حين أخذت الصورة المرفقة قبل يومين للمسجد الحديث الذي أقيم حول ضريح سيدي أبو الحسن الشاذلي تذكرت العبارة التي يحفظها لنا الرحالة وفي مقدمتهم بن بطوطة الذي أخبرنا عن الحاج المغربي “أبو الحسن الشاذُلي” وعبارته الشهيرة.
وأصل القصة أن الحاج المغربي طلب من مساعده الصغير أن يحمل معولا لحفر قبر في رحلة الحج إلى مكة عبر صحراء مصر الشرقية، وحين استغرب الفتى من حمل معاول حفر قبر في رحلة سفر إلى مكة قال الشيخ: “ياولدي ..في حميثرة سوف ترى”.
وحين صل الشيخ الصوفي إلى هذه النقطة التي تراها في الصورة في الثلث الأخير من صحراء مصر الشرقية في الطريق إلى عيذاب (قرب برنيس اليوم) فاضت روحه إلى ربها ودفنه الغلام بمساعدة بعض الحجاج في تلك البقعة التي صارت منذ ٨٠٠ سنة مضت وإلى اليوم بقعة مقدسة في تراب صحراء مصر الشرقية التي كانت تعرف في الماضي بصحراء عيذاب.
صارت حميثرة اسم علم على المنطقة التي أقيم فيها مقام سيدي أبو الحسن الشاذلي الذي يزوره كل عام أكثر من مليون زائر من سكان وادي النيل وقبائل العبابدة الذين يوقرون الشيخ ويحترمون المقام وينسبون إليه بركات كبيرة وراحة نفسية لا يعرفها إلا من ذاق “ومن ذاق عرف !”.
بل إن علماء الجيولوجيا أطلقوا على تكوينات نارية فريدة اسم مجموعة أبو الحسن الشاذلي نظرا لأهميتها وتفردها في هذا المكان.
حميثرة اسم شهير في جنوب شرق مصر وشمال شرق السودان وهو من مفردات لغة أهلنا البشارين على الأرجح وربما يعني الاسم الجبال الحمراء، وربما كانت كلمة حميثرة تصغيرا وتدليلا لكلمة “أحمر”، أقول ربما لأنني ما زلت أجمع بيانات عن أصل هذه الكلمة.
قصة سيدي أبو الحسن شيقة للغاية ولها علاقة بالأضرحة الإسلامية والأديرة المسيحية في صحراء مصر الشرقية، لذا لن أسردها كلها دفعة واحدة وسأكتب عنها بالتفصيل لاحقا بإذن الله.
وفي الختام أود أن أبدي إعجابي بتلك الروح العارفة، ليس فقط لحال الدنيا بل العارفة بدنو أجلها فاستعدت للرحيل وجهزت أغراضها للقاء ربها.لكل منا حميثرة ، والعاقل من يستعد لها.
نقلا عن صفحة الدكتور عاطف معتمد