تقرير – عبده حامد
انتشرت ظاهرة التسول في البلدان العربية بشكلٍ كبيرٍ في الآونة الأخيرة، ولا شك بأن هذه الظاهرة السلبية مؤشر على وجود عدد من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية في مجتمعاتنا، التي سببت وجود مثل هذه الظاهرة.فأصبحت ظاهرة التسول منتشرة على نطاق عالمي واسع وبأساليب مبتكرة وأشكال مختلفة، وبالرغم من أن هذه الظاهرة قديمة وكانت تمارس من بعض الشرائح والفئات الاجتماعية المعدومة من الناحية الاقتصادية أو من بعض الفئات التي تعاني من أمراض معينة أو ذوي الحاجات الخاصة، ال أنها أصبحت في الوقت الحالي مهنة وحرفة لمن يرغبها حيث انضمت إليها فئات جديدة بخالف ما كان سائد في الامراض وأصبحت تشتمل على جميع الفئات والشرائح العمرية ومن كلا الجنسين فهناك بعض الجوانب والابعاد المتنوعة لهذه الظاهرة منهاالاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والاخلاقية
حيث لا يمكن عزل هذه الظاهرة عن المنظومة الكاملة للمشكلات التي يعانى منها المجتمع والمرتبطة بظروف التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تحدث من فترة زمنية لأخرى
وتعتبر مصر إحدى الدول التي تعاني من زيادة أعداد المتسولين، حيث تؤكد الإحصاءات الصادرة من وزارة الشئون الاجتماعية تزايد أعداد المتسولين في مصر من عام إلى أخر. وتعد ظاهرة التسول في مصر من الظواهر الأكثر تعقيدا أوتشابكا وذلك بسبب تعدد المتسولين وتعدد أشكال ووسائل التسول. وبالرغم من وجود قانون مكافحة التسول في مصررقم 49 لعام 1933 والمعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1974 إلي أن تطبيقه على أرض الواقع لم يتعدى سوى إنذار ولميؤدى إلى معالجة تلك الظاهرة بشكل رادع ، لذلك يجب إعادة النظر في صياغة تشريعات وقوانين التسول لتكون صارمة و رادعة وترجع مسببات هذه الظاهرة في مصر نتيجة تعميق الفقر والجهل وقد تكونفي بعض ا لأحيان ميراث ثقافة مجتمعية من التواكل والتكاسل.
و تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن 7.3 بالمئة من الأطفال العراقيين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما منخرطون في أشكال عمالة الأطفال، وأن 16 بالمئة من هؤلاء الأطفال يعيشون في ظروف صعبة، ووفقا لحسابات تفصيلية فأن أعداد المتسولين العراقيين من الأطفال فحسب تقارب نحو 200 ألف طفل، يضاف إليهم ما يقاربهم عددا من كبار السن عموما والمسنات بشكل خاص.
كرد فعل على هذه الظاهرة، وبعد سنوات من المداولات التفصيلية، فإن الحكومة العراقية قد أقرت أواخر الشهر الماضي مسودة قانون عام لـ”حماية الطفل”، بالتعاون مع مفوضية حقوق الإنسان ومنظمة اليونيسف، وحولته إلى البرلمان لمناقشته وتشريعه قبل تطبيقه، حيث تعهدت الحكومة بأن يكون القانون بمثابة الحل النهائي لهذه الظاهرة.
بينما التسول الإلكتروني وتأثيره الاجتماعي والاقتصادي على المجتمع الأردني من وجهة نظر عينة من مستخدمة الفيس بوك أصبح الوجه أخر للتسول ، فمازال الاستغلال الخاطئ للثورة التكنولوجية خلقت العديد من الجرائم التي نشهد تزايدها المستمر وعلى وجه التحديد المالية منها، هدفت هذه الدراسة إلى محاولة التعرف على ظاهرة التسول الإلكتروني وتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي على المجتمع الأردني، واقتراح الحلول المناسبة للتخفيف من تفاقمها في المستقبل، وقد تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي لوصف وتحليل هذه الظاهرة الاقتصادية والاجتماعية، واستخدمت الاستبانة الإلكترونية لجمع البيانات وتم توزيعها على 500 مبحوث، واختيرت عينة الدراسة بالطريقة العشوائية البسيطة ممن تعرضوا للتسول الإلكتروني من خلال مجموعات اجتماعيه أو ثقافيه داخل الفيس بوك.
وتوصلت نتائج البحث إلى أن للتسول الإلكتروني آثار سلبية على الاقتصاد القومي، وعلى المجتمع على وجه العموم بحيث يضعف الثقة بالمحتاج الحقيقي، ويقلل من التكافل الاجتماعي، ومن أبرز الآثار الاقتصادية السلبية خلق عناصر خاملة عاطلة عن العمل وانعدام مساهمة المتسول في الناتج المحلى الإجمالي، فهو يمثل عبء على المجتمع ويساعد على زيادة معدلات الجريمة ويعرقل النمو الاقتصادي، وكان من أبرزا توصيات الدراسة عمل نشرات توعيه لمستخدمي مواقع التواصل ورجال الإعمال بخطورة انتشار التسول الإلكتروني.
