الأحد , ديسمبر 22 2024
هناء ثروت

مجانين التريند

حقيقي أي شيء في الكون مهما كانت فائدته  ومميزاته وايجابياته له اكيد سلبياته وعيوبه، مثلًا التليفزيون اختراع هايل وغالبا مش بنقدر نعيش من غيره واصبح من اساسيات الحياة، خصوصا في شهر رمضان وكثرة المسلسلات او المباريات المهمة في جميع دوريات العالم، ولكن ومع الابحاث والدراسات على موضوع اهمية التليفزيون وجدنا ان له اضرار قد توازي المنفعة منه، والانترنت الذي جعل العالم دول صغيرة واحدة، اللي بيحصل في آخر الكرة الأرضية بنعرفه بعد ثواني من حدوثه او يمكن كمان بنشوفه مباشرة وقت حدوثه حتى اصبحنا جميعًا في قلب الحدث، ومع  تطور الانترنت في العالم وبالتالي في مصر وكثرة البرامج الموجودة عليه خاصة هذه البرامج التي تتيح للفرد تصوير فيديو له ونشره على صفحات التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر الخ

تم استدعاء او ابتكار مصطلح يسمى “التريند” سامحوني واعذروا جهلي بالتكنولوجيا فأنا في أول الامر لم اكن اعرف معنى هذا المصطلح، لغاية ما اولاد الحلال عرفوني معناه وهو بالاختصار ان الفيديو اللي بيجمع اكبر عدد من المشاهدين ويعمل اكبر عدد من المشاركات الـ “Share” هو دا التريند

لغاية هنا والامر مقبول وفي البداية كان بينتشر فيديوهات لبعض الدكاترة اللي بيقدموا نصايح وبيساعدوا الناس خاصة وقت ازمة كورونا، شيء مذهل حقيقي، لكن فجأة وبدون سابق إنذار اصبحنا نرى فيديوهات لا يصدقها عقل وفي بعض الاحيان لا يقبلها عقل، واصبح اغلب الشباب مهوسوون بهذا التريند اللعين، فنجد عروسة تعنف عريسها امام الجميع، نجد اسر يصورون حياتهم اليومية وينشروها على البرامج المختلفة

حتى وجدنا البيوت قد انفتحت ولم تعد هناك اسرار زوجية ومنزلية، واصبح هذا التريند وسيلة للشهرة دون النظر الى محتوى هذه الفيديوهات، حتى وصل الامر الى تصوير فيديوهات بعيدة تماما عن الادب، ولعلنا نذكر بعض الاشخاص الذين استغلوا هذا التريند ليوظفوا بنات في اعمل منافية للاداب ورُفعت قضايا وحُكم على شباب وشابات بسبب الشهرة المزيفة

ووصل الأمر الآن ان بعض الاشخاص وضعوا انفسهم مكان اجهزة الامن في احدى القضايا الشهيرة واخذوا يرفعون فيديوهات ويعلنوا انهم من يمتلكون الحقيقة وانهم عارفين “البيضة ومين فقسها” ويتعاملون مع المشاهدين من منطلق انهم يملكون الحق والباقي جهلة ومن يخالفهم الرأي يكيلون له السباب والالفاظ القاسية ومعاملته كجاهل، ينحرون في سُمعة الناس من اجل زيادة المشاهدات

وطبعا ولأن معظم من يمتلكون الموبايلات لديهم الوقت الكافي لمشاهدة هذه المهاترات وزيادة نسبة المشاهدات وياليتهم يقولون ما يفيد، لكنهم مثل الصحافة الصفراء التي تتعمد اذاعة اخبار تميل الى الايحاءات حتى تجذب الاعلانات والقراء.

انا لن اذكر تريندات بعينها، ولكني اقف فقط عند الفراغ الذي يشعر به الشباب ليفعل هذا دون ان يقدم محتوى نافع، او حتى كبار السن ويحضرني هنا رأيت فيديو لرجل يسكب الماء على رأسه ويسمع اغاني رومانسية ثم يتحفنا ببعض النظرات التي يعتبرها هو نظرات جذابة رومانسية، وبالطبع هو لا يهمه من قريب او بعيد رأيي فيه ولكنه يهمه ان نسبة المشاهدات تعلو حتى يتمكن من جمع الاموال.

لكن دعونا نأخذ الامر بجدية ونسأل سؤالًا في الغالب اصبح سؤال الساعة، ما الذي يدفع بهؤلاء الاشخاص لمثل هذه الامور؟ الفراغ؟ جمع المال؟ جنون الشهرة ؟ حب الفن مثلا؟ لا اخفيكم سرًا قد تصبح كل هذه الاسئلة اجابات، فكل الامور واردة ولكل ما العمل؟ هل فقط الرقابة الفنية تكفي؟ هل تجوز اصلا؟ هل نترك هذا الامر تحت مبدأ الحرية وكل منا يفعل ما يحلو له، وان كنت اوافق على حرية الفن والابداع ولكن في حالات كثيرة لابد من الرقابة فتكوين ابنائنا مسئولية الجميع. ومن آمن العقاب أساء الأدب.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.