مازال التاريخ القبطى يحفل بالكثير والكثير من المعلومات حول رجال صنعوا المعجزات فى ربوع الدولة المصرية حيث كانت مصر بأكملها دولة قبطية ، وبدون مقدمات تم ويتم محو هذا الجزء من تاريخ مصر سواء بطريقة متعمدة أو بسبب ظهور حضارة جديدة عليه ، وتحول الأقباط من اللغة القبطية إلى اللغة العربية ، لكن معظم الشواهد تؤكد بأن هناك تعمد إلى محو جزء مهم جدا من تاريخ مصر فها هى الشوارع القبطية يتم تغيير اسمائهم إلى أسماء عربية فالحقيقية مازال السؤال الذى يحير الجميع مستمر من دون إجابة. كيف لدولة تمتلك تاريخ قبطى كبير وواسع بهذه الدرجة تسعى لمحوه ؟
واليوم سنتحدث عن كاهن قبطى لعباً دوراً هو الأعظم فى مسألة حجر رشيد
حيث قال الدكتور مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إنّ مصر تعرضت للغزو سنوات طويلة، لكنها كانت الأكثر ثقاقة وتحضرا، وكانت مهيمنة ثقافيا على العالم كله، حيث تدين لها الحضارة اليونانية بالفضل، وكذلك الحضارة الرومانية.
وأضاف مجدي شاكر لم تتقدم أوروبا إلا بعد الحملة الفرنسية حيث جاء نابليون إلى مصر ومعه 167 عالم، وكتب كتابا بعنوان وصف مصر، لأن الحملة الفرنسية خلال 3 سنوات أخذت العلوم المصرية”.
وتابع كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار: “قبل اكتشاف حجر رشيد لم نكن نعرف شيئا، لكن الضابط الفرنسي أدرك أهميته، ثم أخبر قائد الحملة، الذي أرسله بدوره عبر نهر النيل إلى المجمع العلمي في السيدة زينب، ثم الإسكندرية، وكانت هناك جريدة تصدر في مصر أذاعت الخبر”.
وواصل: “شامبليون أدرك أنّ هذه اللغة لم تمت في مصر وأنها موجودة في الكتابة القبطية، فأحضر يوحنا الشفتشي الذي كان كاهنا مصريا مهاجرا في فرنسا، وطلب منه تعلم اللغة القبطية، وكان ذلك الأمر مفتاح الحل”.
وسجل شامبليون هذه الحقيقه في مذكراته التي يقول فيها: “سلّمت نفسي بالكامل الي اللغه القبطيه، لقد اصبحت قبطيًا لدرجه ان تسليتي الوحيده الان هي ترجمه كل مايخطر علي بالي الي القبطيه، ثم اني اتحدث الي نفسي بالقبطيه وقد تمكنت من هذه اللغه الي درجه انني قادر ان اعلم قواعدها لاي شخص خلال يوم واحد”
“لقد تتبعت تمامًا تسلسل الروابط التركيبيه لهذه اللغه، والعلامات التي لا يمكن ملاحظتها، ثم حللت كل شيء تحليلًا كاملًا، وهو ما سيعطيني دون ادني شك المفتاح اللازم لحل اللغز، وفك شفره نظام العلامات الهيروغليفيه، وهو المفتاح الذي حتما ساعثر عليه”.
من هو القس يوحنا الشفتشي
وذكر شامبيلون فضل الكاهن القبطي “يوحنا الشيفتشي” صراحه في مذكراته، اذ ارسل خطابًا الي اخيه يقول له فيه: “انني ذاهب الي كاهن قبطي يسكن في سانت روش، في شارع سانت هونوري، وهذا الكاهن يعلمني الاسماء القبطيه وكيفيه نطق الحروف، وانني اكرس نفسي الان كليه لتعلم اللغه القبطيه، اذ اريد ان اتقن هذه اللغه مثلما اتقن الفرنسيه، وان نجاحي في دراسه البرديات المصريه سيعتمد علي اتقاني لهذه االلغه القبطيه. وهو امر ذو ابعاد كبيره”.
كما ذكر” يوحنا الشيفتشي” ايضا ضمن مجموعه العلماء الذين ساعدوا في اعداد كتاب وصف مصر، ولقد ذكر هذه الحقيقه وزير داخليه فرنسا في خطاب مؤرخ عام 1802 اذ قال فيه: “جاءتني تزكيه عن الكاهن القبطي المدعو يوحنا بانه يتمتع بسمعه طيبه كعالم متمكن من اللغات الشرقيه؛ وقد علمت انه يمكن الاستفاده من كفاءته في العمل العظيم الذي ينكب عليه الان العلماء العائدين من مصر”.
وفي الحقيقه ان العموم لا يعرفون الا اقل القليل عن “يوحنا الشيفتشي”، ومن هذا القليل الذي نعرفه والذي يمكن ان نستتجه من اسمه انه ولد لعائله من صياغ الذهب، فكلمه الشفتشي في اللغة العربية يستخدمها صائغ الذهب، للدلاله علي خيوطه الدقيقه المنقوشه في حيز مفرغ من اللبه، ولا يراها الناظر الا في شفافيه الضوء، و ما يدعم هذا الاستنتاج ان صياغه الذهب كانت حرفه متوارثه بين الاقباط منذ اقدم العصور.
مولده ونياحته
ولد يوحنا في الجيزه، وعمل مترجمًا بمنطقه الجيزه، وكاتبًا اول في محكمه الشؤون التجاريه، كما عمل بناء علي توصيه من العالم الرياضي فورييه (1768- 1830) مترجما لدي الللجنه التي شكلها “كليبر” لجمع مواد تاريخ الحمله الفرنسيه، وعندما خرج الفيلق القبطي بقياده المعلم يعقوب من مصر متوجهًا الي فرنسا خرج معهم، وعثر العالم المصري الراحل الدكتور انور لوقا (1927- 2004)، في مخطوطات المكتبه الوطنيه بباريس علي اشاره مقتضبه، وردت في خطاب من وزير الداخليه الفرنسي الي احد العلماء بالمدرسه المركزيه يساله رايه في الاستعانه بكاهن قبطي اسمه “يوحنا” يقال انه واسع العلم باللغات الشرقيه.
كما عُثر علي توصيه من عميد مدرسه اللغات الشرقيه يشيد فيها بفضل هذا الكاهن القبطي، ويدعو الي الافاده من علمه، وعُثر ايضاً علي تزكيه مؤرخه بتاريخ 6 ابريل 1816م، تحمل توقيعات سبعه من اشهر العلماء الفرنسيين في القرن التاسع عشر يثنون فيها علي ثقافه يوحنا الشفتشي الواسعه، مع الاشاره الي زهده وتواضعه.