إذا صدقنا الأدلة التي بدأت تظهر اليوم (16 مارس 2022) من قرب التوصل لاتفاق بين الناتو وروسيا حول أوكرانيا فإننا سنعود بالتالي إلى النظريات الجيوستراتيجية التي ظهرت بعد الحرب العالية الثانية والتي تقول إن حروب المستقبل لن تشهد بين القوى العظمى “نصرا كاسحا ولا هزيمة ماحقة”
معنى تلك العبارة إن كل ما سيجري هو تدمير بعض الدول الواقعة على الحدود لا من أجل قضية عادلة، ولا مكسب حقيقي، ولا تهديد وجودي، بل لاستعراض القدرة على الحرب وإيصال رسالة بأن كل عدو جاهز يقظ لم تخر قواه ولم يغمض له جفن.
في عام 1949 نشر جورج أورويل روايته الشهيرة “1984” والتي يشير فيها إلى نبوءة لحروب المستقبل مؤكدا أن ما سيشهده الغرب سيكون حربا على أراض دول أجنبية مثل إيران أو مصر أو سيرلانكا، لكن لن تصل تفجيرات القنابل إلى حدود الدول العظمى.
في تلك الرواية يقسم أورويل العالم إلى ثلاث قوى هي
أوراسيا قاصدا بها روسيا أو الاتحاد السوفيتي – أوقيانيا: قاصدا بها الولايات المتحدة وما يتبعها من دول غرب أوروبا- إيستاسيا (شرق آسيا): قاصدا بها الصين واليابان ومعها شعوب آسيا الشرقية.
ولأن جورج أورويل كان يكتب في عام 1949 بعد أن تم التلاعب بالدول الأوروبية والآسيوية الصغيرة لصالح القوى العظمى فقد أشار إلى أساليب تزييف العقل الإنساني حين كان الكتاب والمفكرون العملاء للزعماء المستبدين يحولون الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق.
في الربع الأخير من الرواية يكتب أورويل على لسان أحد المفكرين الثوريين تلك الفترة واصفا سياسات القوى العظمى بالتلاعب بالأمم الصغيرة قائلا:”صحيح سيشهد المستقبل تدميرا على حساب الأمم الصغيرة، وستجرى الاشتباكات في كل من إيران ومصر وسيرلانكا، لكن ما سيحدث لن يكون حربا مفتوحة بين القوى العظمى بل تكتيكات غادرة، في هذه التكتيكات الغادرة سيكون الهدف تخريب النفس البشرية وإذلال الشعوب، لكن لا تنتظروا أن تحقق واحدة من القوى العظمى نصرا كاسحا، ولا أن تمنى واحدة منها بهزيمة ماحقة”.
منقول من صفحة الدكتور عاطف معتمد