أختلف كثيرا وأتفق كثيرا مع ابراهيم عيسى!كاتب وإعلامي ومثقف، وإنتاجه غزير في الفنون والرواية والتلفزيون والحوارات، وقادر على الدخول إلى المناطق الشائكة، ولا يخاف الصدامات مع رجال الدين والدعاة وجماهير الحوارات الالكترونية.
لا أعرفه شخصيا، وتحدثت معه، هاتفيا، مرة واحدة في عام 2007 عندما اتصلت به من أوسلو وسألته عن مقالي(لماذا لا يغضب المصريون؟) وهو كمقالاتي ضد الطغاة.
وكان تحريضا ضد المخلوع قبل خلعه.
قال لي: المقال أمامي الآن وسيُنشر في العدد الأسبوعي مع حوار الأستاذ محمد حسنين هيكل.انتظرت، ولم يتم نشر مقالي، طبعا.
ابراهيم عيسى له بصماته، ويملك لغة قوية، ومعلوماته الوطنية والدينية غزيرة ويستطيع أن يواجه الدنيا كلها دون خوف؛ لكنه لا يستطيع مواجهة ضابط أمن أو مستشار لرئيس الجمهورية أو حتى حشرة مدعومة من القصر.ابراهيم عيسى أسقط الإخوان المسلمين بطـَـلـّـتـِـه القوية من الشاشة الصغيرة، لكنه لا يقترب من رئيس الجمهورية ولو باع الأرض والجُزر والنهر الخالد وفتح كل يوم سجنا جديدا، وجدد المعتقلات كلها.
لا أحمل له أية كراهية رغم أنه على الضفة الأخرى من آرائي السياسية، لأن جهده في التنوير الديني أصاب التيارات المتطرفة في القلب.
عيوبه تعادل مزاياه، ويعرف قدْرَ نفسه فهو لا يستطيع أن يرفع صوته فوق صوت السلطة الباغية، مبارك وطنطاوي والسيسي؛ لكنه يصرخ في وجه السلطة الباغية إذا كانت من الدراويش مثل محمد مرسي.
يعرف ابراهيم عيسى أن سيد القصر يستطيع أن يُلقي به إلى سابع أرض، مثل سامي عنان، وعبد الحليم قنديل، وأحمد شفيق، وأي مصري تكون رأسه أعلى من حذاء أصغر ضابط شرطة أو.. شاويش في الجيش.
لهذا لم أهاجمه رغم حزني الشديد على خسارة الديمقراطية وحقوق الإنسان وأنبياء ثورة 25 يناير لثقافته وأفكاره، فكلنا نعلم أن السيسي أكبر وأقوى وأشرس وأعنف وأظلم من كل طغاة العصور المصرية، قديمها وجديدها.
حاولت أن أبغضه كما أكره كل الإعلاميين الخدم للسلطة؛ فلم أتمكن! ابراهيم عيسى من القلة القليلة في مصر الذي يمكن أن نطلق عليه (إعلامي)، فأكثر الإعلاميين في مصر أكياس قمامة أمام باب قصر الاتحادية.
لو أنني اصطدمت مع كل الإعلاميين والمثقفين والسياسيين والبرلمانيين والأصدقاء الفيسبوكيين المرتعشين من سيد القصر، لما بقيَ في جعبتي وفي صدري واحد يتيم دخل ساحة الهوس الديني والبغي العسكري مستندا لثقته في وقوف السماء معه!
محمد عبد المجيد طائر الشمال