حمادة إمام
فى 29 مايو 1949 أمسك عراف بيدها وقال لها: ستصبحين ملكة على مصر فضحكت ساخرة!!
«كانت البنات تحلم بنجوم السينما وكان هو بطل أحلامها كان يكبرها بـ15 عاما عندما قررت تحدي عائلتها والوقوف في وجه العادات والتقاليد والدخول في صراع مع والدتها الإنجليزية من أجل الزواج من فلاح مصري ، ومفصول من عمله.
اعتادت قضاء الصيف في السويس برفقة عمتها وزوجها الذي كان يعمل طيارا وله علاقة وطيدة به، وكان لصيف عام 1948 أثرا آخر في حياتها إذ سمعت لأول مرة عن حكاية ضابط متهم في قتل أمين عثمان، وزير المالية المصري آنذاك، وكيف أنه قدم تضحيات لمصر أدت في النهاية إلى فصله من الجيش، مقر عمله.
تلك الشخصية الأسطورية التي تشبه حكايات أبطال السينما جعلتها تنبهر بها قبل أن تراه،.
ظلت تسمع عن قصة البطل الأسطوري إلى أن خرج من السجن، الخبر الذي كان له أثرا غير طبيعيا عليها لدرجة أن بكت من الفرحة الشديدة التي أصابتها لمجرد معرفتها بخروج «فتى الأحلام الأول»،.
خرج من السجن وذهب مع زوج عمتها، إلى السويس، ورأته لأول مرة، فأبدت انبهارها بصمته وهدوءه والتزامه ورغبته في سماع من حوله، لكنها تساءلت «لماذا جاء إلى هنا قبل أن يذهب لبيته؟»، وهنا علمت أن هناك مشاكل وخلافات بينه وبين زوجته قد تؤدي إلى انفصالهما.
وبدأت تسأله عن حياته في السجن وأيامه في المعتقلات والزنازين وتسمع منه عن أفكاره ومعتقداته ورأيه في الدنيا وحال البلاد وكل ما جال بخاطرها، وكان أكثر ما بهرها به هو أنه كان يحكي عن فترة سجنه بنوع من الفخر وليس المرارة التي تبدو في أحاديث السجناء السياسيين، وهنا اكتملت صورة البطل الأسطوري الذي تحول إلى فتى أحلام الشابة ذو الـ15 عاما.
كان عيد ميلادها الـ15 بداية شرارة الحب التي انطلقت بين طرفين استحال بينهما التلاقي، وقدّم لها في ذلك الوقت «أغلى هدية»، كما تصف فلم يكن يملك مالا كي يشتري لها هدية، ولا يملك شيئا ثمينا كي يقدمه لها، فقرر أن يغني أغنية فريد الأطرش «ياريتني طير وأطير حواليك»، وكانت تلك هي الهدية الأولى والأغلى لفتاة مراهقة غنى لها بطل أسطوري
كانت من عائلة غنية، وكان هو فقيرا، وكانت شابة لم تكمل 15 عاما، وهو رجل في سن الـ30 ومتزوج ولديه 3 بنات، وكانت لها أم إنجليزية، وهو يحارب من أجل إخراج الإنجليز من مصر، وكانت في مقتبل حياتها، وهو مفصول من عمله، وكانت جميلة بيضاء، وكان أسمر، تلك بوادر قصة كُتب لها القدر أن تستمر.
وتقول «لما خرج من السجن راح على حلوان، وبعدين جابه زوج عمتي عنده فقعده معاه، بعديها أنا كنت بأتكلم معاه كل يوم وبأقعد معاه، وبعدين ابتديت أحبه وأحسى إن أنا بأحبه، وبعدين هو للحقيقة نفس الحكاية، وكان بيقاوم لأن هو كان معتبر إنه يعني مش عاوز يتجوز تاني، ويعني على الأقل يبقى فيه فترة، وكان مستصغرني عليه، بمنتهى الأمانة يعني كان مستصغر إن الفرق بيننا كبير وكده، فأنا كنت بأذلل له كل حاجة يعني، يعني فقير، يقول لي: أنا فقير، ما حلتيش حاجة، أقول له: عمر الفلوس كانت بتشكل حاجة عندي.
يقول لي: طيب أنا لسه ما اشتغلتش، ما عنديش وظيفة، أقول له : هتيجي الوظيفة في يوم من الأيام».
