د.ماجد عزت إسرائيل
طبقاً لرواية الأب أيوب استطيفان في كتابه” السريان والأرمن….شهادة مشتركة” ينتسب الأرمن إلى هايك ابن جومر بن يافث بن نوح، الذي كان من المناظرين على بناء برج بابل،ورفض السجود لملك بابل وهاجر بعائلته وجماعته إلى الجهات الشمالية غرب آسيا،وبالتحديد في منطقة أرارات، ونجحوا في تشييد مدينة أطلق عليها اسم”هايكاعمار”أى مدينة هايك، في عام(٢١٦٧ ق.م)”.
ومن الجدير بالذكر أن الأرمن منذ بداية الخليقة وحتى القرن الخامس الميلادي، لم يكن لديهم تاريخ مكتوب بلغتهم ذات الأحرف الأرمينية، لأنهم لم يعرفوا الأبجدية الأرمينية إلا في القرن الخامس الميلادي،وقبل ذلك كانت لغتهم تكتب باليونانية أو السريانية، حيث أن هاتين الأبجديتين كانتا تستخدمان في كتب الطقوس الدينية المسيحية، أي التي تستخدم داخل الكنائس في أثناء الصلاة، وكذلك في الشؤون الإدارية.
ثم عرف الأرمن المسيحية على يد القديسين تداوس وبرثلماوس عام٤٣ وبشروا بالإنجيل، وفي هذا يقول البطريرك أفرام الأول برصوم :”إن مبشرين سريان من مدينتي الرها ونصيبين حملوا مصباح الكرازة إلى بلاد الأرمن”، وبنعمة الله وبجهاد القديس (كريكور) غريغوريوس المنور،(لوسافورتش)
والملك درطاد الثالث الملقب بــ”درطاد الكبير” ظلت المسيحية تنتشر بهدوء بين صفوف الشعب الأرمني إلى أن أعلنت في عام ٣٠١ الديانة الرسمية فى البلاد أي قبل صدور مرسوم ميلانو الصادر في عام ٣١٣ ، من قبل الأمبراطور “قسطنطين الأول “(٢٧٢-٣٧٣) والذى نص على “إلغاء العقوبات المفروضة على من يعتنق المسيحية “وبذلك أنهى فترة اضطهاد المسيحيين
وبفضل الكنيسة الأرمينية المؤسسة الدينية ذات التراث العريق الذى يمتد أكثر من ألفي عام، تمكن الأرمن فى الشتات وبلاد المهجر من التواصل العرقي والمحافظة على لغتهم وتراثهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ولايزالون حتى يومنا هذا بفضل الثورة العلمية في تقدم وسائل الإتصال السريع عبر التليفون أو الانترنت أو الفيس بوك أو وتويتر، والواتس آب وتميز الأرمن بعدم ذوبانهم فى المجتمعات التي استعمرتهم أو التي استوطنوا في رحابها، ويذكر لهم قدرتهم على التكيف في بلاد المهجر، كما تركوا بصماتهم، وكونوا لأنفسهم جاليات فى بلاد المهجر.
وقد تعرضوا للإبادة العرقية على يد السلطات التركية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني(المذابح الحميدية) 1894-1896م، وفي أضنة 1909م، وفي 24 ابريل 1915م تعرضوا لإبادة عرقية ودينية، ويحتفل العالم بذكرى الإبادة الأرمنية في 24 أبريل من كل عام.
وقد أعلنت كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا وألمانيا وفرنسا والنمسا وأستراليا والبرلمان الأوروبي، والبابا فرنسيس بابا روما، رسميا اعترافهم بالإبادة الجماعية للأرمن،وقد شارك العالم في اِحتفال عام ٢٠١٥ بمرور مائة عام.
وتوجد علاقة قوية ما بين الكنيسة القبطية والأرمنية لطبيعة الإيمان الواحد، ولموقف كلاهما الرافض لقرارات من مجمع خلقدونية(451)، كما يذكر اسم القديس إغريغوريوس الأرمني في صلاة القداس الإلهي القبطي، وللأرمن بمصر العديد من الكنائس ولهم مطرانية بالقاهرة ياتى على رأسها صاحب النيافة المطران أشود مناتسكانيان، ولهم دير الأرمن بوادي النطرون وللأسف أندثر وتم إعادة اكتشافه في عهد المتنيح البابا شنودة الثالث
(1971-2012م)- وساهم كاتب هذه السطور في الكشف عن تاريخه. وقد تعاون الفنان يوحنا الأرمني وإبراهيم الناسخ القبطي في أبداع فن الأيقونات القبطية التي لاتزال تزين الكنائس القبطية والأرمنية بمصرنا الحبيبة.