جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
هناك مشكلة يعاني منها الجيل الأول من المهاجرين تتمثل في حَمْله جزءًا من هموم الأهل في الوطن الذي غادره دون أن يغدر به، وهاجر منه دون أن يهجره، ورحل عنه دون أن يترجل عنه!الرعيل الأول يفكر في الاثنين معا: الوطن الأم والوطن المضيف، وقد تتغلب الأولى فيسري حزن غريب في النفس، خاصة الأمراض والتقدم في العُمر لمن تركناهم في صحة الخيول فلم تنهض أجسادهم وهي واقفة كالأشجار، لكنها تميل مع كل نسمة رياح ضعيفة.
وقد تتغلب الثانية فيأتي جيل ثم جيل ثان، ونبتعد رويدا.. رويدا، فيصبح الهاتف أو البريد الالكتروني بكلماته المرتعشة هو صلة الوصل التي تنقطع فور انقطاع الخط أو قراءة الرسالة.
أحيانا لا يعرف المهاجر من الذي يشفق على الآخر: الطائر الطليق أم الهاديء المستكين!يأتيك الصوت من الداخل كأنه حشرجة حبيب يحتضر، وأحيانا كأنه يقرع ضميرك أنك هاجرت، فنسيت، فبهتت مشاعرُك؛ ولم تشارك أفراحــا حقيقية أو وهمية.
تهاجر وتأخذ معك الدين قبل أن تضع عليه بصمات إنسانية مشرقة؛ فكأنك لم تغادر مقعدك من أمام المنبر في المسجد أو الكنيسة.
تهاجر وتأخذ معك أفكار الاستبداد فتحاول زرعها في بيئة ديمقراطية فتنبت نباتا ميتاً قبل أن تسقيه.
هذا مريض بالهجرة، وذاك سقيم بعدم الهجرة؛ فكيف تلتقي أفكارهما؟في المهجر تحاول رتق علاقات ماضوية مع الأصدقاء والأحباب والأهل في الوطن الأم، لكنك تصنع صورة من نسج خيالك.
وفي الوطن الأم تحاول تفهم ظروف وأفكار ومشاعر وذكريات من غادرك؛ فتصل إلى أنه غدر بك واختار مكانا آخر، وقبرا بعيدا، وملك الموت يأتيه على مبعدة آلاف الأميال، وأجيالا من صُلبه لا تعرف عنها غير أسمائها.
عشرات الملايين من المهاجرين في الدنيا بأسرها يجد أكثرهم في هذا البوست المرآة التي يشاهدون فيها أنفسهم؛ لكنهم لا ينتبهون إلى أن المرآة مقعرة أو محدبة أو مهشمة.السعادة هنا وهناك، والتعاسة هنا وهناك ؛ وتبقى فلسفة الحياة، الحلوة والمُرّة، عصية على الفهم.
محمد عبد المجيد طائر الشمال
أخي الكريم: المسيحي لا يرغب بالهجرة ولكنه بسبب الاضطهاد يترك أجمل ما عنده مُكرَه ومُضطَّر لحماية نفسه وما تبقى من عائلته. لا نرغب بالهجرة ولكن كما يقول المثل العربي: «مُكره أخوك لا بطل»، فشتان بين من يهاجر منكم لطلب العيش الرغيد بعيدا عن التشريعات الاسلامية للحكومات العربية وبين من يهاجر ليبحث عن الأطمئنان له ولعائلته. ولا نأخذ معنا شيء لأن المسيح يسكن في قلوبنا أينما ذهبنا. بقي أن تفهم أخي الغالي: المسيحي لا يأتيه ملك الموت فهذا عند المسلم حيث يأتيه بهيئة الثعبان الأقرع ولا يعرف المسلم ماذا يُفعل به في القيامة؟؟ وكما يقول قرآنكم في سورة الأحقاف الآية 9. أما نحن فلا نموت ولكننا نرقد على رجاء القيامة وتذهب أرواحنا الى الفردوس مع رب المجد يسوع المسيح وهذه الأرواح تعود في مجيء الرب الثاني: لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ (متى 22: 30). كما ترى أخي المسلم شتان بين من ينظر الحوريات وبين من ينتظر أن يصبح ملاك في حضرة القدوس الرب الإله. بقي أن تعلم بأن المسيحي يزرع المحبة أينما ذهب وانتم تزرعون الموت أينما ذهبتم. مع محبتي