بدأ الحب يتسلل ويتمكن من قلب كليهما وظهرت فكرة الزواج على السطح لأول مرة، وبدأت تضرب عرض الحائط بالعادات والتقاليد من أجل التقرب من حبيبها، واستطاعت الخروج معه أكثر من مرة والمشي معه في الفجر على الشاطئ في السويس، ودبرت ظروفها وقابلته في الإسكندرية العديد من المرات، وهكذا، لكن المشكلة الأكبر في حياتها هي إقناع والدتها الإنجليزية بالموافقة على علاقتها بأنور.
وقفت أمام أهلها وأصرت على الزواج قائلة: «لو متجوزتوش مش هتجوز غيره»، ووافقت على الارتباط من رجل كبير أسمر مطلق مفصول من عمله، وتم الزواج وارتضت الحياة في أسوأ الظروف المادية والاجتماعية فقط من أجل العيش مع حبيبها الذي أصبح بعد أكثر من 20 عاما رئيس أكبر الدول العربية، وأصبحت هي سيدة مصر الأولى »
جيهان السادات
جيهان صفوت رؤوف، كان هذا هو اسمها الحقيقي قبل أن يمنحها الرئيس الراحل أنور السادات لقبه فتُصبح “جيهان السادات” أول سيدة أولى في مصر؛ فقبلها لم تعرف مصر هذا اللقب، لأنه يقتصر على كونه لقب تحمله قرينة الرئيس بقدر ما يتطلب من صاحبته مسئوليات ويمنحها امتيازات
أما جيهان زوجة السادات فكانت أول زوجة لحاكم مصري تقوم بنشاط اجتماعي علنى وتظهر على وسائل الإعلام وتقف جنبا إلى جنب مع الرئيس فى الاستقبالات الرسمية, بل وتتدخل فى تعيينات وإقبالات وزراء الحكومة, وكذلك فى سن القوانين مثل قانون “الأحوال الشخصية عام 77 والذى عرف إعلاميا وجماهيريا باسم قانون “الشقة من حق الزوجة” أو “قانون
قوانين الأحوال الشخصية
في 1979 حدثت ثورة فى قوانين الأحوال الشخصية حيث تم تغيير القانون بحيث أصبح حصول المرأة على الطلاق في حالة الضرر وليس في حالة سوء المعاملة، إلى جانب أنه في حالة الزواج من أخرى يكون من حق الأولى الطلاق، ومن يطلقها زوجها وتكون حاضنة لأطفالها يكون مسكن الزوجية حق له وفي نفس العام صدقت الحكومة على كافة التعديلات التي أقرها علماء الأزهر ووافق عليها البرلمان وهو ما أحاطها بالعديد من الأقاويل بسبب تلك الزلزلة التى أحدثها تعديل قوانين الأحوال الشخصية حتى إن البعض أطلق عليه فى حينه ” قانون جيهان “الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقد كانت ترى ضرورة كسر المالوف والمعتاد حول دور زوجه الرئيس وان الدور لابد ان يتجاوز مجرد حضور الحفلات الرسمية و مشاركة الرئيس فى المراسم والبروتوكولات، إلى لعب دوراً محورياً في العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والمجتمع .
زعم البعض أنها هى التى شجعت زوجها على زيارة القدس، وهذا ما كشف عنه د. محمود جامع ،الذي كان صديقا ملازما للرئيس الراحل أنور السادات طوال فترة حكمه, في كتابه “عرفت السادات” أنه لم يكن يطلع زوجته السيدة جيهان على قراراته المهمة وأسرار الدولة.
لكنه أضاف في كتابه أنها كانت تتجسس علي السادات بمعرفة فوزي عبدالحافظ سكرتيره الخاص، وتسببت في تقديم نائبه حسني مبارك لاستقالته احتجاجا على صلاحيات منحت لمنصور حسن وزير الدولة لشئون رئاسة الجمهورية على حسابه.
وقال جامع:”إن تغيير المادة 77 من الدستور بجعل فترة الحكم مفتوحة وليست مدتين فقط كان باقتراح من السيدة فايدة كامل زوجة وزير الداخلية الأسبق عندما كانت عضوا في مجلس الشعب، مع مجموعة من “الستات” بالمجلس بإيحاء من السيدة جيهان وقد عرف بتعديل “الهوانم”
المصدر : نساء في حياة الرئيس حمادة إمام
عرفت السادات: محمود جامع
السيدة الاولى :عادل حمودة