه طريقة تعامل قوات الأمن مع تظاهرات أنصار التيار الصدري والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الخضراء في بغداد.
وعقب تهديم مقرات الحكمة، نشر الحكيم آية قرآنية: “لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ”.
كما قال إن “الحكمة” “لن يقف مكتوف الأيدي أمام أصوات الفتنة وزج الشباب في الفوضى”.
وقد شدد الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة له على ضرورة “وحدة الصف لحماية بلدنا وشعبنا وترسيخ السلم الأهلي، قائلاً: “كما لا بد من العمل الجاد لتلبية متطلبات المواطنين وتطلعاتهم في الإصلاح والخدمات”.
كذلك، شدد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في تغريدة له على “التحلي بالحكمة مبتهلين إلى الله أن يديم علينا نعمة المحبة والاستقرار”.
وتؤكد قيادات “الإطار التنسيقي” الشيعي مراراً وتكراراً على التمسك بالسوداني مرشحاً لتشكيل الحكومة رغم احتجاجات الصدريين.
وقد شكل “الإطار” فريقاً تفاوضياً للبحث مع جميع القوى السياسية بخصوص تشكيل الحكومة وإكمال الاستحقاقات الدستورية، وقال في بيان له إن “الفريق بدأ جولاته الحوارية اليوم”.
ويعيش العراق صراعاً سياسياً يدور خصوصاً بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي” بالاضافة الى الخلاف بين المكونات الكردية، التي تحتفظ برئاسة الجمهورية، حول تعيين رئيس للبلاد.
وتوعد زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، الخميس الماضي، “الإطار التنسيقي” العراقي بـ”ثورة إصلاحية” في عاشوراء من شهر محرم المقبل، عقب تظاهرة نظمها التيار في ساحة التحرير وسط بغداد أدت إلى دخول أنصاره إلى مبنى البرلمان العراقي رفضاً لترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.
ورسالة الصدر جاءت في تغريدة للمقرب منه صالح محمد العراقي الذي قال إن اقتحام الخضراء ومبنى مجلس النواب كان “جرة أذن”.
وأضاف في تدوينة على “تويتر” أن “اليوم جرّة أذن… وغداً؟ ثورة إصلاح في شهر الإصلاح، وامتداد لسيد الإصلاح الإمام الحسين عليه السلام”، مشيراً إلى أنه كان هناك “تعاون من القوات الأمنية زادها الله قوة وشرفاً وعزة”
وأكد العراقي أن “التظاهرة تعدّ رسالة تسلمتها الأحزاب وفهمها القضاء واستوعبها العالم أجمع. لعلها تصلح أن تكون رسالة للتطبيعيين والمهادنين ولـ(الميم)”.
وأغلقت اليوم السلطات الأمنية جسر الجمهورية، بالإضافة إلى بعض الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء كإجراءات احترازية لمنع دخول متظاهرين تابعين للتيار الصدري إلى المنطقة الخضراء مجدداً.
الا أن المحتجين تمكنوا من إزاحة كتل اسمنتية على الجسر ووصلوا الى محيط المنطقة الخضراء.
وحاولت قوى الأمن تفريق الحشود باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
وأغلقت السلطات الأمنية ساحة الخلاني وسط بغداد ومحيطها لتأمين تجمع كبير ينظمه تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم.
وحمّل وزير الصدر صالح محمد العراقي الكتل السياسية مسؤولية اي اعتداء على المتظاهرين السلميين، معتبراً أت “القوات الامنية مع الاصلاح والاصلاح معها”
وقال عبر “تويتر”: “سرقتم اموال العراق فكفاكم تعدي على الدماء الطاهرة”.
وقال المحلل السياسي العراقي ربيع الجواري الى “النهار العربي” تعليقاً على الأحداث المتسارعة في البلاد إن “العراق دخل في صراع رسمي نتيجة الأزمة السياسية الشيعية”، لافتاً الى أن “تحويل الأزمة السياسية الى الشارع تطور خطير قد تنزلق بالبلاد إلى فوضى وتصادم مسلح بين الجماهير الصدرية والإطارية”.
وأشار جواري الى تواجد قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني اسماعيل قآني في العراق لافتاً إلى أنه “فشل في حل الأزمة الشيعية وبات يراقب الأوضاع”.
ولفت المحلل السياسي العراقي إلى أن “مرجعية النجف المتمثلة بعلي السيستاني قد يكون لها موقف أزاء الأزمة وبخاصة أن البلاد تشهد انهياراً أمنياً من جهة هجمات تنظيم داعش”.
ويقول إن “تمسك الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة يقودها السوداني يعني دخول البلاد في منزلق خطير”.
من جهته، يؤكد المراقب السياسي العراقي والاستاذ في العلوم السياسية باسم الشمري الى “النهار العربي” أن “العراق يشهد غلياناً صدرياً بوجه الإطار التنسيقي…، الأمر الذي ينذر بصدام مسلح داخلي اذا لم تتدخل القوى الدولية”.
ويحذر من أن “الأوضاع الحالية التي تشهدها البلاد خرجت عن السيطرة”، مبيناً أن “الجماعات المسلحة المقربة من الإطار التنسيقي حليف إيران لن تسكت عن تحركات جماهير الصدر وبالعكس لأن الطرفين يملكان السلاح والسلطة”.