الأحد , ديسمبر 22 2024
رشيد محمد رشيد

رشيد محمد رشيد ..ملياردير من رحم الشركات متعددة الجنسيات

حمادة إمام

تولى رشيد محمد رشيد منصب وزير التجارة الخارجية والصناعة في يوليو 2004 وقبل اختياره ، كان يشغل حزمه من المناصب فى مقدمتها عضويته بمجلس ادارة شركة “يونيليفر” العالمية التي تعمل في مجال الصناعات الغذائية وكان عضو فى المنتدى الاقتصادي العالمي – دافوس.

وعضو سابق للمجلس الرئاسى المصرى الأمريكى برئاسة الرئيس حسنى مبارك، وعضو مجلس إدارة الصندوق الاجتماعى برئاسة السيد رئيس الوزراء ،وعضو لجنة السياسات – بالحزب الوطنى.

ورئيس مجلس أمناء مدينة برج العرب الجديدة بالاسكندرية، ومؤسس وعضو مجلس إدارة جمعية جيل المستقبل

وعضو مجلس ادارة الغرفة المصرية البريطانية التجارية، ورئيس المجلس المصرى الهولندى للأعمال

كل هذه المناصب اذا وضعت بجوار بعضها البعض لابد وأن تشكل نسق واحد يعبر عن توجهات وميول صاحبه.

رشيد يهاجم ثورة يوليو

رشيد كشف ذات مرة وبدون مواربة عن ميوله وتوجهاته السياسية وذلك فى حوار شهير له فى3/2/2010 مع “جريدة المصري في طبعة الإسكندرية

حيث اتهم ثورة يوليو بتجريف الثراء والتنوع والازدهار الفكرى والثقافى والفنى والصناعى والتجارى

الذى كانت تنعم به الإسكندرية، وقال إن التأميم تسبب فى إغلاق الشركات وبورصة الإسكندرية وطرد الكفاءات والعناصر الجيدة التى كانت تنتمى إلى الجاليات والجنسيات الأخرى، «بما أثر بالسلب على الإسكندرية».

وأوضح رشيد فى أن «الثغر» كانت العاصمة التجارية والاقتصادية لمصر، وكانت مركز ثقل الاقتصاد المصرى، والمقر الرئيسى للبورصة المصرية فى بدايتها، وكانت بمثابة المركز الرئيسى لأكثر من ٧٠% من الشركات والبنوك المصرية والأجنبية فى مصر، «فلما حدثت عمليات التأميم بعد الثورة، أصبح كل واحد عايز يبقى جنب الحكومة وجنب الوزير بتاعه»

هجوم رشيد على ثورة يوليو يتسق مع توجهاته فالرجل عضو ضمن اعضاء شبكه الشركات المتعددة الجنسيات وربط نفسه بها من البداية ، وهى شركات تتجاوز حدود الدولة الأم التي تأسست فيها إلي دول أخري مختلفة الجنسيات.. وتوصف أحيانا بأنها شركات”متعدية”الجنسية.. أي متجاوزة لجنسيتها..

وهي من الثراء ما يزيد أحيانا علي ثراء عشرات الدول مجتمعة.. وهي من النفوذ ما يجعلها قادرة أحيانا علي تغيير القوانين التي تتعارض مع مصالحها، وتغيير السياسيين الذين يقفون في طريقها.. بل وتغيير الحكام الذين يرفضون تحويل بلادهم إلي أسواق لها..

فقد أصبحت في كثير من الأحيان أقوي من دولها، فشركة الفواكة الأمريكية كانت الوجه الآخر لوكالة المخابرات المركزية (الأمريكية) في أمريكا اللاتينية.. هي التي مولت الانقلابات علي الحكومات الثورية.. ودفعت تكاليف اغتيال زعمائها.. فثمرة الأناناس أغلي عندها من الشعوب التي تنتجها.

ولعبت شركات البترول في إيران دورا لا تنكره في الإطاحة بنظام حكم محمد مصدق وإعادة الشاه إلي عرشه.. كان ذلك في منتصف الخمسينيات.. في عملية شهيرة سميت”سوبر أجاكس”.. اثبتت فيها أن النفط أغلي من حرية من يملكونه.

80 ألف وكيل محلى لشركة أجنبية بمصر

في مصر يوجد أكثر من 80 ألف وكيل محلي لشركة أجنبية من هذه الشركات وغيرها وهو ما يعني أننا دخلنا داخل حزام الشركات متعددة الجنسيات بكل ما فيها من ثواب وعقاب.. وسواد وبياض.. وقد اخترقت هذه الشركات مصر من بوابة الاستثمار الأجنبي بعد أن تغيرت قوانين الضرائب والجمارك والتحكيم في المنازعات لتشجيعه ووقعت اتفاقيات حمايته.. وبعد أن أنشئت وزارة خاصة للاستثمار.. وبعد أن تفرغت الدولة للترويج له في الخارج من خلال سفاراتها ومكاتبها المختلفة.

وقد تعلمت الشركات متعددة الجنسيات الدرس فلم تعد في حاجة في كثير من الأحيان إلي وسيط أو سمسار محلي واستكثرت عليه أن تلقي له بفتات الخبز أو حبات الفول السوداني التي تتبقي منها.. خاصة أن الحكومة القائمة تضم عددا من الوزراء يوصفون بوزراء البيزنس لهم شركات مصرية هي في الحقيقة فروع لشركات متعددة الجنسيات.

