د.ماجد عزت إسرائيل
علية صهيون وتعرف أيضًا بـــ«العلية»، وهي إحدي المعالم الشهيرة في مدينة القدس، وتقع على جبل صهيون وبجوارها ضريح الملك داود.
ويشار اليها أنها المكان الذي شهد العشاء السري – التناول او سر الإفخارستيا، والعنصرة، إلى جانب كونها مركز المسيحية المبكرة الأول. وقد ورد وصفها في الموسوعة الكاثوليكية على أساس أنها أول كنيسة في العالم.
وحسب التقاليد المسيحية شهدت علية صهيون عدة أحداث ذكرت في العهد الجديد: منها العشاء الأخير، وغسل أرجل التلاميذ والعنصرة.
والحقيقة التاريخية أن «السيد المسيح» اختار هذا المكان بنفسه عندما أرسل السيد المسيح أثنين من تلاميذه ليعدوا الفصح حيث ذكر القديس لوقا في إنجيله قائلاً:” فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلًا: «اذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ».فَقَالاَ لَهُ:«أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ؟».فَقَالَ لَهُمَا:«إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَدِينَةَ يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ، وَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ الْمُعَلِّمُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ فَذَاكَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَةً. هُنَاكَ أَعِدَّا». فَانْطَلَقَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، فَأَعَدَّا الْفِصْحَ”.
ومن الجدير بالذكر أن القديس لوقا وصف العلية بأنها: “كبيرة مفروشة”.
والكنيسة ورثت ميراث علية صهيون في إعداد المذبح لاستقبال جسد ودم الرب يسوع.
فعندما يقوم الكاهن بإعداد المذبح نتذكر ما حدث يوم «خميس العهد» في إعداد العلية للعشاء السري بحضور السيد المسيح.
ويذكر لنا التاريخ أن أم القديس مرقس الرسول فتحت بيتها ليأكل الفصح مع تلاميذه في العلية علية صهيون- فصار من البيوت الشهيرة في تاريخ المسيحية المبكر.
وهناك غسل رب المجد أقدام التلاميذ، وسلمهم سرّ الإفخارستيا، فصارت أول كنيسة مسيحية في العالم دشنها السيد بنفسه بحلوله فيها وممارسته سرّ الإفخارستيا.
وفي نفس العُلية كان يجتمع التلاميذ بعد القيامة وفيها حلّ الروح القدس على التلاميذ حيث دون لنا الكتاب المقدس قائلاً:” وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا” (أع 2: 1-4)، وفي ذات المكان كانوا يناقشون أمورهم بمحبة في نشر تعاليم السيد المسيح.
وعلى هذا فقد كان بيت مرقس هو أول كنيسة مسيحية في العالم اجتمع فيها المسيحيون في زمان الرسل حيث ورد بالكتاب المقدس قائلاً:” ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ”. (أع 12: 12).