علاج ظاهرة التسول تتّخذ الدول مجموعةً من التدابير والإجراءات اللازمة لعلاج ظاهرة التسوّل والحدّ منها، وفيما يأتي أهم الحلول المقترحة:
تجريم التسوّل: يُمكن الحدّ من ظاهرة التسوّل من خلال اعتبارها جريمة يُعاقب عليها القانون. تقديم الرعاية: ينبغي إقامة مراكز للمتسولين المحتاجين للحماية؛ كي ترعاهم وتحفظهم وتُقدّم لهم حاجاتهم الأساسية والضّرورية. المراقبة: وذلك بوضع برنامجٍ زمني لمراقبة حركة المتسوّلين يومياً.
دراسة الحالة: يُؤدّي إجراء الدراسات الاجتماعية اللازمة على كلّ شخص من المتسولين إلى فهم احتياجاتهم والأسباب الكامنة التي أدّت إلى لجوئهم إلى التسوّل. اتخاذ إجراء: وذلك بإحالة المتسولين إلى الجهات المختصة، وخاصةً الأشخاص الذين يتّخذون التسوّل كمهنة.
المعاقبة: تتّخذ بعض الحكومات العقوبة كوسيلةٍ للحدّ من ظاهرة التسوّل، كالحبس لكل من يتسول في الأماكن العامّة، أو يقود قاصراً للتسوّل، أو يُشجّع على التسوّل، وتُصادَر الأموال المُحصّلة من هذا الفعل .
تقديم الدعم: يُمكن تقديم الدعم اللازم للمتسوّلين بتوفير الوظائف والتدريب المهني المناسب لهم ليتمكّنوا من إعالة أنفسهم وأسرهم، بالإضافة إلى دعم المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة مادياً لإبعادهم عن التسوّل.
الحملات التوعوية: تُعدّ توعية المجتمع حول مخاطر ظاهرة التسول مهمّةً جداً للحدّ منها، ويُمكن تنفيذ حملات توعوية عبر جميع وسائل الإعلام المختلفة، لذلك ظهرت الحاجة لتقديم حلول ومقترحات لعلاج ظاهرة التسوّل والوقاية منها بسبب انتشار وتفشّي الظاهرة في بعض المجتمعات.
التخطيط الإعلامي: وذلك بجمع المعلومات اللازمة عن مدى انتشار ظاهرة التسوّل في الريف والمدن، وتقديم نماذج حيّة لبعض المتسولين والمشاكل التي تُواجههم، بالإضافة إلى إنشاء قضية رأي عام حول الظاهرة وخلق جو مناسب لتمكين العاملين في مجالات الرعاية من تنمية قدراتهم للقضاء على ظاهرة التسول.
الحدّ من الفقر: تُشير أغلب الدراسات إلى أنّ الفقر وتدنّي مستوى المعيشة يدفع الأشخاص بكافة أعمارهم للتسول؛ لذلك فلا بدّ من توفير الاستقرار المادي للعائلات الفقيرة من خلال إنشاء المشاريع التنمويّة، وتوفير فرص عمل للمتسولين، وتمويل الأسر المحتاجة.
أضرار ظاهرة التسول تُشكّل ظاهرة التسول خطراً حقيقياً على المجتمع، حيث تُؤدّي إلى إعاقة مسيرة الحياة من خلال تعطّل العمل وانتشار الأشخاص غير المنتجين الذين يعجزون عن العمل وحمل المسؤوليات، فيعتمدون على غيرهم في تأمين احتياجاتهم، لذلك لا بدّ من الكشف عن الآثار السلبية المترتبة عن ظاهرة التسوّل، ومحاولة معرفة الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية، والأمنية لهذه الظاهرة؛ والتي دفعت بالحكومات لمحاولة اجتثاثها وتقديم الحلول الجذرية للسيطرة عليها، وهذه الآثار كالآتي:
امتهان الكرامة: يُنافي التسول فطرة الإنسان الطبيعية ويُظهره بشكلٍ مهين يُجرّده من الكرامة التي منحه الله إياها. التعرّض للاستغلال: تتسبّب ممارسة التسوّل في الشوارع إلى تعرّض الأطفال والنساء للاستغلال الجنسيّ والمادي، وذلك عن طريق إجبارهم على أفعالٍ منافية للأخلاق مقابل حصولهم على المال.