رشيد محمد رشيد ابن بار للشركات متعددة الجنسيات

المسئول عن الصناعة والتجارة فى هذة الفترة المهندس رشيد محمد رشيد هو ابن بار لواحدة من هذه الشركات.. هي شركة يونليفر.. دمج الشركة التي ورثها عن عائلته فيها واصبح واحدا من مديريها

ثم جاء وزيرا مشبعا بخبراتها في دمج الاقتصاد المحلي في الاقتصاد العالمي.. مستندا علي علاقات قوية برموز سياسية مؤثرة مثل الرئيس الأمريكي جورج بوش ونائبه ديك تشيني وغيرهما.

وهو ما يدفع بعض المحللين السياسيين إلي تفسير اندفاع الحكومة القائمة في بيع الشركات والبنوك والمرافق الحيوية إلي شركات متعددة الجنسيات تفسيرا سياسيا وهو ربط مصالح هذه الشركات بالمجموعة المحيطة والقريبة من جمال مبارك إلي الدرجة التي تصبح فيها هذه الشركات مؤيدة ومتحمسة لتوليه السلطة فيما بعد.. في الوقت المناسب.. فسيكون وجوده في الحكم دعما لها

وفي المقابل ستكون هي نفسها ضاغطة علي حكوماتها الأم في الولايات المتحدة وأوروبا بل وفي جنوب شرقي آسيا كي يصل إلي السلطة ويستمر فيها دون أن تهزه قوة داخلية مهما كانت.

وسبق ذلك مد جسور التطبيع الاقتصادي بين مصر وإسرائيل فيما سمي باتفاقية الكويز التي نفذها ببراعة أيضا رشيد محمد رشيد.. وكأن مهندس التطبيع مع الشركات الإسرائيلية ومهندس التوريث مع الشركات متعددة الجنسيات.

ويضاعف التدليل علي جنون الحكومة القائمة التي ساهم في اختيار غالبية وزرائها جمال مبارك بفتح البلاد علي مصراعيها للشركات متعددة الجنسيات التي راحت تسيطر يوما بعد يوم علي عصب الحياة الاقتصادية.. فقد دخلت في صناعات الحديد والأسمنت والدواء والغذاء والإلكترونيات والسيارات والنسيج والأثاث والمنظفات الصناعية والبنوك والعقارات وقبلها البترول والغاز الطبيعي.

في كل دول العالم التي قبلت بدخول هذه الشركات كانت هناك مفاوضات ضارية سعت فيها تلك الدول إلي تحقيق مكاسب أفضل لها.. مثلا سعت روسيا لتطوير بعض حقول النفط فيها وجاءت شركات أمريكية تعرض شروطا وجدتها روسيا متعسفة فاتصلت بشركات أوروبية منافسة للشركات الأمريكية ونجحت في النهاية في الحصول علي ضعف المكاسب التي عرضت عليها في البداية.

لكننا في مصر لا نفعل ذلك.. بل نفعل العكس.. ندلل هذه الشركات.. ونلحس قدميها.. ونفعل المستحيل لنيل رضائها.. وهو ما يجعلها تركب علي أكتافنا وتهز ساقيها وقدميها.. وهو ما يعني أن نصيبنا العادل من وجود هذه الشركات لا يتحقق.

حررت الحكومة سعر الصرف من أجل عيون هذه الشركات دون أن يهمها التضخم الذي حرق أمعاء ملايين المصريين

وغيرت من قوانين الجمارك والضرائب وحملت المصريين نقص الخدمات في التعليم والصحة الذي ترتب علي نقص الحصيلة.. وأمام العجز في الموازنة العامة وزيادة الدين الداخلي الذي تجاوز حدود الناتج القومي

راحت الحكومة تبيع شركاتها واصولها وبنوكها لتنفق الحصيلة علي دعم رغيف العيش والبنية الأساسية وكأنها تأكل من لحم الحي.

وقد زادت هذه الإجراءات من حجم البطالة والتضخم وعجز الموازنة علي أمل أن تأتي الشركات متعددة الجنسيات باستثمارات وفيرة تخفف من حدة هذه المتاعب الاقتصادية المزمنة دون أن يبدو في الأفق ما يشير إلي ذلك.

200 شركة متعددة الجنسيات بمصر

في مصر نحو 200 شركة متعددة الجنسيات شديدة النشاط ربعها تقريبا تأتي من آسيا حسب ما نشر الباحث الاقتصادي رضا العجوز في كتابه”دور الشركات متعددة الجنسيات في التنمية”.. لا يزيد رأسمالها كلها علي 2796 مليار دولار لم توفر أكثر من 35 ألف فرصة عمل وما وفرته من فرص عمل أقل بكثير من فرص العمل التي كان يمكن توفيرها لو جري تطوير مصانع القطاع العام مثلا

بل أقل بكثير من فرص العمل التي فقدها المصريون بسبب الإصرار علي الخصخصة.. وهو ما يؤكد ولو بنسبة ترجيح معقولة أن فتح البلاد أمام الشركات متعددة الجنسيات له اسباب سياسية أكثر منها اقتصادية

علي الأقل لتظهر المجموعة الجديدة في الحزب الوطني كما لو كانت متوافقة مع العولمة وهو ما اثني عليه الامريكان.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.