التسرب من المدارس: يدفع التسوّل الأطفال إلى التسرّب من المدارس؛ لعدم مقدرتهم على التوفيق بين الدراسة وممارستهم للتسوّل، ممّا يؤدّي إلى تدنّي تحصيلهم العلمي وتركهم للمدرسة لاحقاً. مخاطر الانحراف: يُؤثّر التسوّل على شريحة الأطفال والنساء بشكلٍ أكبر من غيرهم، ويجعلهم أكثر عرضةً للانحراف والإجرام بكافّة أشكاله، وممارستهم سلوكيات لها أضرار خطيرة على المجتمع؛ كالإدمان، والتدخين، وغيرها من الممارسات التي تؤدّي في نهاية المطاف إلى تدهور المجتمع.
التعرض للحوادث: يلجأ الأطفال وكبار السن إلى التجوّل في الطرقات وبين المركبات لممارسة التسوّل وسؤال السائقين عن المال، لذلك يكونون عرضةً لحوادث الدهس بشكلٍ كبير. التشرّد في الشوارع: يتشرّد الكثير من الأطفال والبالغين الذين يُمارسون التسوّل في الشوارع، حيث يعتادون على النوم في الساحات العامة، والحدائق، والمتنزهات، ويتّخذونها مأوى لهم.
هدر المال: يؤدّي التسوّل إلى إضاعة الأموال دون فائدة، فالأفضل استثمار الأموال الممنوحة للمتسولين في إنشاء المشاريع الإنتاجية، أو منحها للمؤسسات الخيرية التي تُقدّم الرعاية للأسر الفقيرة العفيفة. أسباب ظاهرة التسول تنتشر ظاهرة التسوّل في المجتمع نتيجة العديد من الأسباب؛ كالعجز الجسدي عن العمل أو عدم إيجاد فرصةٍ للعمل؛ حيث يُواجه ذلك بعض الأشخاص؛ كالمجرمين الذين يخرجون من السجن ولا يجدون وظيفة ليبدأوا حياتهم بها من جديد، بالإضافة إلى وجود بعض المنظّمات التي تختطف الأطفال وتُجبرهم على ممارسة مهنة التسوّل منذ الطفولة المبكّرة، وفيما يأتي أبرز أسباب ظهور وتفشّي ظاهرة التسوّل:
الأسباب الاقتصادية: تشمل الفقر وهو من بين أهم عوامل انتشار ظاهرة التسول في المجتمعات، نتيجة العوز المادي، والحاجة للقمة العيش، والبطالة التي يتّخذها البعض كحجة لتجنّب العمل الذي فيه مشقّة أو تعب، فيلجأ للتسول للحصول على المال بشكلٍ سهل.
الأسباب النفسية: تتضمّن شعور الفرد بالحرمان وحاجته للمال ورغبته في الحصول عليه دون كدٍّ أو تعب، حيث يلجأ الكثيرون إلى التسول جاعلين منه مهنةً يوميةً لهم لما تدرّه عليهم من أموال؛ نتيجة تعاطف الناس مع استجداء المتسولين الكاذب، بالإضافة إلى أسباب نفسية أخرى؛ كشعور الفرد باليأس، والإحباط، والفشل، والعزلة، والإهانة.
الأسباب الأمنية: تنتشر ظاهرة التسوّل نتيجة عدم وجود مخطّط لمواجهة التسوّل والحدّ منه، وغياب الرقابة من قِبل الجهات الأمنية، وعدم وجود قوانين واضحة تردع الأشخاص عن التسوّل.
الأسباب التربوية: يُؤدّي عدم مراقبة الآباء للأبناء وسوء التربية إلى انتشار ظاهرة التسوّل، وانتشار الأمية بين المتسوّلين، بالإضافة إلى حرمان الأفراد من التعليم، أو هروبهم وتسرّبهم من المدراس.
الأسباب الأسرية: وهي إحدى الأسباب البارزة لحدوث ظاهرة التسوّل، ومن أبرزها التفكك الأسري وحالات الطلاق التي تؤدّي إلى فقدان ربّ العائلة الذي يرعاهم ويعيلهم، وتشرّد الأطفال وامتهانهم للتسوّل؛ لعدم مقدرتهم على العمل في مهنة أخرى.
الأسباب الاجتماعية: ومن هذه الأسباب فقدان المتسولين للوازع الدينيّ الذي يُجنّبهم ممارسة التسوّل وانحراف الشباب؛ كالإدمان على تعاطي المخدرات، والتخلّي عن القيم الاجتماعية، وأسباب أخرى؛ كقلة عدد مكاتب مكافحة التسول، وغياب ثقافة التعاون والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد، بالإضافة إلى المرض، والكثافة السكانية، أو الهجرة من القرية إلى المدينة، وضعف وزارة التنمية الاجتماعية.
الأسباب الحيوية: يُمكن أن تكون بعض المشكلات المرضية سبباً في انتشار ظاهرة التسول، مثل: التشوهات الخلقية؛ كالقزامة، والإعاقة الجسدية أو العقلية، بالإضافة إلى الأمراض المزمنة.